بيان 8 مارس 2004



النهج الديمقراطي العمالي
2004 / 3 / 11

يحل اليوم العالمي للمرأة هذه السنة في ظروف دولية تزداد فيها شراسة الهجوم الإمبريالي العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على شعوب العالم التي تحتل أرض العراق وتنهب خيراته وتمزق وحدته الوطنية وتقيم نظام حكم من صنيعها يدوس على كرامة الشعب العراقي ويأتمر بأوامر أسياده اليانكيين. بينما يطلق العنان للعصابات الإرهابية الصهيونية بقيادة الجزار شارون لإبادة الشعب الفلسطيني البطل وتقتيل طلائعه المناضلة على مرأى ومسمع أنظمة الذل والخيانة العربية.

وتأتي هذه الهجمة في سياق التحولات العالمية المرتبطة بالعولمة الإمبريالية التي تتسم ببزوغ "عهد جديد" من الغزو الاستعماري، تقف وراءه الشركات المتعددة الاستيطان والمجموعات الصناعية (المدنية والعسكرية والمالية) المهيمنة على العالم، والهادفة إلى غزو الأسواق والتحكم والتملك لخيرات العالم وثرواته. وفي سباقها المحموم من أجل إحكام سيطرتها وتحكمها في خيرات بلدان العالم وشعوبه، تقوم "الرأسمالية المعولمة" بتدمير العديد من الصناعات والقطاعات الإنتاجية مسببة في فقدان مناصب الشغل وانتشار العطالة وهشاشة الشغل والتهميش وتكثيف استغلال العمال والنساء والأطفال بشكل لم يسبق له مثيل. فتحت شعار "مرونة الشغل والأجر" يتابع الهجوم ضد استقرار العمل وضد التشريعات الاجتماعية من أجل تفكيكها. ويرافق ذلك، ضرب مجانية التعليم والصحة والتغطية الاجتماعية ودعم المواد الأساسية وتدمير البيئة وتكريس الاختلال في التوازنات الطبيعية. ومن نتائج هذه السياسات التفقير المستمر للجماهير الكادحة والشعبية. وتعاني الجماهير الواسعة من النساء من تزايد الفقر (ظاهرة تأنيث الفقر المنتشرة عالميا) والتمييز ضدهن والفوارق في الأجور والعنف والانتحار وتحويلهن إلى سلعة وأداة للإشهار والإثارة الجنسية في سوقي البضائع والخدمات (السياحة الجنسية) والعهارة اللذان يعرفان اتساعا عالميا.

على المستوى الوطني، تزداد أوضاع النساء سوءا من سياسات الليبرالية المتوحشة المتبعة من طرف النظام الرأسمالي التبعي الممخزن ونتيجة الأزمة الاقتصادية والسياسية المرتبطة بأزمة الرأسمالية التبعية المتعمقة باستمرار نتيجة النظام الاقتصادي الكمبرادوري الطفيلي القائم على نهب الخيرات الطبيعية للبلاد وعلى احتكاره الأرض في البوادي والمدن، واحتكار الموارد المائية والمنتوجات البحرية، واقتصاد الامتيازات ونهب المال العام، وعلى استغلال المافيات المخزنية للمواقع السياسية في الدولة والأجهزة الأمنية لتحقيق نوع من التراكم على حساب المصالح العامة للبلاد، وتعاني الطبقة العاملة المغربية من الاستغلال المكثف ومن نتائج سياسات الليبرالية المتوحشة التي تكرسها مدونة الشغل الجديدة ومشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب الذي سيتم تمريره في برلمان مزيف.

في ظل هذه السياسات، تعرف الغالبية العظمى من النساء المغربيات تدهورا مستمرا لأوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية ويتحملن بحكم الاضطهاد المزدوج العبء الأكبر من نتائج الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد. وستزداد هذه الحالة سوءا مع دخول اتفاق "التبادل الحر" مع الولايات المتحدة (الذي هيئ في كتمان تام عن القوى الحية للبلاد وعن منظمات المجتمع المدني التي ووجهت بالقمع الشرس عند احتجاجها السلمي على ذلك) مرحلة التنفيذ.

هكذا، إذن ترمى النساء والأطفال في جحيم الاستغلال الاقتصادي والجنسي والهجرة حيث يتعرضون لأبشع أشكال الاستغلال على يد تجار وسماسرة العهارة. بينما تمثل مناطق التبادل الحر مجالا جديدا للاستغلال البشع لليد العاملة النسائية دون أدنى شروط الحماية أو المراقبة.

وفي ظل استمرار ديمقراطية الواجهة القائمة على السعي الدائم إلى مخزنة النشاط السياسي بالبلاد عبر تلغيم وتلجيم وفرملة وقمع النضالات الاحتجاجية والمطلبية للشعب المغربي، وعبر محاولات التحكم المباشر والغير المباشر في منظمات المجتمع المدني، وتغييب المسألة الدستورية وعدم طرح مسألة عدم الإفلات من العقاب في الجرائم السياسية والاقتصادية وقمع الصحافة وتلجيمها، يقوم النظام المخزني بتمرير أخطر القوانين المنافية لحقوق الإنسان، والتي تضرب في العمق حرية التعبير والتنظيم والاحتجاج وغيرها (مدونة الشغل، قانون الأحزاب والصحافة والحريات العامة وقانون مكافحة الإرهاب).

وبعد سنوات من التماطل والتسويف، واكبتها حملات من التشهير بالفكر الحقوقي والعلماني، أخرج النظام مدونة الأسرة الجديد تحت ضغط نضالات الحركة النسائية الديمقراطية والحقوقية والقوى السياسية الديمقراطية في سياق وضع دولي مناهض للأصولية باسم محاربة الإرهاب....

وعلى الرغم من بعض التعديلات الإيجابية الضئيلة التي جاء بها هذا القانون، والتي تم انتزاعها بفضل النضالات المستميتة للحركة النسائية الديمقراطية والحقوقية فإنها تبقى جزئية ولا تمس الجوهر التمييزي لهذا القانون مما يكرس التعامل المخزني مع المطالب المدنية للنساء ضمن منطق يرهنها في الحقل الديني كوسيلة لتأبيد دونية المرأة وتبرير الاضطهاد والحيف والتمييز الذي يطالها.

إن النهج الديمقراطي، وهو يوجه تحية النضال والصمود لكل نساء العالم في يومهن الأممي:

* يحيي نضالات المرأة المغربية والمرأة العاملة بالخصوص في مختلف الميادين التي تواجه فيها السياسة الطبقية للنظام المخزني والإجراءات التمييزية التي تتضمنها، ويطالب باحترام حقوق النساء في التشريع وفي الواقع.

* يدعو إلى مواصلة النضال من أجل قانون أسرة مدني يضمن المساواة بين الجنسين داخل الأسرة والمجتمع.

* يدين كل السلوكات والخطابات التي تمارس الإرهاب الفكري ضد القضايا العادلة للمرأة.

* يجدد مطالبته بوضع حد لتدهور صورة المرأة في المجتمع وخاصة في وسائل الإعلام المختلفة، وفي المناهج التعليمية.

* يحيي الإطارات الحقوقية والنسائية والنقابية والجمعوية المناضلة من أجل حقوق النساء.

* يعبر عن مواساته الكاملة لعائلات وذوي ضحايا الزلزال الذي ضرب مدينة الحسيمة وضواحيها، ويهيب بكل القوى الحية بالبلاد وبالشعب المغربي لمواصلة الدعم والتضامن مع أسر وذوي الضحايا وسكان المنطقة.

* يعلن عن تضامنه الكامل مع الشعبين الفلسطيني والعراقي ومساندته التامة للنضال البطولي الذي يخوضانه ضد الاحتلال الصهيوني والأمريكي،.وكذا تضامنه مع جميع النساء والشعوب ضحايا العولمة والحروب الإمبريالية.

وأخيرا فإن النهج الديمقراطي، وتمشيا مع مواقفه المبدئية من القضية النسائية، يعتبر أن نضال النساء من أجل تحررهن جزء لا يتجزأ من النضال العام الهادف إلى بناء مجتمع خال من الطبقات الاضطهاد والاستغلال.

السكرتارية الوطنية للعمل النسائي