بطاقة دعوة



عبله عبدالرحمن
2012 / 2 / 27

ميلاد التغيير يبقى متعلقا بخطوات حقيقية نسير فيها نحو ذواتنا ونحو الآخرين .. إذ ليس من المعقول أن نبقى نردد شعارات غريبة وغبية وكأننا ما زلنا نحيا خارج إطار مجرتنا، فما نريده وما نسعى له بكل قوة، يقع على عاتق المرأة في تحقيق انقلابها الحقيقي، والذي يجب أن تقوم به بنفسها على كل ما يكبلها من قيود كان المفروض ان تكون قد ذابت نتيجة ما جرى عليها من تقادم بفضل بلوغ العصر ذروته من التغيير والتطور متسلحة بحرية الفكر.
كثيرة هي الأفكار التي سكنتني غضبا وحنقا وأنا اقرأ بطاقة الدعوة الخاصة بفرح ابنة الجيران، ومع أنني كنت على انتظار مع الفرح الذي ستعبر بهجته الحي كله، إلا أنني لم أكن على انتظار مع بطاقة يكون فيها اسم العروس مجهولا وكأنها نكرة لا وجود لها، واحترت هل بات اسم المرأة عورة كصوتها، حتى لا يستقر ملازما لاسم الزوج الذي ستشاركه حياته بكل جمالها وجمالها حتى لا نقول قبحها، إذ من المعيب على عروس أنهت تعليمها الجامعي بدراسة الهندسة أن ترضى بأن يكون اسمها مذيلا بكريمته أو شقيقته نسبا إلى الرجل الذي تنتمي إليه سواء أكان أبا أو أخا، وهي المهندسة التي زاحمت تنافسا مع زميلها الرجل في الحصول على أعلى العلامات وفي ارتياد وسيلة المواصلات المناسبة وفي الحصول على الوظيفة التي تناسب اللقب الذي حازت عليه.
في الأحداث المفصلية من حياة الإنسان نستحضر دائما الموروث التاريخي ليقول كلمته وكأننا نحيا بقبليتنا وبروح أجدادنا الأوائل، وكأننا ما زلنا نستخدم الحوض الأرضي في غسيل الملابس ونخبز خبزنا على حجارة تقبع خارج البيت، حالة من الجهل والجهالة وازدواجية المعايير تعود بنا إلى عقود مضت. حالة من الوعي تستدعي منا أن نكون على قدر من المسؤولية.
المرأة باختصار بوضعها الحالي بكل ما نالته من حقوق وبكل ما عانته وما زالت تعانيه من غبن وظلم هي صورة حقيقية لمجتمع غير حرّ، مجتمع تنعدم فيه الديمقراطية وتسيطر عليه تلال من العادات والتقاليد والأعراف المختلفة لا يحتاج فقط لثورة لتحرير المرأة بل يحتاج إلى ثورة يشعر فيها قطبيه بالحرية.
إذ لم يعد مقبولا أن تظل المرأة مكبله بصفتها ضحية مقهورة وقليلة الحيلة ونحن نعيش زمن الربيع العربي، حينما واجهت القتل والغازات السامة في بطولة وصمود وثبات مثلها مثل الرجال، في أكثر من بلد عربي، بل هن تعرضن لظلم أكثر حين اتهمن بشرفهن وعلى لسان زعيم عربي غاب أفوله وهو علي عبدالله صالح ، ولا ننسى أن واحدة من تلك النساء عريت أمام العالم، قد واجهت ذلك العالم بإرادة لا تنكسر حين قالت: أن ذلك الجندي الذي جردها من ملابسها هو الذي تعرى أمام العالم كله.
يبقى أن نقول أن قلق المرأة، له ما يبرره خاصة وان مياه الربيع العربي ربما تكون قد نجحت في إزاحة كابوس الأنظمة الفاسدة، ولكن الأنظمة الفائزة بالانتخابات جاءت التطمينات منها دون مستوى التضحيات التي قدمتها بطول صبر المرأة.
هل يتقبل مجتمع الثورات، المرأة العربية جنبا إلى جنب مع الرجل الذي شاركته خروجه في البحث عن الحرية والعدالة والمساواة.؟