الحركة النسوية توجه صفعة قوية بوجه الاسلام السياسي ومجلس الحكم



سمير عادل
2004 / 1 / 15

   اكثر من 80 منظمة نسوية  تتجمع في بغداد احتجاجا ضد قرار مجلس الحكم الذي يقضي بالغاء قانون الاحوال الشخصية واحلال القوانين الاسلامية محله. هذه الحركة الاحتجاجية للنساء في بغداد، هي رسالة واضحة لجمهورية الارهاب والدم في ايران وعملائها في العراق بان المجتمع العراقي ليس بمجتمع اسلامي. واذا كانت الحكومات الغربية في غفلة من الزمن اختطفت راية الحرية من الجماهير  في ايران لتنصب عصابة الملالي كي تجهض ثورة 1979وقمع المد اليساري والتحرري، فأن اعادة ذلك السيناريو تكاد تكون معدومة في العراق. لانه ببساطة اثبتت تجربة الجمهورية الاسلامية في ايران ان حكومة الملاليي لا تجلب غير القهر والاستبداد وكل اشكال التمييز والفقر وانحطاط ابسط القيم الانسانية.
فبعد ثلاثة عشر عاما من الحصار الاقتصادي الذي فرض التراجع المادي والمعنوي على جماهير العراق وعلى المدنية، وخلال تلك الاعوام لبس البعث الفاشي القومي الزي الاسلامي وفرض حملته الايمانية بالسيف على المجتمع، وبعد عاما من الحرب والتخريب والدمار والبطالة والجوع، لم يلق ذلك القرار الرجعي غير الاستنكار والاستهجان وترديد الشعارات  بسقوطه من قبل الحركة النسوية الصاعدة في العراق.  ان هزيمة قرار 137 اللانساني لم بكن بفعل استخدام بول بريمر حق الفيتو ضده، بل جاءت عن طريق احتجاجات التيار العلماني والمساواتي ودعاة الحرية. فللادراة الامريكية وبول بريمر يعود الفضل في ادخال مجاميع الاسلام السياسي في مجلس الحكم التي كانت بمثابة هدية لها على دورها السياسي والاعلامي لتمرير سياسة امريكا اللانسانية في العراق. فلو لا حراب القوات الامريكية لما كان للاسلام السياسي ان يرفع راسه اويتجرأ  لفرض قوانين تحتقر الانسانية وتوجه الاهانة لكرامة البشر. الا ان نفس بول بريمر الذي ساهم في تشكيل مجلسا يضمن الاكثرية لقوى الاسلام السياسي، اصعقته احتجاجات الحركة النسوية في بغداد، مما دفعه ان يوقف تنفيذ القرار لاحتواء تداعياته والتي ستفجر الوضع وتفاقم المشاكل امام الادارة الامريكية الحاكمة في العراق التي تتصاعد يوما بعد يوم اصوات النقمة وتتوسع رقعة الاعتراض ضد وجودها في العراق، بسبب استمرار انعدام الامان والخدمات الاجتماعية والبطالة. فبول بريمر ومرؤوسيه في البيت الابيض الذين قسموا المجتمع العراقي على اساس قومي وديني وطائفي وعشائري وكل ما يطمس الهوية الانسانية، على استعداد لعقد صفقة مع الشيطان اذا ما خدمت مصلحة امن قواتها وانتزاع النصر العسكري والسياسي في العراق. وعلى الرغم ان مجلس الحكم  لا يعدو اكثر من غطاء واضفاء الشرعية للوجود الامريكي في العراق وان جميع قراراته غير نافذة، الا ان اصدار ذلك القرار هو مناورة من كتلة الاسلام السياسي لمعرفة رد فعل التيار التحرري في المجتمع العراقي. ومن جانب آخر تحاول ان تفرض الاسلمة على المجتمع العراقي وتفرض القوانيين الاسلامية رويدا رويدا دون الدخول في مواجهة حاسمة مع المجتمع في حالة تنفيذ القوانين الاسلامية جميعها . وللامانة نقولها كانت مناورة غبية فرضت تراجعا اخر عليها. وبينت بأن العراق ليس افغانستان وان الحركة التحررية ضاربة جذورها في المجتمع. وان سنوات القهر والاستبداد وصرف المليارات من الدولارات على بناء الجوامع والمساجد في عراق صدام حسين، واطلاق العنان لقوى الاسلام السياسي والمساومة مع اطراف منها وتقديم الدعم لها وسن قوانينها البربرية  بحراب فدائي صدام، اقول لم يستطع كل ذلك من قهر دعاة الحرية والمساواة في المجتمع لعراقي. 
 وكلمة اخيرة نقولها لقوى الاسلام السياسي وهي: صحيح ان اطاحت النظام البعثي الفاشي في العراق جاءت على يدي القوات الامريكية وليس بتدخل الجماهير. و كان التزام الصمت والترقب من قبل جماهير العراق كان بحد ذاته رسالة الى النظام البعثي بان مصيره لا تكترث له لكبر حجم الجرائم التي قام بها. والصحيح ايضا انها دخلت الى مجلس الحكم كما قلنا بقرار امريكي. لكن الصحيح ايضا، ان نفس الصمت الذي كان عاملا مساعدا وقويا في اطاحت حكومة صدام، يكشف بان جماهير العراق لن تسكت على ادامة جرائم البعث واهانتها للانسان من قبل قوة اخرى وبزي آخر. ولقد اثبتت ذلك.