شعار التخلف : نحذر المرأة العراقية من التبرج والسفور



مصطفى محمد غريب
2008 / 3 / 19

بعد مرور يوم ( 8 آذار ) عيد المرأة العالمي وما كتب عنه أو احتفل به باعتباره مناسبة جليلة تجعل عميان الحقيقة من الظلاميين والرجعيين والمعادين لحقوق المرأة بأن زمن الحريم قد ولى إلى الأبد إلا في بعض الدول العربية والإسلامية ومنها بعض المناطق في العراق فهم ما زالوا يعتبرون المرأة قد خلقت للبيت والفراش والإنجاب والخدمة هؤلاء الذين لا يرون إلا أنفسهم كسادة والنساء عبيد لهم وعلى ما نعتقد وعلى الرغم من تصوراتهم المريضة وحالة الفوبيا المصابين منها لذعرهم من مجرد الدعوة بمنح الحقوق فهم سيصبحوا نكرة مذمومين لا يريدون أن يفهموا قيمة المراة وقيمة هذا اليوم بقيمتها ومقامها في أي مجتمع كان ، الاحتفال والتذكر شيء جميل يعيد تثبيت الرؤيا للمستقبل كما يحث على متابعة النضال النسوي على تكملة المشوار وتحقيق التوازن المشروع ما بين حقوق المراة وواجباتها وجعل العالم يفقه بان المراة هي العامود الفقري لأي مجتمع يريد التقدم والتطور ولا بد أن يجري دعم النضال النسوي بالوسائل النضالية كافة فبدون هذا الدعم لن تستطيع المراة من الحصول على حقوقها الكاملة المشروعة ولهذا نلاحظ على الرغم من بعض المكاسب التي حصلت عليها النساء في الغرب وبعض الدول فإنها لم تكن بمستوى الطموح الذي ننشده ونطالب به فما زالت الكثير من الحقوق مغيبة وفي مقدمتها عدم التساوي بفرص العمل والاجور والتمييز على أساس الجنس وتعرضهن للعنف، وفي بعض الدول العربية والإسلامية تدخل التشريعات الدينية والفتاوى غير المنطقية لتحجب عنهن الكثير من حقوقهن وتصل في بعض الأحيان إلى اعتبار وجودهن بين أربعة جدران وفرض الحجاب بالقوة من مسلمات التعاليم الدينية وأي خروج عنها يعني الاتهام بتهمة الزنا وبهذا تتعرض الكثير منهن للقتل تحت طائلة وادعاء ما يسمى بقضايا الشرف ومع كل ما جرى من اضطهاد وضغوط فقد استطاعت النساء كسر حاجز الخوف وقدمن أمثلة رائعة في الدفاع ليس عن حقوقهن الاجتماعية والسياسية والثقافية فحسب وإنما المشاركة مع فئات الشعب الأخرى في القضايا الوطنية والطبقية .
في العراق وهو ما نود الإشارة له بدأت قوى الظلام والرجعية والتخلف البحث عن الطرق التي تخدم أغراضهم لتحجيم دور المرأة الضعيف أساسا في عهد النظام السابق وكان السبيل الوحيد تجيير الدين واعتماد الفتاوى الدينية من بعض رجال الدين إضافة إلى وجود نهج مبرمج لتنفيذ ما يخطط خلفه في الكواليس على الرغم مما جاء في الدستور المتناقض أصلاً ومواده التي تريد تعطيل دور المراة وبالرغم من وجود نسبة 20% منهن في البرلمان مع وجود نيات خبيثة للالتفاف على هذه النسبة وسعي محموم لتحجيم دورهن أو تعيين البعض منهن من قبل الأحزاب السياسة الدينية للظهور بمظهر منح المراة حقوقها السياسية ، لكن الفجيعة تقوم خلف الكواليس ، عند الأزقة والأحياء الشعبية عند المدن والنواحي والقصبات والقرى التي تسيطر عليها المليشيات وقوى الإرهاب ، هناك يجب أن يبحث ويدقق المرء او المسؤول الشريف عن حقوق المراة وما تعنيه أن تكون كالحيوان الأليف الذي يربط للفائدة منه ، عليه أن يبحث عن أسباب القتل الذي يلاحق النساء الرافضات للحجاب القسري او الداعيات إلى تعليم المراة لتكون واعية لحقوقها فهاهي البصرة وغيرها من المدن تطلع على تلك الأجساد الطاهرة التي عوقبت تحت طائلة الشعارات التي تكتب على الجدران بخط جميل وملون بألوان الطيف الشمسي ( نحذر من التبرج والسفور والذي يخالف يتعرض للقصاص اللهم اشهد فقد بلغنا ) كم امرأة قتلت على ذمة هذا الشعار وذمة القوى الدينية المتطرفة والإرهابية؟ ومن هو المسؤول عن حماية النساء الذي على ما يظهر يضع رأسه كالنعامة في الرمل ويرفع عجزه كي لا يرى ما يجري من فواجع وسلب الحقوق او يتفق على ما يجري ضدهن ولكن بطريقة عمى البصيرة والتغاضي عن المجرمين.. ما هو دور الأحزاب السياسية الدينية التي تشجع على ظاهرة كم الأفواه فيما يخص الجرائم التي ترتكب بحق النساء وبحجج أخرى، إن الذي يتابع عمليات اغتيال النساء سيجد نفسه أما حالة متشابهة من نوعها فالقتل يوظف تحت أسماء عديدة بما فيها تهمة الزنا التي عمل بها النظام السابق وعاقب النساء المعارضات للنظام ومادامت التهمة نفسها فليس من الغريب أن المنفذين ينتمون لمدرسة واحدة .
لقد مر عيد المرأة ( 8 آذار ) والكثير من النساء العراقيات يعانين ظروفاً مأساوية تنوعت أسبابها فبالإضافة إلى الطوق الطائفي الإرهابي بتغيب الحقوق ومحاصرتهن ومحاربتهن وصولاً إلى الاغتيال والتشويه فهناك عشرات الآلاف منهن مشردات يعشن حالة الغربة الداخلية عن بيوتهن ومناطقهن حيث هجرن وعائلاتهن إلى مناطق أخرى في ظل ظروف اشد قسوة وعذاب بسب التناحر بين القوى الطائفية مما أدى أيضاً إلى هروب الآلاف منهن من العراق واللجوء وعائلاتهن إلى بلدان الجوار وبخاصة سوريا والأردن مما ضاعفت الغربة عن الأهل والوطن أوضاعهن المأساوية، إن ظروف العربة التي أشير لها في الكثير من وسائل الإعلام العربية والعالمية دليل آخر عن مدى الاستهتار واللامبالاة بحياة المرأة وعموم المغتربين والهاربين من الاحتقان والاقتتال الطائفي بين المليشيات المسلحة وقوى الإرهاب وعجز الحكومة من حمايتهم والدفاع عنهم وتأمين عودتهم إلى ارض الوطن.
لترتفع عالياً أصوات الخيرين من أبناء شعبنا وجميع الخيرين في العالم تضامناً مع النساء العراقيات وفضح الادعاءات والشعارات الظلامية التضليلية التي تنادي بعقابهن بسبب المطالبة بحقوقهن وحرياتهن المشروعة التي تجعل من المرأة نصف المجتمع بشكل حقيقي لا اعتماداً على اللفظ من اجل الكسب الحزبي السياسي الضيق.