نساء بين الدين والتقاليد!!!



أسماء صباح
2012 / 1 / 27

نساء عربيات، ينقسمن على انفسن ما بين الدين والتقاليد، تجدهن يرتدين العباءة السوداء، والنقاب، يظهرن أعينهن اللواتي ازدن بالحكل العربي والعدسات اللاصقة الملونة، بالاضافة الى اكسسوارات ملونة تلمع على الايدي وحناء أسود او احمر بحسب الموضة.
يضحكن بصوت عال، يتمايلن، ويرقصن على ايقاع اغان شعبية كل ما تحاول ايصاله فقط هو معان لها ايحاءات جنسية، وهن يحركن اجسادهن بشكل ما يشبه "المهلبية" كما وصفته احدى الاغنيات.
تأتي واحدة لتوشوش في أذن الجالسة بقريها فتسمع ضحكا وتنهيدا يثير اهتمامك، واخرى تتحجج بالكبت النفسي والاجتماعي لترقص ساعتان متتاليتان دون توقف "في الشارع طبعا"، حيث لم يتسع منزل العروسة للوافدين، فقرر الاهل حجز الشارع مكانا يقيمون فيه الاحتفالات.
النساء ياتين ويذهبن وكل واحدة تقوم بواجب الرقص لوداع العروسة التي ستتزوج قريبا، والرجال على مرمى خطوة واحدة، يختلسون السمع والنظر، ومنهم من يحمل هاتفه الجوال ليلتقط صورة لفتاة او حتى مقطع فيديو "وهي ترقص".
الا ان هؤلاء اللواتي رقصن في الشارع الليلة وضحكن كثيرا وعبرن عن كبتهن، يرفضن ان تخرج واحدة من بناتهن ببنطال الجينز، لانه ضيق وحرام، فالعباءة تستر الجسد ولا تثير شهوات الشباب في اماكن الاختلاط، واتساءل عن اي نوع من الاختلاط واثارة الشهوات يتحدثن وقد كن قبل قليل يرقصن في الشارع ويتمايلن بشكل مثير وفاضح واحيانا وقح؟.
وعندما تطرح هذا السؤال تفاجأك هؤلاء بالاستهجان، وان هذه عادة، وعلى الرفيقات ان يرقصن لرفيقتهن قبل ان تتزوج وهذا نوع من الفرح واداء الواجب، وتسأل: والدين يبيح الرقص في الشارع وبهذه الميوعة؟ ينظرون اليك وكأنك قادم من المريخ، فهم يعيشن هكذا منذ ان ولدن "هذا ما وجدنا عليه اباءنا".
لقد تماهت العادات والتقاليد هنا بالدين، وصار الواحد منهم لا ينفصل عن الاخر، فللصلاة وقت وللرقص والمتعة وقت وكل منهما لا ينفي الاخر، اما بنظال الجينز فهو حرام لا محاله، سواء صليت ام لم تصل، رقصت ام لم ترقصي، فهذا متفق عليه.
ولأنه لا يحضرني الآن تفسير منطقي لما يحدث، سردت الاحداث والتساؤلات على امل ان اجد تفسيرا يساعدني في تحليل هذا الفصل والاندماج حد التماهي أحيانا بين الدين والتقاليد في الطبقات الشعبية المصرية، وقد اضع شريحة من الناس قيد الدراسة من اجل مراقبة ما يرجع الى الدين وما يرجع الى العادات "مناف للدين وقد يكون محرما" من اجل فهم الاساسيات التي ساهمت في تكوين هذه الشخصيات.
وستكون هذه الدراسة على مجموعة من النساء"المرأة بصفتها ناقلة الحضارة" الى الاجيال القادمة، وكيف تتصرف ما بين الدين والتقاليد وهل هي ملتزمة اكثر بتعاليم الدين ام مأخوذة بتطبيق العادات؟ وما الفرق بين التزام المرأة والتزام الرجل وكيف يؤثر هذا على علاقتهما.
أفترض هنا ان الرجل ينصب نفسه كمراقب على المرأة التي قد تضل عن الطريق المستقيم في حال غفل عنها، وعن تصرفاتها مع الاطفال في المنزل، فيمنعها من مشاهدة بعض القنوات التي قد تثير تساؤلات عندها "خصوصا عن علاقتها بالرجل وعلاقة الرجال الاخرين بالاخريات من النساء"، ويمطرها بالاسطوانات المدمجة التي تزخر بدورس الدين، حتى لا تحيد المرأة عن الايمان، لما تراه وتسمعه من الخارج، هذا غير الاملاءات التي يلقيها الزوج عليها قبل الخروج للعمل، من افعلي ولا تفعلي.
تصبح المرأة في لحظة من اللحظات "كنبة" في المنزل فلا رأي لها، ولا شيء اصلا لتقوله، هي مربية لاولاده الذين يتصرفون مثله تماما، فلو بصق على الارض قلدوه ولو مد يده عليها ليضربها ايضا لفعلوا مثله، يمنعها من العمل كي لا تشعر بذاتها وانها قادرة على الانتاج، ثم يمنعها عن كل وسائل الاتصال بالعالم المتحضر الذي لا يتعارض بالضرورة مع الدين، ولكنه يتعارض مع ثقافته الذكورية، فيخاف ان تعرف حقوقها الكثيرة المهدورة عنده، وان تعرف حدود واجباتها وتتيقن انها تقدم اكثر مما يتوجب عليها، لذلك يسد عليها ابواب النور كلها ويبقيها في ظلام دامس، يسمعها الشيوخ الذين "يعيدون عليها مرارا حسنات استعباد النساء" ولاشيء غير ذلك، لتبقى ساكنة راضية خاضعة.
يتبع....
استعباد النساء...