معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد 5



رياض العصري
2010 / 12 / 10

5 ـ شؤون الاسرة
عقيدة العصر الجديد هي عقيدة اجتماعية بالدرجة الاساس وليست نظرية سياسية او اقتصادية ، لها ثوابت ومنطلقات مبدأية في المجال السياسي والاقتصادي ولكنها لا تتبنى نظرية سياسية معينة او نظرية اقتصادية معينة ، نحن نؤمن بأن في المجال الاجتماعي يجب ان تكون هناك نظرية اجتماعية واحدة وقانون واحد للاحوال المدنية يخضع له جميع افراد المجتمع ولكن في المجال السياسي والاقتصادي يجب ان تكون هناك تعددية في النظريات والاراء لكي تتوفر فرص وخيارات وأساليب عديدة امام المجتمع في حركته نحو اهدافه وتطلعاته ، وجود التعددية مع حق اختيار الافضل والاصلح هي روح الديمقراطية التي نؤمن بها ، وبالنظر الى تأثر المجتمع بطبيعة النظام السياسي وتوجهاته الاقتصادية فان ثوابتنا في المجال السياسي والاقتصادي انما تهدف الى الحفاظ على الركائز الاساسية للكيان الاجتماعي من الانكسارات السياسية والاقتصادية التي قد يمر بها أي مجتمع ، وحيث ان عقيدتنا هي عقيدة اجتماعية فان فلسفتها تتخلص في تنظيم الحياة الاجتماعية وفق أسس حديثة معاصرة تنسجم مع معطيات عصرنا الحالي في مجال العلوم والآداب والفنون وما تحقق في هذا العصر من تقدم وتطور هائل في الوسائل والمعدات والاجهزة لصالح رفاهية البشر، اننا نعيش حاليا في عصر المعرفة حيث يتميز بالكم الهائل من المعلومات التي كانت مجهولة في القرون السابقة ، فبفضل العلم وانجازاته استطاع الانسان ان يكشف الكثير مما كان مجهولا في العصور الماضية ، واصبح الانسان اكثر معرفة واكثر حرية واقتدارا في التعامل مع ظروف البيئة واسرار الطبيعة لتحسين معيشته وزيادة رفاهيته ، كما تميز عصرنا هذا بمزايا السهولة واليسر والسرعة في عملية انتقال وتداول المعلومات بين البشر ، وبالتالي لم تعد هناك اسرار وخفايا ومحرمات لا يطلع عليها أحد فكل شيء متيسر ومباح دون قيود ، لقد صنعت لنا تكنولوجيا العصر كل الوسائل والادوات التي تسهل لنا متطلبات حياتنا فأصبحنا امام واقع جديد وتغيرت تبعا لذلك نظرتنا الى الاشياء التي من حولنا وتغيرت اساليبنا في تعاملنا مع بعضنا وتغيرت طبيعة حياتنا الاجتماعية ،هذه التغيرات حملت معها عوامل الحيرة والتمزق للانسان في مجتمعاتنا اذ جعلته يعيش بين مطرقة الحاضر المتجدد باستمرار وبتسارع وبين سندان الماضي المتآكل والمتهالك الذي مازال يتحكم بعلاقاتنا الاجتماعية ، لقد شهدت مسيرة الحضارة البشرية منذ قرن ونصف تحولات عظيمة في نمط الحياة الاجتماعية للبشر ووسائل معيشتهم لم تشهدها جميع القرون السابقة ومن ضمنها القرون التي تأسست فيها الاديان والعقائد ، فتغيرت معالم حياتنا الاجتماعية تغيرا كبيرا ولم تعد العقائد القديمة تصلح لتنظيم حياتنا الاجتماعية ، ومن هنا كانت الحاجة ماسة الى نظرية اجتماعية جديدة تستوعب المتغيرات التي حدثت في حياتنا الاجتماعية المعاصرة وتزيل حالة التشتت والضياع والصراع بين مفاهيم الماضي ومتطلبات الحاضر ، نظرية تتعامل مع معطيات عصرنا الحالي بعلمية وواقعية وتضع تلك المعطيات في الاطار العقائدي الصحيح الذي يحفظ القيم الانسانية والمفاهيم الاخلاقية باعتبارها دعائم الحياة الاجتماعية ، نظرية تعزز انتماء الانسان الى هذا العصر دون تفريط بالكرامة الانسانية ، فمهما تتغير معالم حياتنا وتسود فيها الآلة والتكنولوجيا يبقى الانسان هو الهدف الاسمى ، ولكل تلك المبررات جاءت انطلاقة عقيدة العصر الجديد بنظريتها الاجتماعية المعاصرة لتواكب مسيرة الانسان في رحلته مع الحضارة .
تتمحور النظرية الاجتماعية لعقيدة العصر الجديد بالدرجة الاساس حول الاسرة مفهوما ومكونا حيث ينبثق منها الانسان ليكون فردا في المجتمع ومواطنا في الوطن ، فتعالج هذه النظرية شؤون الاسرة من حيث تكوينها وتأسيسها ونظامها والعلاقات داخل الاسرة والدور التربوي للاسرة والمهام الملقاة على عاتق افراد الاسرة ، وتخصص هذه النظرية جانبا كبيرا منها للمرأة ودورها في الحياة الاجتماعية ، لانه اذا كانت الاسرة عماد المجتمع ، فاننا نعتقد بان المرأة هي عماد الاسرة ، بصلاحها صلاح الاسرة وصلاح المجتمع ، وبفسادها فساد الاسرة وفساد المجتمع ، ولا نجافي الحقيقة اذا قلنا ان أخلاق المجتمع من أخلاق نسائه ، لان الانسان يتلقى من أسرته وبالتحديد من الام منذ طفولته أولى دروس التربية في السلوك والاخلاق ، والام عادة تربي ابنائها وفقا للقيم الاخلاقية التي نشأت عليها وتغرس في نفوسهم المفاهيم والسلوكيات التي تتعاطاها ايجابية كانت أم سلبية ، كما اننا لا نبالغ اذا قلنا ان نهضة المجتمع وتقدمه من نهضة وتقدم نسائه ، لان للمرأة دور مهم جدا في توجيه ابنائها لكي يكونوا مواطنين صالحين يصنعون مستقبلا افضل لانفسهم ولبلادهم من خلال توفير الجو الدراسي المناسب لهم داخل المنزل وحثهم وتشجيعهم على الدراسة والتعلم وحب القراءة والبحث والاطلاع ، ولان التربية مسؤولية كبيرة ومهمة جليلة ، وانه لا مسؤولية من غير حرية ولا واجبات من غير حقوق ، فقد ركزت النظرية الاجتماعية لعقيدة العصر الجديد على تحسين وضع المرأة في قوانين الاحوال المدنية من خلال منحها حقوقها الانسانية في حرية التعبير والاختيار والتصرف بارادتها الحرة ورفع الوصاية عنها عند بلوغها السن القانونية لكي تؤدي واجباتها وتمارس دورها الاجتماعي بمسؤولية ، كذلك تبنت عقيدتنا مساواة المرأة بالرجل في قوانين الاحوال المدنية في ما يتعلق بشؤون الزواج والانفصال والميراث ، حيث الزواج هو شراكة في تحمل أعباء الاسرة في الادارة والتربية والنفقات ، الزوج والزوجة شريكان في ادارة شؤون المنزل وتربية الابناء والانفاق على الاسرة ، انطلاقا من مبدأ ان الزوج شريك وليس وصي وليس معيل ، والشراكة مساواة في الحقوق والواجبات ، هدفنا هو تعزيز ثقة المرأة بنفسها وبقدراتها واعتمادها على ذاتها في المعيشة والانفاق عند بلوغها بدلا من الاعتماد على اهلها او زوجها في معيشتها مما يجعل ارادتها مرهونة بمن ينفق عليها وبالتالي تخسر حريتها و تفقد قيمتها الانسانية ، اننا نسعى في نظريتنا الاجتماعية الى وضع المرأة في الموضع الذي يؤهلها لاداء مهامها وتحمل مسؤولياتها بثقة واقتدار ، ونحن نرى ان الاسرة اذا كانت تقوم على وجود دعامتين أساسيتين هما الاب والام ، فان هاتين الدعامتين قد تفرقهما الظروف عن وفاة او انفصال وهذا شيء طبيعي في الحياة ، وينبغي ان لا يتأثر كيان الاسرة كثيرا بمثل تلك الظروف وان تستمر حياة الاسرة على نفس وتيرتها وان تتواصل معيشة الاسرة على نفس منوالها ، ومن هذا المنطلق يصبح عمل المرأة ضرورة بالغة حفاظا على استمرارية حياة الاسرة ومعيشتها بأقل ما يمكن من الاهتزازات
واستنادا الى كل المضامين التي وردت في هذه المقدمة فقد وضعنا المفاهيم والمنطلقات الاتية في نظريتنا الاجتماعية في ما يتعلق بشؤون الاسرة والاحوال المدنية :
ـ ( المواطن ، الاسرة ، المجتمع ) ثلاثة ركائز لنظريتنا الاجتماعية ، الاسرة هي الركيزة الأهم وهي اللبنة ألاساسية في الكيان المادي للمجتمع ، بصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها يفسد المجتمع ، والأم هي أهم عنصر في الاسرة بوجودها يجتمع ويتوحد شمل الاسرة وبغيابها يتفكك ويتشتت شمل الاسرة
ـ كل انسان هو نتاج اسرته ماديا ومعنويا ، وبالتالي فهو يحمل ما زرعوا ويحصد ما بذروا ، وهي قاعدة عامة في الحياة الاجتماعية لا تخلو من الشواذ ، اذ لكل انسان أم وأب يورثانه جيناتهم الوراثية وقيمهم الاخلاقية ، الام هي التي تنجب الاطفال وهي التي تتولى عملية تغذيتهم في مرحلة الرضاعة ثم تستمر معهم في رعايتهم والاعتناء بهم لحين بلوغهم وربما حتى بعد بلوغهم وهي مهمة تربوية شاقة ، وبحكم الصلة والارتباط الوثيق بين الام وابنائها فان لها دور مؤثر جدا في تشكيل منظومة القيم الاخلاقية لابنائها ، الاب له دور تربوي ايضا في مشاركة الام في مهمة رعاية الابناء والاهتمام بمصالحهم ومتابعة نشاطاتهم وتحصيلهم العلمي لحين بلوغهم لينشأوا نشأة صحيحة ليواصلوا مسيرتهم في الحياة اعتمادا على انفسهم
ـ المرأة عنصر رئيسي في الاسرة ، ولكي تصبح المرأة مؤهلة فكريا وثقافيا للقيام بدور الام الصالحة التي تتولى تربية الابناء التربية الصحيحة والسليمة فانه يتوجب على الدولة الاهتمام بنشر وسائل التربية الصحيحة في المدارس حيث يتلقى التلميذ فيها المباديء الاولية في الحياة الاجتماعية من خلال نشر ثقافة المساواة بين الجنسين الذكر والانثى ، وتشجيع النشاط المدرسي المختلط ، وكذلك على الدولة الاهتمام من خلال وسائل الاعلام المختلفة بتوعية النساء باساليب التربية الحديثة وكيفية التعامل مع الطفل لتوجيهه التوجيه السليم ، المبدأ هو ان نبذل الجهد لنصنع أمهات صالحات لنحصل لاحقا على مواطنين صالحين
ـ من الضروري ان يتم وضع قانون جديد للاحوال المدنية يسمى قانون تنظيم شؤون الاسرة , هذا القانون يختص بكافة القضايا المتعلقة بالاسرة من الزواج والانفصال ( الطلاق ) وكذلك شؤون الاطفال ورعايتهم وشؤون الاطفال القصر والايتام وقضايا الميراث , ونقترح ان يتم تأسيس دائرة خاصة بشؤون الاسرة تسمى ( دائرة شؤون الاسرة ) تكون تابعة لوزارة العدل وظيفتها تنظيم وادارة كل القضايا التي تتعلق بعقود الزواج والانفصال وحقوق الميراث وشؤون الوصايا وشؤون الولادات والوفيات
ـ يجب على قانون تنظيم شؤون الاسرة ان يجسد في فقراته المساواة التامة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات مع مراعاة خصوصية المرأة في ما يتعلق بشؤون الحمل والرضاعة والحضانة ، وعلى القانون ان يراعي قوة رابطة الامومة اذ أن مشاعر وروابط الامومة هي أشد تأثيرا على الانسان من مشاعر وروابط الابوة بحكم الطبيعة البايولوجية للمرأة وشدة ارتباطها النفسي والوجداني بأبنائها والتي هي اقوى من ارتباطها بزوجها
ـ الاسرة : هي مؤسسة صغيرة ذات صفة مادية ومعنوية تتأسس بصفة تشاركية بين رجل وامرأة يتم ارتباطهم برابطة موثقة قانونيا تسمى( رابطة الزواج ) ويعيشان بموجب تلك الرابطة متكافلين متضامنين مع بعضهما بشكل دائم من أجل تحقيق مصالحهما المشتركة ، وتبقى تلك الرابطة قائمة طالما كانت مصالحهما المشتركة قائمة
ـ رابطة الزواج : هي رابطة تنشأ بين رجل وامرأة يرغبان في العيش المشترك بدوافع الاحتياجات الوجدانية والمادية لكل منهما تجاه الاخر وفي اطار من المحبة والتوافق والتعاون ، وتوضع رغبتهما هذه في اطار قانوني من خلال عقد مكتوب وموثق من قبل الجهات الرسمية ويسمى ( عقد الزواج ) تثبيتا للمسؤوليات المترتبة عليها وحفاظا على حقوق كل طرف، وعادة يكون الطرف الاول في العقد هو الرجل ويسمى الزوج ، والطرف الثاني في العقد هي المرأة وتسمى الزوجة ، وان عقد الزواج يلزمهما ان يعيشا سوية في مسكن خاص بهما هو مسكن الاسرة ( او مسكن الزوجية ) وتكون اهدافهما واحدة ومصالحهما واحدة ومصيرهما واحد طالما كان العقد بينهما قائما ونافذ المفعول ، هذا وان كل من الزوج والزوجة مسؤولين مسؤولية تشاركية في ادارة شؤون الاسرة وتحمل اعبائها ونفقاتها ، أي ان ادارة شؤون الاسرة تكون بأسلوب المشاركة في أداء المهام وتحمل المسؤوليات لانهما شريكين متساويين في الحقوق والواجبات ، ويمكن اللجوء الى أسلوب تقسيم المهام والمسؤوليات لتسهيل الاعمال وعدم حصول اشكالات او منازعات ، وعادة تتولى المرأة مهام ادارة الشؤون الداخلية للاسرة ورعاية الابناء ويتولى الرجل مهام ادارة الشؤون الخارجية ، ولكن هذا مجرد رأي وليس قانون ، ويمكن تغيير هذا الاسلوب وفقا لظروف كل من الزوج والزوجة وبموجب اتفاق يتم بينهما ، المهم ان يكون هناك تنسيق وتعاون بينهما في ادارة شؤون الاسرة لكي يتحقق الهدف من تأسيس الاسرة
ـ يجب اعادة النظر في جميع التسميات والمصطلحات والعبارات المستخدمة في شؤون الزواج والانفصال وغيرها من شؤون الاسرة مثل مصطلحات ( الخطوبة , المهر ، المقدم ، المؤخر ، الطلاق ، النفقة ) ووضع البدائل التي تعبر عن المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات ، فهذه التسميات كلها تعكس مفاهيم قديمة لا تتناسب مع طبيعة عصرنا ولا تتفق مع دور ومكانة المرأة في عصرنا وينبغي الغائها ووضع تسميات جديدة مناسبة
ـ في مرحلة ما قبل الزواج تكون هناك مرحلة التعارف بين الرجل والمرأة لغرض قيام كل طرف بدراسة طباع وشخصية الطرف الاخر ومدى توافقه مع تلك الطباع لان شخصية الانسان انما هي عبارة عن ثقافة وسلوك اضافة الى جانب يتعلق بالشكل الخارجي ، مرحلة ما قبل الزواج تسمى في مجتمعاتنا مرحلة ( الخطوبة ) ونحن لا نحبذ هذه التسمية لأنها تعكس مفهوما تجاريا لفكرة الزواج كمن يدفع عربونا ليحجز السلعة لصالحه وطبعا هذا المفهوم يسيء الى مكانة المرأة وينتقص من قيمتها ، ونقترح ان يتم تسمية مرحلة ما قبل الزواج بمرحلة ( التوافق ) أي ان كل طرف يدرس مدى توافقه مع الطرف الاخر ثم يتخذ قراره ، وبدلا من تسمية ( الخطيب والخطيبة ) تكون ( الوفيق والوفيقة ) ، ان هذه التسمية المقترحة تعكس الاحترام لمكانة المرأة واحترام قيمتها الانسانية وحريتها في اتخاذ القرار وامتلاكها لمصيرها ومستقبلها دون وصاية من أحد ، كما اننا ندعو الى استبدال كلمة ( الطلاق ) بكلمة ( الانفصال ) وبدلا من ( الطليق والمطلقة ) تكون ( المنفصل والمنفصلة ) لان كلمة ( الطلاق ) تشير الى سلطة الرجل على المرأة في قضية الانفصال وكونه صاحب الحق الاوحد في تقرير مصير الاسرة ، وهذه المفاهيم لا تتفق مع مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة
ـ الزواج هو اتفاق بين رجل وامرأة على تأسيس أسرة ، وكلاهما يجب ان يتحملا مناصفة نفقات التأسيس لانهما متساويان في الحقوق والواجبات ، وكلاهما ينفقان على معيشة الاسرة كل حسب دخله ، وعندما لا يحصل بينهما انسجام وتفاهم وتوافق فانه من حق أي منهما ان يتقدم بطلب الانفصال ، وليس هناك نفقة ما بعد الانفصال لان نعتقد ان مفهوم ( النفقة ) يحط من مكانة المرأة لكونه يجعلها تستجدي النفقة ممن رفضها كزوجة ، ونحن نضع بدلا عنه مفهوم ( تعويضات الانفصال ) يدفعها الطرف المقصر الى الطرف الاخر المتضرر بغض النظر عن كون المقصر هو الزوج أم الزوجة طالما ان الطرفين متساويان في الحقوق والواجبات وان هناك عقد زواج يحكم بينهما ، هذا وان مبلغ التعويضات يتم تثبيت مقداره في عقد الزواج حسب تحديد الطرفين
ـ نرفض رفضا قاطعا مفهوم التعددية في الزواج ، اذ لكل زوج زوجة واحدة ، ولكل زوجة زوج واحد
ـ عقود الزواج تكون على ثلاثة انواع ، ولكل نوع شروط خاصة به :
أ ـ عقد زواج دائمي لتأسيس أسرة دائمية بأطفال ( وهو عقد بين رجل وامرأة يرغبان في العيش المشترك بشكل دائمي وبصورة قانونية ، ويشتمل العقد على شروط والتزامات عديدة بحكم رغبتهما في ديمومة العيش المشترك والرغبة في انجاب اطفال وهذا ما يترتب عليه متطلبات في اعداد بيت الزوجية ومسؤولية رعاية الاطفال ، ويشتمل عقد الزواج ايضا على تعويضات الانفصال ، واستحقاقات الميراث )
ب ـ عقد زواج دائمي لتأسيس أسرة دائمية بدون أطفال ( وهو عقد بين رجل وامرأة يرغبان في العيش المشترك بشكل دائمي وبصورة قانونية ويشتمل على شروط والتزامات بحكم صفة الديمومة مثل توفير متطلبات اسهل في اعداد بيت الزوجية ، مع تثبيت شرط عدم انجاب الاطفال ، ويشتمل ايضا على تعويضات الانفصال ، واستحقاقات الميراث )
ج ـ عقد زواج مؤقت لتأسيس أسرة وقتية بدون أطفال ( وهو عقد بين رجل وامرأة يرغبان في العيش المشترك بشكل مؤقت وبصورة قانونية ، وينتهي العقد بالانفصال في الوقت الذي يختاره الطرفين او احدهما على ان لا تتجاوز مدته سنة واحدة ، ويشتمل هذا العقد على شروط ميسرة للزواج ومن ضمنها عدم انجاب الاطفال وتسهيلات اكثر في متطلبات بيت الزوجية ، ولا يشتمل هذا العقد على تعويضات الانفصال ولا استحقاقات الميراث )
ـ في المراحل اللاحقة من الزواج يجوز تغيير عقد الزواج من نوع الى آخر في حالة رغبة الزوجين مع توفر المتطلبات والشروط للانتقال الى العقد الجديد ، ويتم اجراء التعديلات اللازمة بعد حصول الموافقة من الجهات الرسمية على تغيير العقد
ـ في عقد الزواج يتم تحديد الاسم الكامل والعمر لكل طرف ( أي للزوج وللزوجة ) علما بانه لا يجوز التقدم للزواج لمن لم يكمل عشرون عاما من عمره ، ذكرا كان أم أنثى
ـ بحكم كون كل من الزوج والزوجة شريكين متساويين في تأسيس الاسرة فانهما يتحملان مناصفة تكاليف تأسيس الاسرة وتجهيز بيت الزوجية بالاثاث والادوات والمستلزمات ، ويجب ان يثبت في عقد الزواج مقدار المبلغ الذي يخصص من قبلهما لتجهيز بيت الزوجية .
ـ في حالة عقد الزواج الدائمي لأسرة بأطفال يجب تثبيت عدد الاطفال بحيث لا يقل العدد عن طفلين اثنين ولا يزيد عن اربعة اطفال بأي حال من الاحوال ويكونوا الاطفال من الجنسين الذكر والانثى مناصفة وفق سياق يعتمد بشكل دقيق وبالاستعانة بالوسائل الطبية الحديثة بحيث يكون جنس الطفل الثاني مغاير لجنس الطفل الاول حتما ، ولا يجوز تكرار جنس الطفل في البداية ، الا اذا كان المولود توأم وهذه تعتبر حالة خاصة خارجة عن السياق ، كما انه في حالة حصول حمل في طفل خامس لاي سبب من الاسباب فيجب حينئذ اسقاطه والا سيتعرض الوالدين الى المسائلة وما يترتب عليها من عقوبات بسبب اخلالهم بشروط العقد
ـ حق الاجهاض مباح للمرأة وهو حق من حقوقها تتمتع به دون مسائلة قانونية ، ويتم اللجوء الى الاجهاض في حالة حصول حمل غير مرغوب فيه لاسباب قانونية او طبية او حتى رغبة ذاتية
ـ في حالة تعذر حصول الزوجين على الاطفال بالاساليب التقليدية ولأي سبب من الاسباب ، فانه يجوز اللجوء الى الاساليب غير التقليدية ( مثل اطفال الانابيب ، تأجير الارحام ، ... الخ ) طالما ان حقوق الملكية مصانة وكل جنين يعود الى الاصل الذي انبثق منه بغض النظر عن المكان الذي يحتويه او الرحم الذي يحتضنه
ـ اننا نتمسك بمبدأ ان كل مولود يجب ان يكون متمتعا بغطاء الشرعية لكي تكون ولادته قانونية ، والغطاء الشرعي هو وجود عقد زواج بين والديه ، فالشرعية هي انتماء وهي هوية وهي حق من حقوق الطفل ومن ولد بلا شرعية فقد ولد يحمل على كاهله اخطاء غيره وهذا برأينا ظلم كبير ، ومعلوم ان الولادات اللاشرعية تنجم عادة عن الممارسات الجنسية التي تحدث خارج اطار الزواج ، أي ان الوالدين لا يحملان الصفة القانونية لانجابهما الطفل ، والطفل الذي يولد بمثل هذه الظروف تكون حقوقه الانسانية قد انتهكت انتهاكا صارخا ، وفي هذه الحالة فان المجتمع باكمله سوف يتحمل المسؤولية عن هذا الانتهاك وليس فقط الوالدين غير الشرعيين ، ان احترام القيمة الانسانية يحتم علينا ان لا نسمح بمثل هكذا ولادات ، ومن هذا المنطلق فانه يجب اسقاط أي حمل ناجم عن ممارسة جنسية خارج اطار الزواج مهما كانت النتائج ، وخلاصة القول اننا كعقيدة اجتماعية نرفض رفضا قاطعا ان يولد أي طفل دون توفر غطاء شرعي لوجوده ، واعتراضنا هنا هو على حالة الحمل غير القانوني وليس على ممارسة الجنس خارج اطار رابطة الزواج
ـ نود ان نوضح رأينا بقضية الممارسات الجنسية خارج رابطة الزواج ، بالنسبة للممارسات الجنسية للاشخاص البالغين العزاب ـ أي الذين هم خارج مؤسسة الزواج ـ فانها حسب رأينا لا تقع تحت طائلة القانون اذا توفر فيها شرطين : الاول ان تحصل برضا وموافقة الطرفين الفاعلين ، وثانيا ان لا تؤدي هذه الممارسات الى حالة حمل ، وفي مثل هذه الحالة فانه لا سلطة للقانون ولا للمجتمع على هذه الممارسات ولا ينبغي لاي سلطة ان تتدخل في هذا المجال ، فهذه الممارسات حسب رأينا تقع في نطاق الحرية الشخصية التي لا ضرر منها على المجتمع ، ولكن في حالة حصول الحمل عن هذه الممارسات فانه يتوجب اجهاض الجنين مهما كانت النتائج وبعكس ذلك فانها سوف تقع تحت طائلة القانون ، لان ولادة طفل بدون غطاء شرعي لوجوده تعتبر جريمة ضد المجتمع وضد الانسانية ، اما بالنسبة للاشخاص المتزوجين ـ أي الذين هم داخل مؤسسة الزواج ـ فان الشخص المتزوج يكون ملزما بعدم ممارسة الجنس وعدم القيام بأي تصرفات ذات ايحاءات جنسية الا مع شريكه في عقد الزواج فقط وهذا الشرط يتم تثبيته في عقد الزواج ، وفي حالة ارتكاب احد الطرفين فعلا مخالفا لهذا الشرط فانه يقع تحت طائلة القانون وتقرر بحقه عقوبة مناسبة وفقا للائحة العقوبات الخاصة بمخالفي عقود الزواج
ـ الاسر من الناحية الهيكلية تكون على الانماط الاتية :
أ ـ اسرة من ( زوج + زوجة ) فقط
ب ـ اسرة من ( زوج + زوجة + ابناء )
ج ـ اسرة من ( أم أرملة او منفصلة + أبناء )
د ـ اسرة من ( أب أرمل او منفصل + ابناء )
ـ رغم اننا نشجع على وجود أبناء في كيان كل أسرة الا ان هذا الوجود ليس شرطا واجبا ، لانه يتوقف على مدى استعداد الزوج للقيام بدور الاب ومدى استعداد الزوجة للقيام بدور الام , الابوة والامومة لها معاني تختلف عن معاني الزواج ، ان مقدرة الرجل ان يكون زوجا لا تعني بالضرورة صلاحيته ليكون أبا ، كما ان مقدرة المرأة ان تكون زوجة لا تعني بالضرورة صلاحيتها لتكون أما , التربية هي علم وادارة وفن، تربية الابناء مسؤولية كبيرة وهي ليست مهمة سهلة ، وان سوء تربية الابناء لا ينعكس تأثيره السلبي على كيان الاسرة فقط وانما يتعدى تأثيره الى المجتمع
ـ يجب ان يتضمن عقد الزواج واجبات وحقوق كل طرف تجاه الطرف الاخر ، وتشتمل الواجبات على الالتزامات المادية والاخلاقية كل طرف تجاه الطرف الاخر ، وواجباتهما كليهما تجاه ابنائهما وتجاه المجتمع
ـ كل من الاب والام يتحملان المسؤولية المشتركة من حيث تربية ورعاية ابنائهما والانفاق عليهم ، وهذه المسؤولية هي مسؤولية قانونية تخضع لسلطة القانون ، وتنتهي المسؤولية القانونية عندما يكمل الابن العشرين من عمره ، من الناحية البايولوجية فان الانسان ذكرا كان أم أنثى يصبح بالغا عند اكماله سن الثامن عشر ، ولكنه من الناحية الاجتماعية مازال غير مؤهل لتحمل المسؤوليات الاجتماعية ، وهو يحتاج الى فترة سنتين لتكون فترة انتقالية بالنسبة له من عهد الوصاية الى عهد المسؤولية الاجتماعية ، وفي خلال هذه السنتين تصبح مهمة الوالدين هي الرقابة وليس الوصاية ، ومن هذا المنطلق فان الحقوق والواجبات يجب ان تراعى في مثل هذه الحالات ، فمثلا في حالة الانفاق فان الوالدين ليسا ملزمين قانونيا بالانفاق على ابنهم ذكرا كان ام انثى الذي تجاوز عمره 20 عاما ، وان وجدت حالة انفاق لما بعد سن العشرين فانما هي من باب الرابطة الاسرية فقط وليس بدوافع قانونية ، والانفاق بدوافع القرابة الاسرية انما هو انفاق طوعي وليس ملزم ، وكذلك في حالة الميراث فان الابن يرث والديه بشكل حتمي اذا كان عمره اقل من 20 عام حتى وان لم يذكر اسمه في الوصية ، وعندما يتجاوز الابن سن العشرين فانه لن يرث والديه الا اذا ذكر بالاسم في الوصية ، وطبعا من حق الاب او الام ان يوصوا بتركتهم لمن يشاؤوا ويحرموا منها من يشاؤوا ، وهي تعتبر شأن خاص لا سلطة للدولة ولا للقانون في هذا المجال ، كل انسان حر في امواله ومن حقه ان يمنحها لمن يشاء من بعد وفاته
ـ حتى تتمكن الدولة من تحقيق اهدافها في مجال الرعاية الاجتماعية وتوفير مسكن لكل اسرة فانه يجب وضع ضوابط صارمة لغرض السيطرة على النمو والتوسع الاسري ومنع الزيادة المنفلتة في عدد السكان والذي يقوض بالتالي جهود الدولة في مجال الخدمات والرعاية لمواطنيها ، تشمل الضوابط تحديد حجم الاسرة وتثبيت اوضاع هيكلية قياسية لتشكيلات الاسر والاهتمام بالتنظيم الداخلي لكيان الأسرة واشاعة ثقافة التحكم بحجم الاسرة وعدم ترك هذا الحجم يتوسع اكثر من اللازم من خلال اشاعة ثقافة استخدام وسائل منع الحمل وأسلوب اللجوء الى الاجهاض للتخلص من الجنين غير المرغوب فيه ، وفي هذه الحالة يقرران كل من الاب والام اختيار أحد الاوضاع الهيكلية للاسرة وعدم التجاوز على الحد الاقصى لعدد افراد الاسرة ، علما بان وجود الاجداد من جهة الاب او الام للعيش مع الاسرة الاساسية لا يعتبر ضمن هيكلية الاسرة ، وانما هم يعتبرون في حالة ضيافة لمدة غير محددة , كما انه من الضروري عدم الاكتفاء بطفل واحد للاسرة وذلك لاسباب انسانية تتعلق بحاجة الطفل الى اخ يعيش معه في المسكن لغرض التواصل الانساني ، ولكن يمكن قبول حالة الطفل الوحيد تحت ظروف خاصة ومقيدة
ـ الاوضاع القياسية لهيكليات الاسر تكون على الشكل الاتي:
الهيكلية الاولى : أسرة تتكون من فردين فقط ( الزوج + الزوجة )
الهيكلية الثانية : اسرة تتكون من اربعة افراد ( الاب + الام + 1 طفل ذكر + 1 طفلة أنثى )
الهيكلية الثالثة : اسرة تتكون من خمسة افراد ( الاب + الام + 2 اطفال ذكور + 1 طفلة أنثى )
الهيكلية الرابعة : اسرة تتكون من خمسة افراد ( الاب + الام + 1 طفل ذكر + 2 اطفال اناث )
الهيكلية الخامسة : اسرة تتكون من ستة افراد ( الاب + الام + 2 اطفال ذكور + 2 اطفال اناث )
هذه هي الاوضاع القياسية لهيكليات الاسر وفقا لعقيدة العصر الجديد , مع ملاحظة ان هناك حالات خاصة تختلف عن هذه الهيكليات يجوز قبولها لاسباب انسانية وتحت شروط وقيود , ولغرض تحقيق الوضع القياسي لهيكلية أي أسرة فانه تقع على عاتق العاملين في المجال الطبي والبحث العلمي تقديم الدعم الطبي والعلمي لتحقيق هذا الهدف
ـ ليس كل أسرة تأسست بناءا على رغبة طرفيها يمكن لها ان تتمتع بالبقاء والديمومة ، لان هذا يتوقف على مدى نجاح الطرفين في الاحتفاظ بحالة المحبة والانسجام والتوافق تجاه بعضهما البعض ، ومعلوم بان الظروف تغير البشر وهذه حالة طبيعية يجب التعامل معها بواقعية ، من كان بالامس صديقا قد لا يكون بالغد صديق ، ومن كان بالامس حبيبا قد لا يكون بالغد حبيب ، النفوس تقع تحت تأثيرات عديدة في خضم احداث الحياة ، ونفوس البشر ليست على درجة واحدة من التأثر والاستجابة ورد الفعل ، وبالتالي لا ينبغي ان يكون مستهجنا رغبة التغيير عندما تصيب الحياة الزوجية مظاهر النكد والملل والسأم وتتحول الحياة المشتركة من التقاء مصالح الى تنافر مصالح ، واستنادا الى هذا التحليل فان الانفصال هو احتمال قائم ومطلوب عندما يتعذر على الطرفين الاستمرار في العيش المشترك لأي سبب من الاسباب ، ونحن نقر بواقعية مثل هذه الحالات وانسجامها مع قوانين الطبيعة حتى لو كانت الرغبة في الانفصال من طرف واحد ، ان حالة الانفصال تختلف عن حالة الزواج من هذه الناحية ، ففي حالة الزواج يشترط موافقة كلا الطرفين وبارادتهم الحرة ، بينما في حالة الانفصال لا يشترط موافقة كلا الطرفين ، بل يمكن لأحدهما ان يتقدم بطلب الانفصال ليتم حصول الانفصال بناء على رغبته حتى في حالة عدم رغبة الطرف الاخر ، وفي هذا الموقف نحن ننطلق من ان الحياة الزوجية قائمة على رغبة الطرفين معا في العيش المشترك وهذا شرط اساسي ، وعندما يفقد احد الطرفين الرغبة في مواصلة العيش المشترك فان الحياة الزوجية المشتركة تفقد مبررات وجودها ويتوجب تحقيق الانفصال عندما يتقدم احدهما بطلب الانفصال
ـ الانفصال في العلاقات الزوجية ( أي فسخ عقد الزواج ) يقع نتيجة احدى الحالات الاتية : اما برغبة احدهما في الانفصال لدوافع ذاتية حتى وان كانت دون رغبة الطرف الاخر ، او يقع بناء على رغبة احدهما نتيجة حصول انتهاكات صارخة لبنود عقد الزواج من قبل الطرف الاخر ، او يقع بناءا على الرغبة المشتركة لكليهما في انهاء العلاقة الزوجية ، ان الرغبة في الانفصال لدوافع ذاتية تتولد عندما يستقر في النفس الاحساس بعدم الرغبة بالعيش المشترك ، وعادة يتولد هذا الاحساس عندما تموت العواطف والمحبة عند كل منهما تجاه الاخر وينعدم التآلف والانسجام بينهما ويتولد النفور من العيش المشترك ، ونحن نعتقد ان حالة الانفصال في مثل هذه الظروف حالة مقبولة ويجب عدم اخضاعها لتفسيرات وتأويلات غير واقعية ، فالحياة الزوجية ليست دائما حياة ممتعة ومريحة خاليا من المتاعب والهموم ، وان المقدرة على العيش المشترك تتوقف على مقدار استعداد كل طرف للتحمل والصبر من أجل الطرف الاخر ، وفقا لمنطق الحياة فان الحياة أخذ وعطاء ، من يتزوج بدوافع الحب فان الحب له ثمن هو التضحية والعطاء لكي يدوم الحب ، ومن يتزوج بدوافع المنفعة فان المنفعة لها ثمن هي الصبر والتحمل لكي تدوم المنفعة ، كل شيء له ثمن ومن يشتري يدفع الثمن ومن يبيع يقبض الثمن ، ومن لا طاقة له على التحمل ليس ملزما بدفع الثمن ولا حق له بالمنفعة ، قضية الانفصال لاسباب ذاتية خاصة هي موقف انساني يتعلق بالحياة والعيش المشترك ، الزواج هو حياة مشتركة وعندما تصبح الشراكة عبئا نفسيا او همّا دائما فانه من حق أي طرف متضرر ان يطلب فسخ عقد الشراكة ليبحث له عن شريك اخر يكمل معه مشوار حياته بالطريقة التي يرغبها ، ليس مطلوبا من كل انسان متزوج ان يكون مثاليا فيحيا في معاناة مع شريكه حفاظا على شراكة فاشلة ، كل انسان يتحمل على قدر طاقته فلا نظلم من لا قدرة له التحمل ولا نغبن حقوق أي طرف متضرر من شراكة فاشلة ، الانسان كائن محدود الطاقة ، وعندما نحمله اكثر من طاقته فانه سوف يخرج عن الطريق ويتجه اتجاهات غير سليمة وفي هذا ضرر للمجتمع ، هذا هو تفسيرنا للدوافع الذاتية للانفصال ، اما بالنسبة لحالة الانفصال عن مخالفات متكررة لبنود عقد الزواج من قبل احدهما ( ويسمى الطرف المقصر ) مما يدفع بالطرف الاخر ( ويسمى الطرف المتضرر ) للتقدم بطلب الانفصال لعدم مقدرته على مواصلة العيش المشترك في ظل الانتهاكات المتكررة لبنود العقد فان الطلب له مبررات واقعية وهو حق من حقوق أي طرف متضرر ، وقد يقع الانفصال عندما يتفق الطرفان على انهاء العلاقة الزوجية بينهما لان كل منهما لم يعد قادرا على مواصلة العيش المشترك مع الاخر
ـ عندما يصدر قرار الانفصال ( أي الطلاق ) من قبل الجهة المسؤولة عن هذه الشؤون فان كيان الاسرة حينئذ يصبح ملغيا ، وبعد صدور القرار يتم تفكيك المكونات المادية لبيت الزوجية ليؤول مصيرها كل حسب استحقاقه وبموجب بنود عقد الزواج المبرم بينهما
ـ في حالة حصول الانفصال مع وجود ابناء للاسرة ، فان الابناء القصر ـ أي الذين في سن اقل من 18 سنة ـ تصبح عائديتهم الى الام حصرا ، وتصبح مهمة الاب المنفصل هي متابعة رعايتهم وتوجيههم من خلال جهة ثالثة وسيطة هي دائرة شؤون الاسرة المسؤولة عن الاحوال المدنية وشؤون الاسرة ، ويتم تنظيم عملية متابعة الاب لابنائه وفقا لمذكرة تفاهم يوقع عليها كلا الزوجين المنفصلين وتحت اشراف دائرة الاسرة ، حيث تتضمن المذكرة تحديد واجبات الاب وحقوقه ازاء ابنائه وطريقة متابعته ورعايته لهم وهم تحت حضانة امهم ، ويجوز للام ان تتنازل عن حضانة كل او جزء من ابنائها الى الاب اذا تعذر عليها رعايتهم والانفاق عليهم ووافق الاب على تولي المهمة ، ويتم هذا الاجراء بموجب عقد مدته سنة واحدة وفي نهاية العقد يعود الابناء الى حضانة امهم ، والعقد يكون قابل للتجديد في كل مرة بناءا على رغبة الطرفين ، والطرف الذي يتولى مهمة الحضانة تصبح من مسؤوليته الانفاق على الابناء
ـ من المستحسن بالنسبة لموضوع الانفصال ان لا يتم اصدار القرار بشكل سريع وانما يتم اعطاء فترة كافية لدراسة الموضوع ، ويحبذ اللجوء الى اسلوب التنبيهات والانذارات الى الطرف المخالف لعقد الزواج وفق اسلوب متصاعد لكي نمنح الانسان المقصر فرصة كافية ليقوم سلوكه ويحسن من اسلوبه مع شريكه في الزواج
ـ يتضمن عقد الزواج فقرة خاصة بتعويضات الانفصال في حالة وقوعه ، ففي حالة الانفصال لدوافع ذاتية فان الطرف الراغب بالانفصال يدفع للطرف الاخر مبلغ تعويضات الانفصال حسب ما مثبت في العقد ، وفي حالة الانفصال نتيجة انتهاكات صارخة لبنود عقد الزواج فان الطرف المقصر يدفع الى الطرف المتضرر مبلغ تعويضات الانفصال ، اما في حالة الرغبة المشتركة من قبل الزوجين في الانفصال فان هذا يتحقق بدون ان يترتب عليه دفع تعويضات الانفصال ، ويجب مراعاة عدم تثبيت مقدار مبلغ تعويضات الانفصال بأي عملة من العملات وانما يتم تثبيت ما يعادله من مادة الذهب وزنا ومعيارا وذلك لان قيمة العملات تتغير بمرور السنين وبالتالي قد تغبن حقوق الطرف المتضرر اذا حصل الانفصال بعد مضي مدة طويلة على زواجهم ، ونعتقد ان قيمة الذهب هي اكثر انصافا وعدلا في العقود والمعاملات من قيمة أي عملة نقدية في حالة الآجال البعيدة
ـ لغرض تحديد الطرف المقصر والطرف المتضرر فانه يتوجب التبليغ عن كل حالة مخالفة لعقد الزواج لغرض تحرير بلاغ مخالفة وتثبيتها في ملف الاسرة في دائرة شؤون الاسرة لكي يتم الرجوع الى الملف عندما تتأزم العلاقة الزوجية ويتطلب حسم النزاع تحديد الطرف المقصر والطرف المتضرر
ـ يتضمن عقد الزواج بند يتعلق بالميراث في حالة الوفاة ، في ما يتعلق بمفهوم الميراث فان عقيدتنا تؤكد على ضرورة ان يترك كل شخص وصية بخصوص ميراثه لكي تؤول امواله وممتلكاته بعد وفاته الى الاشخاص الذين اختارهم ليورثوه حسب رغبته هو وحسب قناعته هو ويدخل في عداد الوارثين جميع الابناء القاصرين حتى وان لم يذكروا في الوصية ، ولكن اذا حصل ان توفي شخص متزوج ولم يكن قد ترك وصية بخصوص امواله وممتلكاته فان الميراث سيكون مصيره استنادا الى القواعد الاتية : 1 ) في حالة عدم وجود ابناء للاسرة فان الميراث يتوزع وفق نسبة مئوية بين الشريك الاخر في عقد الزواج وبين أم المتوفي اذا كانت على قيد الحياة ، واذا كانت متوفية وكان الاب على قيد الحياة فيصبح هو الشريك في الميراث ، النسبة المئوية لحصة الشريك في عقد الزواج تتناسب مع المدة التي قضياها سوية في اطار العلاقة الزوجية ، حيث تحتسب حصة الشريك من الميراث بنسبة 5 بالمئة من الميراث الكلي عن كل سنة من سنوات العيش المشترك وما يتبقى من الميراث يؤول الى الام ، واذا كانت سنوات العيش المشترك قد بلغت 20 سنة او اكثر فان الميراث كله يؤول الى الشريك الاخر ، 2) في حالة وجود ابناء للاسرة ( قاصرين او بالغين ) فان لهم نصيب من ميراث ابيهم ولا يكون هناك نصيب لام المتوفي لان ابناء المتوفي سيكون لهم الحق في ذلك ، وتحتسب نسبة 4 بالمئة من الميراث عن كل سنة من سنوات العيش المشترك حصة للشريك الاخر وما يتبقى يكون حصة للابناء تقسم بينهم بالتساوي ، وفي حالة الابناء القاصرين فان اموالهم تودع في حساب مصرفي خاص بهم لحين البلوغ ويجوز الاجتهاد في مثل هذه الحالات لغرض تحقيق المنفعة بالعدالة ، هذا مع العلم بان الابناء هم ايضا ورثة الشريك الاخر ان كان أم او أب ، كما انه في نفس الوقت من حق الشريك الاخر ان يتزوج مرة اخرى بعد وفاة شريكه ، ولذلك يجب مراعاة الحقوق في الميراث في مثل هذه الحالات لكي لا تذهب اموال المتوفي الى من لا حق له بها
ـ الموت ظاهرة طبيعية تحصل لكل كائن حي كنهاية لحياته , ان الكائن الحي عبارة عن ( مادة + طاقة ) وان الطاقة هي القوة الدافعة والمحركة لجسم الكائن الحي , وهي الدليل على وجود الحياة في جسم الكائن الحي , والناس يسمون الطاقة المتولدة داخل الجسم ( روح ) حسب معتقداتهم الدينية وهذا راجع الى الجهل بحقيقة الحياة وكونها مادة وطاقة ، ان موت الانسان يعني انه اصبح مادة فقط بدون طاقة , وان احساسه بالعالم الخارجي قد توقف نهائيا ولم يعد جسمه ينتج الطاقة اللازمة لديمومة حياته
ـ الانسان يموت والمال لا يموت , وانما ينتقل من انسان لاخر لذلك يجب على كل انسان ان يترك وصية , وكذلك يجب وضع قواعد وضوابط لانتقال الملكية ( الميراث ) من الميت الى الحي في حالة لم يترك الميت وصية
ـ الميراث هو الاموال التي يتركها المتوفي ان كانت على شكل اموال نقدية او عينية او كانت منقولة او غير منقولة ، ويتم تأسيس مكتب خاص بالوصايا يسمى ( مكتب شؤون الوصايا ) يكون تابع لدائرة شؤون الاسرة وتكون مهام هذا المكتب هي تسجيل وحفظ وصايا المواطنين لكي يتم الرجوع اليها بعد الوفاة , ويجب ان يتوفر نظام حماية صارم لهذه الوصايا لمنع حدوث تلاعب او تزوير بها
ـ في الحياة الاجتماعية لكل انسان هناك ثلاث محطات رئيسية ، وكل محطة تمثل بداية مرحلة لها سمات مميزة في شخصية الانسان وسلوكه في محيطه الاجتماعي ، هذه المحطات هي :
ا ـ محطة الجنس : وهي بداية مرحلة الحياة الجنسية حيث تبدأ هذه المرحلة عند اكتمال نضج الجهاز التناسلي والبدء في أدائه الوظيفي ، من الناحية العلمية الجنس غريزة طبيعية موجودة لدى الذكر والانثى ، وان هذه الغريزة يجب ان تأخذ مجراها الطبيعي وعدم اللجوء الى كبتها او خنقها لانه وفقا لقوانين الطبيعة فان كل كائن حي يتصف بخصائص الحياة وهي التغذية والتنفس والنمو والتكاثر والحركة والاخراج ....الخ ، وهذه الخصائص تعكس دورة المادة في الحياة لان الانسان حلقة ضمن سلسلة وان ما يدخل جسمه كغذاء يخضع لقوانين الطبيعة حيث يتم تخزين جزء منه في الجسم والجزء الاخر يخرج من الجسم على هيئة مادة او طاقة ، والاخراج هنا شيء لابد منه وفقا لقوانين الطبيعة ، يجب السماح لمنظومة جسم الانسان بالعمل بانسيابية وسلاسة لاغراض ديمومة الحياة بشكل طبيعي وعدم وضع القيود والحواجز امام تدفق المادة او الطاقة من الجسم اذ ان حبس المادة او الطاقة داخل الجسم يؤدي الى عواقب وخيمة ، والجنس هو طاقة يجب تصريفها او شحنة يجب تفريغها ومن هذا المنطلق فان ممارسة الجنس واجب حيوي على كل كائن حي بالغ لغرض المحافظة على صحته وعلى توازنه الطبيعي ، كما انه محطة مهمة في الحياة الاجتماعية للانسان
ب ـ محطة الزواج : وهي بداية مرحلة الحياة الزوجية حيث تبدأ في العمر المناسب ونحن قد اقترحنا ان لا يقل العمر عن عشرين عاما تامة لغرض تحقق شرط الاكتمال اللازم من الناحية العقلية والادراك وكذلك الشعور بالمسؤولية والاهلية الاجتماعية ، الزواج مسؤولية تستلزم توفر النضج العقلي والشعور بالمسؤولية والمقدرة على تحمل اعباء متطلبات الزواج المادية والمعنوية ، وهنا نؤكد ان الزواج هو اساس الحياة الاجتماعية للبشر ولكنه ليس واجبا على كل انسان ، فمن لا يطيق الالتزامات والمسؤوليات المترتبة عن الارتباط بالزواج من حقه ان يحيا عازبا مضربا عن الزواج ، وليس هناك ضرر على المجتمع من هذه الحالة
ج ـ محطة الوالدية : وهي بداية مرحلة حياة الأمومة للزوجة او الأبوة للزوج عندما تنجب الزوجة طفلا ، بالنسبة للمرأة فان مرحلة الامومة هي مرحلة مهمة في حياتها الاجتماعية كما هي الابوة بالنسبة للرجل ، وهي مرحلة تقع عادة بعد الزواج ولا يجوز مطلقا لحالة أمومة او أبوة خارج مؤسسة الزواج ، ان مرحلة الامومة او الابوة تترتب عليها مسؤوليات اعظم من مسؤولية الزواج ، والمتزوجون الذين ليسوا على استعداد لتحمل مسؤوليات الابناء وتربيتهم ورعايتهم من حقهم ان يتجنبوا انجاب الابناء ، من هو ليس أهلا لمسؤولية ما ليس عليه حرج ولا يكلف نفسه ما لا طاقة له بها ، وبصراحة نحن نعتقد ان ليس كل امرأة متزوجة تصلح ان تمارس دور الام ، وكذلك ليس كل رجل متزوج يصلح ان يمارس دور الاب ، الامومة او الابوة ليست من مكملات الشخصية او للمباهاة او لسد النقص في الاثاث في المنزل ، على الانسان ان يمارس الدور الذي يستطيع تحمل مسؤولياته ، الامومة او الابوة حق من حقوق الانسان ولكنها ليست واجبة عليه ، من هو ليس على استعداد لتحمل مسؤوليات الامومة او الابوة عليه ان يمتنع عنها ويختار عقد الزواج من النوع ( أسرة بدون أطفال ) واذا شعر في مرحلة لاحقة انه أهل لمسؤولية التربية ويرغب بانجاب اطفال يمكنه تغيير عقد زواجه الى النوع ( أسرة بأطفال ) حيث يتم ادخال شروط جديدة في العقد
ـ قد يحرم الانسان من فرصة الحصول على شريك حياة لتكوين اسرة لأي سبب من الاسباب , وهذه الحالة تعتبر غير انسانية وخاصة من جهة المرأة , ولاننا نعتقد ان حرمان المرأة لاسباب خارجة عن ارادتها من فرصة الزواج لتكوين اسرة يجب ان لا يترتب عليه حرمانها من حق انساني آخر وهو ممارستها لدور الام بسبب طبيعة تكوينها النفسي والعاطفي , فاننا نقدم مقترح لمعالجة مثل هذه الحالات وخاصة من جهة المرأة من خلال تحقيق الزواج المؤقت للنساء اللواتي تعذر عليهن الحصول على فرصة زواج لاسباب تتعلق بالشكل الخارجي او اي سبب آخر واصبحن فاقدات الامل , المقترح يتضمن قيام الدولة وتحت اشرافها ورعايتها بتأسيس دور خاصة تسمى مثلا ( دور احياء الامل ) تتولى مساعدة النساء الباحثات عن فرصة زواج لتكوين أسرة صغيرة من خلال توفير فرص زواج بعقود رسمية وموثقة وتحت اشراف حكومي يسمى ( عقد زواج مؤقت لتأسيس أسرة وقتية بأطفال ) وهو عقد خاص يتمتع بالشرعية والغطاء القانوني يتم اللجوء اليه في حالات خاصة حيث يتم الانفصال بعد ولادة الطفل الاول دون تحميل الشريك أي نفقات لتأسيس الاسرة والدوافع لهذا النوع من الزواج هو لاسباب انسانية بحتة ، وقد سبق لنا ان نشرنا مقالات بخصوص هذا المقترح ويمكن الرجوع اليها للمزيد من التفاصيل
ـ موقفنا من حالة المثلية الجنسية : نحن كعقيدة علمية نتعامل مع الطبيعة بواقعية ونؤمن بان على الانسان ان يحيا بانسجام مع الطبيعة وعدم التعارض مع قوانينها ، وفي عالم الكائنات الحية فان الطبيعة قد انتجت جنسين هما الذكر والانثى ومنحت كل جنس جهاز تناسلي خاص به ليمارس دوره الطبيعي في عملية التكاثر ، وقد وضعت الطبيعة قانون الميل الجنسي الذي ينص على ميل كل جنس الى الجنس الاخر المقابل له لتحصل عملية التزاوج والتناسل والتكاثر وتستمر الحياة في تواصل من جيل الى جيل ، وبوجود الجنسين الذكر والانثى كانت استمرارية الحياة ، وحتى في قوانين الطبيعة المادية هناك القطبين مثل القطب الشمالي والقطب الجنوبي في المغناطيسية ، والقطب الموجب والقطب السالب في الكهربائية ، وبغير وجود القطبين لا وجود للطاقة المغناطسيسية ولا للطاقة الكهربائية ، ومن قوانين الطبيعة ان الطاقة لا تنتقل الا بين القطبين المختلفين ، كما ان الحياة لا تستمر الا بوجود الجنسين المختلفين ، ومن المعروف بان الطبيعة لها افرازات منطقية وافرازات غير منطقية وفقا لما نراه نحن البشر ، فليس كل ما تنتجه الطبيعة يكون مقبولا بالنسبة لنا ، وعلينا ان نختار ما هو مناسب لنا ويتفق مع طبيعتنا ورغباتنا ، واما ما هو غير مناسب ولا يتفق مع طبيعة الحياة البشرية وديمومتها فحري بنا ان نعالجه او نقوّمه لغرض تصحيح وضعه ، وهنا نتسائل لماذا نلجأ الى عملية ختان الطفل الذكر طالما ان عضوه الذكري هو نتاج للطبيعة ؟ الجواب لان العضو الذكري وفقا لتصميم الطبيعة ينطوي على اضرار صحية ويجب اجراء معالجة لغرض تصحيح التصميم وجعله مقبولا من الناحية الصحية ، ما نقصده ان الطبيعة قد تنتج اشياء غير منطقية او غير مناسبة او مشوهة او شاذة ، ويصبح لزاما علينا ان نعالج او نصحح او نقوّم هذه الحالات الشاذة الخارجة عن المنطق والقبول ، بالنسبة لحالة المثلية فهي توصف بانها حالة الميل الجنسي للجنس المماثل وليس المقابل ، وبالطبع هذه الحالة تعتبر شاذة وخارجة عن المنطق الطبيعي ، نحن نقر بوجودها كأحدى الافرازات الغير منطقية في الطبيعة ولكننا لا نعتبرها حالة منسجمة مع قوانين التكاثر والبقاء وديمومة الحياة ، كيف ستكون طبيعة حياتنا لو ان جميع البشر مثليين ؟ هل ان وجود البشر كان سيستمر لو ان كل جنس يميل الى جنسه المماثل ولا يميل الى الجنس المقابل ؟ اننا نؤمن بكل نظام طبيعي يؤدي الى استمرارية الحياة والبقاء ، وما هو خارج هذا النظام فهو وان كان نتاجا من نتاجات الطبيعة الا انه ليس النتاج الذي يتفق مع نظام الحياة الطبيعي لانه مجرد وجود لا تكاثر من ورائه ولا ديمومة ولا بقاء ، بل ان الانسان المثلي هو ذاته لم يكن ليوجد في الحياة من غير والديه الذين هما أب وأم لهما ميول جنسية طبيعية تجاه بعضهما البعض ، نحن نقر بان الشخص الذي له ميول جنسية مثلية لا ذنب له في حالته هذه ، فالطبيعة هي التي منحته هذه الميول ، ولكن يتوجب علينا بذل الجهود لايجاد الوسيلة العلمية المناسبة لتقويم وتعديل مثل هذه الحالة الغير منطقية ، ونحن نعتبرها غير منطقية لانها تتعارض مع قانون التناسل الطبيعي لاستمرارية الحياة ، نحن نعترف بوجود هذه الحالة ونحترم انسانية من يتصف بهذه الحالة لانها ليست من اختياره وهو لا ارادة له تجاهها ، الا اننا نعتبرها حالة لا تنسجم مع القانون الطبيعي للبشر ويجب البحث عن علاج مناسب لها لاعادتها الى القانون الطبيعي والذي هو ميل كل جنس الى الجنس الاخر المقابل له
ـ هناك موضوع نود ان نبدي رأينا فيه رغم اننا نؤمن بان للانسان الحرية في التصرف بما يراه مناسبا له شخصيا طالما انه لم يتسبب في الحاق الضرر بالاخرين ، الموضع يتعلق بملابس وزينة الانسان باعتبارها مكملة لشخصية الانسان وتعكس مدى احترام الانسان لذاته ، نحن من حيث المبدأ نرفض استخدام الجسد كوسيلة للمفاضلة بين البشر ، ونرفض استخدام الجسد للمباهاة ، ونرفض استخدام الجسد للارتزاق والمتاجرة ، كل انسان يحصل على جسد من الطبيعة وفقا لما ورثه من والديه من جينات تحمل خصائص عديدة من ضمنها خصائص الجسد ومواصفاته ، وان استخدام الجسد للارتزاق من مواصفاته او من جماله او من جهازه التناسلي او من أي صفة مرتبطة به تعتبر وفقا لرؤيتنا اهانة للقيمة الانسانية لصاحب الجسد ذاته ، ومن هذا المنطلق فان الملابس التي تكشف مناطق من الجسد بقصد الاثارة او المباهاة او المتاجرة انما هي تصرف غير صحيح ويعكس عدم احترام للذات ، وخاصة المرأة عندما تجعل مهنتها المتاجرة بالجسد فانها تهين كرامتها وتسيء الى شرفها ، الجسد منحة من الطبيعة ، منحتنا اياه الطبيعة لنحيا من خلاله ونمارس دورنا في الحياة ثم تسترد الطبيعة منحتها منا بعد الوفاة ، ويجب علينا احترام منحة الطبيعة واحترام كل منتجات الطبيعة التي تحقق منفعة لنا وتجعل حياتنا اجمل وأزهى وأبهى ، كل انسان حر في ما يلبس وحر في ما يفعل بجسده وبحياته طالما انه لم يتسبب في الاضرار بحقوق الاخرين ، ولكننا احببنا ان نبدي رأينا في هذا الموضوع لان له علاقة بالشؤون الاجتماعية ، وان ابداء الرأي حق من حقوق الانسان
ـ رأينا بشأن الحجاب أوالنقاب الذي ترتديه المرأة : اذا كان الحجاب يقصد به تغطية شعر الرأس حصرا فانه يندرج ضمن الحريات الشخصية ولا يحق لأي جهة ان تتدخل فيه ، اما اذا كان المقصود به تغطية الرأس بالكامل والرقبة مع ابقاء الوجه مكشوفا فهو وان كان يندرج ضمن الحريات الشخصية ايضا الا انه عندما يتحول الى رمز للانتماء الديني فانه يتوجب وضع التحفظات على استخدامه في بعض الاماكن ، مثل المؤسسات الحكومية التابعة للدولة كالمدارس والمستشفيات والمحاكم وغيرها من المؤسسات التي تقدم خدماتها لعموم المواطنين ، نحن كعقيدة علمانية نرفض استخدام أي رمز ديني في اماكن العمل والدراسة في المؤسسات الحكومية ونرفض الدعاية لاي فكر ديني في المناهج الدراسية وفي وسائل الاعلام الحكومية ، الحكومة في خدمة الشعب بكافة انتمائاته واطيافه ، المواطنة فوق الانتماء الديني او القومي او الطائفي ، امور الدين ليس من شأن الحكومة وليس من شأن الدستور ويجب الفصل بينهما بالكامل ، اما رأينا بشأن النقاب الذي يعني تغطية الرأس بالكامل بضمنه الوجه مع الابقاء على العينين مكشوفتين فاننا نعتبره اهانة الى مكانة المرأة ، ان الفكر الذي يفرض على المرأة لبس النقاب انما يعتبر المرأة جزء من ممتلكات الرجل وليس كائن انساني حر ومستقل ، فهي جزء من ممتلكات الرجل اشتراها بأمواله وعليه ان يحرص على اخفائها عن أعين الغرباء كما يخفي امواله وممتلكاته لكي لا يراها احد فيشتهيها وقد يسلبها منه ، وواضح انه فكر متخلف ذو نظرة دونية لكيان المرأة يعتبرها كائن خلق للجنس والشهوة فقط ، مثل هذا الفكر لا يمكن ان يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة ولا يمكن ان يؤمن بحقوق المرأة كأنسان ، وهو فكر لا يناسب عصرنا الحالي ، ونحن نرى بان على الدولة ان تشرع القوانين التي تمنع ارتداء النقاب في الاماكن العامة لان الوجه هو هوية للانسان والكشف عن الهوية واجب على كل مواطن عندما يريد ان يتمتع بحقوق المواطنة
ـ من المفاهيم الخاطئة والمتخلفة في مجتمعاتنا مفهوم ارتباط شرف المرأة الباكر بغشاء بكارتها ، ونعتقد ان مثل هذه المفاهيم تسيء الى مكانة المرأة وقيمتها الانسانية ، غشاء البكارة غشاء رقيق صنعته الطبيعة ووضعته في جسد الانثى عند جهازها التناسلي ليتحول عند مجتمعاتنا الى رمز للشرف لتزهق ارواح وتسيل دماء بسببه ، هذا الغشاء الرقيق صنعته الطبيعة كما صنعت كل منتجاتها الحيوية الاخرى في كائناتها الحية ، تلك المنتجات فيها الضروري للحياة وفيها غير الضروري ولا فائدة من وجوده ، هكذا هي الطبيعة تصنع وفقا لقوانينها وليس وفقا لرغباتنا ، وكما يتم اللجوء الى ختان الذكور لازالة ما هو ضرر على صحة الانسان فاننا نرى ايضا ضرورة اللجوء الى ازالة غشاء البكارة من كل فتاة في سن الطفولة لغرض التخلص من غشاء لا قيمة له وهو يمثل بسبب المفاهيم الاجتماعية المتخلفة انتهاكا صارخا لانسانية المرأة عندما يوضع شرفها في هذا الجزء من جسدها ، لتكن دعوتنا الى ازالة غشاء البكارة من الفتاة وهي في سن الطفولة خطوة في طريق تحرير المرأة من المفاهيم المتخلفة وتحقيق مساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات