متى ننتفض على العنف ضد المرأة ؟!



اسماء محمد مصطفى
2011 / 8 / 7

تعاني النساء بشكل عام العنف الأسري الذي لايمارسه الذكر وحده ضدهن وإنما تمارسه المرأة نفسها ضد نفسها وضد بنات جنسها ، بفعل ضغط الرجل عليها وانحياز الأسرة الى الطفل الذكر وتفضيله على البنت ، وبفعل تسليط الأخ على أخته من قبل الأم حتى لو كانت فيه عيوب الدنيا .
إن شيوع الأنانية والتسلط وتوارث مفهوم مغلوط عن أفضلية الذكر على الأنثى ، يقود المرأة من واقع أسري عنيف في بيتها الاول الى واقع مثله بعد زواجها ، وإلا كيف نفسر قيام الرجل بمواجهة أي مشكلة مع زوجته من خلال ضربها ، وكأن عقد الزواج يتضمن ضمن بنوده ضرب الزوجة .
إن لجوء الرجل الى العنف مع زوجته دليل على ضعفه ، وهو الذي يتبختر منذ أقدم العصور بقوته وجبروته ! ويفسر الآية القرآنية الخاصة بضرب المرأة على وفق هواه ومحدودية نظرته حين يتعلق الامر بتفضيله مصلحته على المصلحة المشتركة .
الذي يزيد الامر سوءًا إن بعض الرجال لايضربون زوجاتهم داخل بيوتهم فقط وإنما ينسحب الامر الى تعنيف الزوجة أمام أهل الزوج او أهلها بل حتى أمام الغرباء .
ومن العيوب المتوارثة في مجتمعاتنا إنها تنظر بعين واحدة ، ذلك إنها تتناول دائماً مسألة كيف تسعد المرأة زوجها ، ولم تتناول بالأهمية نفسها كيف يسعد الرجل زوجته ، حتى بات الرجل ينظر الى الزوجة على إنها وسيلة لتحقيق رغباته وإسعاده ومراعاة طفولته فقط ، من غير أن تسمح له أنانيته الذكورية بأن يسأل نفسه كيف يفهم رغبات زوجته وكيف يسعدها ويحتضنها كطفلة !
وهذا سببه ضعف ثقافته ( العاطفية ) وربما انعدامها ، وقد يفسرها البعض على إن الرجل بطبيعته عملي بينما المرأة عاطفية ، لكن بماذا نفسر رومانسيته حين يتعلق الامر باصطياد المرأة او حين يكون الارتباط في بدايته ، بينما تختفي الرومانسية بعد الزواج بل يأخذ البعض بإلقاء سلبياته كلها على المرأة التي ينبغي لها في عرفه أن تتحمل كل شيء حتى قلة الاحترام ، بينما على الرجل ان يُحتَرَم دائماً من قبل زوجته !! ذلك إنه رب الأسرة وهو الأولى بالطاعة والرعاية منها وهي ربـ .. ة الأسرة !!
نعم ، ثمة مفهوم مخطوء آخر لدى الرجل والمجتمع يتمثل بضرورة أن تتحمل الزوجة الإهانات وعيوب الزوج كلها ، وكما قال أحدهم ناصحاً أخته التي اشتكت له زوجها : ( صيري عراقية من صدك ، تتحمل كل شي ) مما يعني أن على المرأة أن تقبل حتى بكل ما يقلل من احترام إنسانيتها التي لايفقهها الرجال عموماً وهم الذين يكيلون بمكيالين ، ويطالبون المرأة بأن تحافظ على أنوثتها بينما لايسألون أنفسهم هل يستحقون منها أن تكون أنثى دائماً ؟
إن الذي يحصل عموماً أن الانثى هي الحائط الذي يلقي عليه الذكر أعباءه وعيوبه ومساوئه ، وهو الذي لا يفكر بتصحيح نفسه من أجلها ولكي تتحقق معادلة متوازنة خاصة بالاخذ والعطاء . لكن من أين للرجل أن يفقه هذا إذا كان جاهلاً بأبسط احتياجات المرأة العاطفية وغير العاطفية . ومتى يحاول أن يثقف نفسه ويحترم المرأة أكثر؟! بل متى تنتفض المرأة نفسها على ضعفها وخضوعها وسلبيتها التي تقوم بتوريثها الى بناتها ليواصلن من بعدها مسيرتها في كبت المشاعر وقمع الرغبات المشروعة ؟!