نزول حواء العراقية الى العالم السِفلي



ميسون البياتي
2010 / 9 / 19

كما يغازل الشاعر الكبير نزار قباني الحياة على صورة إمرأه , أنا أكتب شعراً صوفياً بديعاً مناجية الحياة على صورة رجل .
حقيقة أنا لم أطلع أحدا ً على أشعاري البته , لكني في الفترة الأخيرة قررت أن أطبعها على شكل ديوان , وأعتقد أنه سيقارن مباشرة بكتابات خالد الذكر جبران خليل جبران .
قد يسألني سائل : وما المشكلة في ذلك يا ميسون ؟ فأقول : أنحني إحتراما ً لرائدة الشعر الحر الراحله الكبيره الست نازك الملائكه أنها حين نشرت ديوانها الرائع ( شظايا ورماد ) عام 1948 ومجموع قصائده مكتوبة على لسان إمراة دمرها عشقها من طرف واحد لرجل , حتى تحولت الى شظايا ورماد ... فإن أحداً لم يجرؤ على سؤالها : من هو سعيد الحظ المعني بذلك ؟
وحين كتبت الشاعرة الكبيرة لميعه عباس عماره أروع قصائد الغزل في ديوان ( لو أنبأني العراف ) عام 1979 فإن احداً لم يجرؤ أيضاً على سؤالها ذات السؤال .
وحين رسمت الشهيدة ليلى العطار صورة جسدها عارياً في لوحاتها .. فإن أحداً وهو يتأمل إبداعها لم يخطر على باله أن يسألها : لمن تتعرين يا ليلى في لوحاتك ؟
وفي الآونة الأخيرة حين نشرت القاصة الجزائريه أحلام مستغانمي روايات مثل ( ذاكرة الجسد ) و ( عابر سرير ) فإن أحداً لم يتجرأ هو الآخر على سؤالها عن مصدر الإلهام الذي أوحى لها بكل هذا .
أما الصحفيه السوريه سلوى نعيمي فقد نشرت قبل حوالي عام رواية إباحية عنوانها ( برهان العسل ) تلقتها الأوساط الثقافية بكل تقدير وإحترام .
نعم ... هذا هو حال الطبقة المثقفة بجميع أطيافها التي تعيش في الشرق الأوسط , لكن المتغير الكبير الذي وقع في العراق في عهد الديموقراطيه الأمريكية المفروضه بقوة الدبابه .. أحدث فجوة أخلاقية هائلة , فجوه لا يمكن أن توصف إلا على أنها حالة نزول الى العالم السِفلي ( بكسر السين ) والمشتقه من السفالة ... وليس العالم السُفلي ( بضم السين ) والمشتقه من ظرف المكان ( أسفل ) .. خصوصا ً عند التعامل مع النساء وإليكم هذه الأمثله :
المثال الأول :
قبل حوالي عامين كتب أستاذ فاضل ماده منشوره عن عمي الشاعر عبد الوهاب البياتي ( نبش فيها قبر البياتي ) وحين كتبت له رداً يحفظ إعتبار عمي .. أجابني الأستاذ الفاضل بتعليق لم يكن يخطر لي على بال أو خاطر حين قال : (( وأين زوجك سيدتي ؟ )) ولا أدري ما هو سبب التساؤل عن مكان زوجي ... إلا اذا كنا نتحاور في مضيف .. وأنا لست أكثر من ( حرمه ) يستنكفون من الرد عليها ويسألون عن زوجها حتى يكون الكلام بين ( زلم ) . والآن وبعد أن مر كل ذلك الوقت على هذه الحكايه أقول بأمانه : ليس لدي لوم أو عتب على الأستاذ .. لكني ساخطه على الديموقراطيه الأمريكية المفروضه بقوة الدبابه لأنها دمرت قيم العراق الأخلاقيه حتى بات كرام الناس يتعاملون بهذا المنطق واللغه .
المثال الثاني : قبل حوالي أسبوعين نشرت مقالاً عن سرقة حصة العراقيين في 100 ألف برميل من النفط المصدر يومياً من حقل خورمالا النفطي في كركوك .. فإنبرى لي أستاذ فاضل آخر وسألني سؤالاً في رده ( الهاديء ) كما يدعي , موجهاً لي فيه سؤالاً عجيباً يقول (( لماذا تخليت عن زوجك ؟ )) وأنا لا أدري ما الرابط بين علاقتي بزوجي _ وسرقة حصة العراقيين في 100 ألف برميل نفط !!؟
في الحقيقة أنا لا أرد على هكذا مقالات .. فللناس توجهات مختلفه وأذواق فيما يشتهون .. ولو تشابهت التوجهات والأذواق .. لبارت السلع ,, ولو كنت أرد .. فقد كان حرياً بي أن أرد على السب والشتيمه الذي تنشره ضدي بعض المواقع المشبوهه .
لكني أود توضيح نقطه واحده .. أنا كنت زوجة ثانيه لرجل متزوج وأب , وكان الإتفاق منذ البدايه أن أبوة هذا الرجل لأولاده من كلتا الزوجتين لا يعلو عليها رابط .
حين حصلت مشكلتي مع الحكومة في العراق إضطررت للمغادره على عجل مع إبني ... وتخليت عن زوجي لمصلحة أولاده فليس من المعقول أن يدفع ابناء زوجي وهم أطفال ثمن موقفي من الحكومه , خصوصاً وأني قوية وشجاعه وأعرف كيف أتدبر أموري .
حين قتل عمي الشاعر عبد الوهاب البياتي في دمشق وضايقتني السفارة العراقيه في طرابلس ليبيا إتصلت بزوجي وطلبت منه أن يكون الى جانبي .
حين قدَّم طلباً لمغادرة العراق أحاله ( همام عبد الخالق ) وكان وزيراً للإعلام الى خمس لجان تحقيقيه خاصه .. لم يتمكن زوجي من الإفلات منها إلا بتعهد للحكومة في بغداد بأن يعيدني الى العراق ومهما كان الثمن .
حين إلتحق بنا في ليبيا كان حالنا كعائله يصعب على الكافر .. مدمرين بين ملاحقتي أنا في الخارج وبين الرعب من أن تتعرض زوجته وأولاده في بغداد الى أية ملاحقه .
واصلنا الهروب والتخفي حتى وصلنا مسقط .. عندها وصلني أمر الحكومة بالعودة الى العراق , وكان زوجي معنا وهو الذي دبر كل إجراءات تهريبنا أنا وإبني الى نيوزيلندا .. لكنه لم يدخل العراق حتى العام 2004 بعد سقوط النظام , وأنا ممتنة له على بسالته وموقفه الشجاع والبطولي والذي لا يجازى .
أما بقية الكلام المنشور في مقال الأستاذ صاحب الرد فهو إرهاصات لا تستحق الرد عليها , لأنها لا تتعلق بجوهر الموضوع وهو سرقة حقل نفط خورمالا ..... وكنت أود أن لا أقرأ مثل هذا الكلام من إنسان فاضل وكاتب مرموق له كل الإحترام والتقدير . وأنا لا أعتب عليه في كل ما قاله .. لكني ساخطة مرة أخرى على الديموقراطية الأمريكيه المفروضه بقوة الدبابه أنها دمرت قيم العراق الأخلاقية حتى بات كرام الناس يتعاملون بهذا المنطق واللغه , وهما عيب على قائلهما وليس على متلقيهما .
ونعود الآن الى موضوعنا الأصلي وهو نشر ديواني الشعري الأول ههههههههههههه صدقوني أنا متحرجة من النشر جداً .. عندي يقين ما دمنا قد وصلنا الى هذا العلم السِفلي ... فإن أحدهم سيتجرأ ويسألني : هل هذا الشعر مكتوب لزوجك .. أم للآخر الذي هربت معه ؟
ولن أعرف ساعتها كيف أجيب في عالم أريد فرض نفسي فيه كإنسان .. لكنه يصر ببداوة مقيته على معاملتي كإمرأه .