لن تكون المرأة إمعة بدون حقوق إنسانية



مصطفى محمد غريب
2008 / 7 / 14

فيما تتطور القوانين لصالح حقوق المرأة في أكثرية دول العالم نجدها تتراوح في بلداننا حتى وكأنها هي المعضلة التي تجابهنا ولهذا ينبري البعض للحط من قيمتها وإنسانيتها ومن حقوقها المشروعة ومع كل ذلك تبقى المرأة ركن أساسي في البناء وتجديد الأجيال أما الذين يحاولون طمس هذه الحقيقة من قبل البعض من الساسة ورجال الدين فيعتبرونها ناقصة عقل ودين وهي مقولة دحضت وهي تشاهد بأم عينيها ما فعلته وتفعله النساء في مجالات السياسة والعلوم والتكنلوجيا والأدب والثقافة والشعر والإمكانيات الفكرية والجسدية التي تضاف يوما بعد آخر إلى القدرات التي تتمتع المرأة بها والتي تعني ضرورة وضعها في المكان المناسب ووفق قوانين تقدمية تسن على أساس المصلحة المشتركة ما بين حقوق المرأة وواجباتها وعدم المس بها والحرية الشخصية للأفراد التي تكفل بها الدستور العراقي الجديد لكن الذين في قلوبهم مرض الجاهلية والفكر المناهض للتقدم والتطور يحاولون استغلال الدين الإسلامي لمحاربة المرأة والتطاول عليها وعلى حريتها وحقوقها وباسم الدين والتشريعات وإصدار الفتاوى من قبل البعض مما يعقد النظرة السمحة التي ينظر فيها الدين لمصالح المرأة من حقوق وواجبات فضلاً أن دور المرأة لم يكن يوماً من الأيام إلا من اجل منفعة المجتمع وتطويره ولعل الذين يريدون من المرأة إمعة ليس لها حول ولا قوة مجرد قطعة من أثاث البيت يتحكمون فيها وهم في حالة خوف وذعر من تعليمها وتطويرها ومشاركتها في بناء الوطن هم أنفسهم الذين يجتهدون بالضد من حقوقها وحريتها الشخصية ويفسرونها حسب ما تمليه عليهم مصالحهم وأهدافهم ومفاهيمهم المتخلفة وفيما تقر مثلما اشرنا الكثير من دساتير البلدان حول حقوق الفرد وحريته فيما يختار على شرط أن لا يسيء للمجتمع أو الآداب العاملة ينبري هاشم الطائي النائب في البرلمان العراقي ليهاجم النساء السافرات في خطبة الجمعة ومن جامع الشواف في بغداد وهو بذلك يشذ عن القاعدة المعروفة ب 25% موجودات في مجلس النواب من المجموع وفيهن سافرات يتحملن الضغوط والتهديد من قبل القوى التكفيرية والأصولية الاظلامية أكثر منه ومن غيره في البرلمان العراقي ونعتقد أنه يموت كمداً وهو يراهن يناقشن أو يتكلمن بدون أي اعتبار كونه رجل وهن نساء لكن المشكلة ليس في هذا النائب فقط وإلا كانت المسالة سهلة جداً المشكلة أن هذا الرأي يستند إلى قاعدة من الموروثات المتخلفة تعتقد إن بالامكان إعادة التاريخ للوراء ولا تفهم ما جرى من تطورات كبيرة على العالم وهي بعيدة كل البعد عن العلوم والاكتشافات بل تراها في بعض الأحيان بدع من الضلالة وكل ضلالة في النار ولهذا هي تمنع الناس من الاستماع إلي الموسيقى والغناء وتحرق محلات بيع الكاسيتات الغنائية لا بل وصل الأمر بقتل أصحابها وترفض دور السينما وتجد في التلفزيون طريقاً فاسداً وغيرها من وسائل الراحة الإنسانية والمعرفية والثقافية والجمالية والأكاديمية وتحرم الكتب والمؤلفات التي لا تدعو للتطرف بل إلى الحضارة والعلمانية لأنها تعتقد أن هذه الوسائل تحرر الوعي الاجتماعي من ترهات كثيرة وتجعله يعي الأحداث ويفهم أين تقع المصالح وتحرر العقل من أوهام القرون المتخلفة وتجعله منفتحاً ومتطوراً يتقبل الجديد ويتفاعل معه ومع التطورات التي تحدث في إرجاء المعمورة كما أنها تجعله يدرك الأوضاع السياسية ومصالح القوى ولا يضع إبهامه بشكل أعمى أو بخديعة معينة وبدون دراسة وتحليل لتلك القوى في داخل البلاد أو خارجها وبالطبع فان كل ذلك يرعبها ويخيفها لأنها ستجد أنها غير مقبولة ومرفوضة من قبل الأكثرية التي تتحول تدريجياً من تابع يتبع التعاليم " أطرش أخرس لا يبصر " إلى متفهم بوعي متحرر يفهم الاختلاف والفرق ما بين البرنامج السياسي العلمي وبين التهريج والتخلف الرجعي ويدرك في أول الأمر أن المرأة هي نصف المجتمع ولا يتفق مع الذين يرونها عورة كما كان في زمن الجاهلية بل يطالبون بموقف جاد من حقوقها والاعتماد عليها وتخليصها من بقايا التخلف والاستبداد والسيطرة غير الطبيعية والحجر اللاانساني لها واستغلالها اشد الاستغلال بدعوى أنها امرأة ضعيفة وعليها أن تخضع للرجل مهما كانت الأسباب حتى لو كانت ظالمة وبخلاف حتى مع التعاليم والوصايا الدينية والقوانين الوضعية في هذا المضمار، لقد منحت المرأة وبفضل كفاحها الطويل البعض من الحقوق غير الكاملة وهي ما زالت تكافح من اجل استكمال حقها بالمساواة الطبيعية في مجالات العمل والأجور والحقوق السياسية والاقتصادية والمطلبية ولن تصبح بعد هذه الرحلة الشاقة والتضحيات الجسام إمعة يملى عليها بالضد من شخصيتها وإنسانيتها، وليمت كمداً من يفكر بطريقة عرجاء وبعقل مشوش وبفكر يرى في النور ضلالة وفي الظلام الطريق المستقيم وبالتخلف العقلي ذكاءً والتعصب الطائفي حرية الرأي والتطرف الديني مسامحة وغفران، وكل من يفكر أن المرأة مكانها البيت والأولاد والخدمة وتنفيذ الرغبات الجنسية ليس أكثر سيجد نفسه لا محالة متخلفاً وخاسراً وسيلفظه التاريخ كما لفظ الكثير من الترهات والتقاليد البالية التي كانت تساهم ليس في تخلف المرأة فحسب بل المجتمع كله .