مقاييس ترفض تسمية نساء عراقيات للوزارات الأمنية



مصطفى محمد غريب
2011 / 5 / 11

لمَ لا يفكر قادة الكتل بتسمية وزيرات للوزارات الأمنية بدلاً من الرجال والحق يقال لم نجد خلال الفترة المنصرمة أية مسؤولة وزيرة إن كانت أو نائبة في المجلس أو مديرة متهمة بالفساد وسرقة المال العام وهي وحدها صفة مميزة في بلد يخوض به الفساد للركبتين، واجد من المنطق والمعقول أن يجري التفكير الجدي في تسليم وزارتي الدفاع والداخلية والأمن الوطني لنساء عراقيات بدلاً من ضياع الوقت، أم أن المسؤولين في الكتل السياسية والحزبية سيتحججون بأنها ناقصة عقل ودين!! أو يخضعونها للمحرم مثلما فعلت البعض من مجالس المحافظات وعندما وضعت شروطاً بدخول محرم مع النساء ؟ أقول وبكل صراحة أنقذوا البلد بنساء وطنيات متعلمات مخلصات بدلاً من هذا الضياع في مقاييس مخرفة عفا عنها الزمن وأصبحت محط استهجان واستنكار العالم المتحضر.
لقد استمرت الخلافات على تعين الوزراء الأمنيين بعدما شابت الرؤوس حتى تشكيل ما قيل عنها حكومة الشراكة الوطنية التي لها مقاييس جداً بسيطة إذا ما فكروا فعلاً في مصلحة المواطن والبلاد وتم الابتعاد عن المزايدات السياسية، لكن قادة الكتل المتناحرة على القرار يخلقون المصاعب والعقد السياسية وكأنها مستعصية وهم يريدون أن يعتقد العراقي بان تلك التسمية سوف تقرر مصير البلاد مرة ثانية وهو أمر أصبح من الصعوبة بمكان تصديقه بعدما اتفقوا على قاعدة مبادرة السيد مسعود البرزاني، لكن الناس بدءوا يعتقدون، أنهم اتفقوا على أن لا يتفقوا، وإلا ليس من المعقول أن تتراوح عملية تعيين وزراء للوزارات الأمنية وكأن العراق قد خلى من الناس المخلصين، رجالاً ونساء، ثم ومثلما أكدنا في المقدمة لماذا الإصرار على الرجال دون النساء؟ إذا لم يجدوا رجلاً واحداً يرضيهم فهناك الآلاف النساء المتعلمات والحاصلات على شهادات عليا، ثم إلا تسد عيونهم نسبة 25% من النساء في البرلمان لو أن الغرض منه دعاية إعلامية لا أكثر ولا اقل، فما نسمعه من تصريحات حول عقدية التعين وصعوبات التشخيص وقلة الرجال الشرفاء نصاب بالغثيان حد التقيؤ ولو تفحصنا ما صرح به النائب في التحالف الوطني عبد الحسين عبطان وهو ليس رأيه فحسب بل رأي العديدين في التحالف الوطني أو العراقية حول تسمية الوزراء للوزارات الأمنية "أن الأمور في غاية التعقيد" ويبرر هذا الرجل ذلك ليس على أساس خلافات داخل تحالفهم ولا مع العراقية إنما داخل العملية السياسية وبدلاً من أن يفسر لنا وغيره عن كيفية حل هذا التعقيد الهائل وما هي مشكلة العملية السياسية التي أصبحت شماعة تعلق عليها كل مشكلة تبرز لا توجد لها حلول، ثم ينتقل العبطان فيفحمنا بالقول " أن وكالات الوزارات الأمنية لم يجر الحديث بها الآن " وكأننا حللنا قضية الوزراء وانتقالنا إلى وكلائهم، لكننا على الرغم من ذلك نسمع حديثاً آخر مختلف اختلافاً جذرياً حيث يشار إلى وجود وجهات نظر منقسمة على نفسها في التحالف الوطني نفسه حول طرح بعض الأسماء، أما الخلافات مع العراقية فتبدو أنها اتجهت إلى التصعيد بعد تبادل الرسائل بين المالكي وعلاوي فالأول يتهم العراقية بأنها لا تتحمل المسؤولية ومواقفها تضر مصالح البلاد أما الثاني فانه يتهم المالكي وتحالفه بعدم الالتزام بالشراكة الوطنية وما يفهم من بعد ذلك أن الطريق يضيق والحلول تسقط الواحدة تلو الأخرى ولا ثمة موقف يبشر بالانفراج، وكما يبدو أنها عملية تحتاج إلى الوقت وكأنما الوقت بعد الانتخابات الأخيرة ( أكثر من سنة ) عبارة عن وقت ضائع لا أهمية له في عرف المتصارعين على المناصب وعلى السلطة وادعاء كل فريق منهم بأنه المخلص الوطني الوحيد الذي يدفع البلاء عن البلاد واتهام الفريق الآخر بأنه ضد مصالح البلاد ومواقفه وسياسته تلحق أضراراً بهذه المصالح
لا بد الإشارة إلى أن تشكيل الحكومة العراقية التي لقبوها " بحكومة الشراكة الوطنية " انبثقت بعد صراع مرير وتأخير غير مبرر إلى حين انطلاق مبادرة البرزاني وتنفس الكثير من العراقيين الصعد لان الاتفاق رفع عن كاهلهم القلق من الأوضاع وبخاصة الاضطراب الأمني والخلل الكبير في عمل الأجهزة الأمنية والفساد الذي انتشر وأصبحت اذرعه ممتدة في كل مكان وأمام أنظار الجميع، كما اتسعت ظاهرة الرشوة في الكثير من دوائر الدولة وتفاقمت مشاكلها ومشاكل الفقر والبطالة والتجاوز على البطاقة التموينية مما أدى إلى خروج الآلاف من المحتجين والمتظاهرين الذي طالبوا بالقضاء على الفساد وحل المشاكل الحقيقية التي تجابه المواطنين ومنها أو في مقدمتها قضية تردي الأمن والخدمات وتصاعد الاغتيالات والتفجيرات والاعتقالات غير المبررة قانونياً وغيرها، إلا أن الكتل والأحزاب السياسية المهيمنة على السلطة لم تعر هذه القضية اهتماماً يساهم في إيجاد الحلول وفي مقدمتها تبعثر الجهود في قضية تسمية الوزراء للوزارات الأمنية التي أصبحت أو جعلوها صعبة التحقيق ويستشف من ذلك الرسائل المتبادلة بين المالكي الذي يسكن في القطب الجنوبي وبين علاوي الذي يسكن في القطب الشمالي وهي نكته أطلقها البعض على صعوبة اللقاءات في العراق بينهما!!.
في السابق وعندما اشرنا أنها ليست بحكومة الشراكة الوطنية بل أنها حكومة محاصصة سياسية جوهرها طائفي قومي شكك البعض بقولنا وحاول تبرير دعوته ومجافاته للواقع وها هو المالكي يوضح بشكل جلي أن " الوزارات الأمنية ليست من حصص الكتل السياسية وإنما هي للمكونات " أي أنها من حصة المكونات ولا تخضع للاتفاقيات والتقسيم والمعنى يجب أن توزع للمكونات الكبيرة كالآتي ( شيعة ، سنة ، كرد ) فأين هي الشراكة الوطنية التي طبل لها البعض ؟ وتجلى أيضاً عمق الأزمة وتفرعها بين الكتل المهيمنة على السلطة وبخاصة تهديدات العراقية بالانسحاب من العملية السياسية التي تعيش المأزق تلو المأزق وهي مآزق تخضع إلى أمزجة التسلط والصراع للحصول على اكبر قدر ممكن من الفائدة الحزبية السياسية والطائفية البغيضة وان ألبسوها ثوب الوطنية والديمقراطية..
إن الحل الحقيقي لقضية الوزارات والمناصب الحكومية يجب إن يوضع في يد المرأة العراقية التي تضاهي أي رجل منهم في قيادة الدول والوزارات والمؤسسات بمؤهلاتها الكثيرة لأنها أثبتت طوال تاريخها بأنها إضافة لكونها مربية الأجيال، مناضلة وقيادية ومضحية وتستطيع أن تقوم بالواجب الوطني من خلال نزاهتها وإخلاصها للشعب والوطن .
ربما الاقتراح سيزعج المسؤولين والبعض من الذين يرون في المرأة كائن ضعيف وغريب عن المجتمع البشري! لكن مع ذلك ليفكروا ملياً إذا كانوا فعلاً مخلصين ونزيهين ووطنيين يردون الخير للعراق.