صفعة لنساء الربيع العربي!!



أسماء صباح
2012 / 3 / 15

شاركن دون كلل أو ملل، تحدين السلطة السياسية والثقافية وخرجن للميادين العامة مناديات بالحرية والديمقراطية، وقفن في وجوه الاخوة والاعداء، هتفن حتى بحت الحناجر، وبتن في العراء شتاءاً، حملن الغذاء والدواء وأمددن المتظاهرين بالماء والشراب والفراش.

لا أحد ينكر على المرأة العربية مشاركتها الفعالة في نصرة أوطانها ومواطنيها، فقد كانت سباقة دوماً، وما أن رحل الدكتاتور حتى فوجئت برفيقها في الميدان يطلب منها بعد "انتهاء مهمتها" ان تذهب لمنزلها فقد انتهى الدور المنوط بها، والاحرى ن تعود الى ما كانت عليه، دون أن تحقق شيئاً لنفسها.

وجاء الاسلاميون ليخطفوا ثورات الربيع العربي كلها دون استثناء، فهم الذين وقفوا وقفة المتفرج، عندما بدأ الشباب والشابات بدايات بسيطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ظهروا من القمقم بعد ان مالت كفة الفوز باتجاه الثوار العنيدين، فأيدوا وانحازوا لهم، بينما كان الخوف يقطع أوصالهم بسبب ما عانوه من قمع وظلم وقهر وسجن أيام الدكتاتويات السابقة، فالتف الناس البسطاء حولهم، وهولاء البسطاء هم أغلبية الشعب العربي والذين لا يعرفون ان "الاسلامين" سيجلبون لهم استبداداً اكثر قسوة من ذاك الذي كانوا يتعرضوا له، فالاستبداد الديني أشرس من الاستبداد السياسي واذا التقى الاثنان فهنا الدمار الحقيقي للأمة التي مالت من الخليج الى الخليج باتجاه رياح الحرية التي كانت تحلم بها.

استخدم هؤلاء الخطاب الديني لمصلحتهم، وانا لا أدعي ان الخطاب الديني يشكل مشكلة العصر، الا ان الافواه التي تردده دوما هي التي تجعل منه أداة لاجتذاب الناس فقط لا غير، والدليل هنا، كذب نائب مجلس الشعب المصري النائب عن حزب النور السلفي بشأن عملية تجميل كان قد أجراها لأنفه، خائفاً من ان يكون الاسلام قد حرم هذه العمليات لانها تغيير في خلق الله، فابتدع اخانا قصة من وحي الخيال، وقال بان هناك من اعتدى عليه بالضرب وحاول قتله وهشم وجهه وانفه الذي أصبح اكثر جمالاً بعد الاعتداء.

ان أناس كهؤلاء ليس لهم خبرة في ما يحتاجه الناس، وهم ليسوا كلهم بسطاء وفقراء ومسلمون وجهلاء، من الناس"الشعب" من هم شباب وشابات يتوقون للحرية، مثقفون يريدون الادلاء بدلوهم في مركب التحرر، علماء يحلمون بازدهار العلم، صناع يريدون نهضة صناعية ومزارعين يرغبون بتصدير المنتجات للخارج، فنانون ونساء واطفال وشيوخ ولكل منهم احلامه وتطلعاته نحو الحرية.

المرأة كانت الخاسر الاول، وهي التي وقفت في طوابير الانتخابات راغبة ومؤيدة لرجال الشريعة مرجعهم، طبعا الشريعة التي يريدون من خلالها يفسرون، ان على المرأة تغطية رأسها حتى أخمص قدمها بالسواء لانها عورة، وكأنها غير موجودة ، لأن هذا السواد يحولها الى شبه انسان، لا يأكل ولا يشرب ولا يتكلم في الاماكن العامة، قد يكون بامكانها التحدث وابداء رأيها في المنزل مثلا وهذا مستبعد.

اننا في النهاية محتاجون جدا لثورة ثقافية تغيير من مفاهيم وعقليات الرجال والنساء والشباب والشابات وحتى الاطفال، ثقافة المساواة في الآدمية والحقوق والمواطنة، ليعرف الجميع ان الرجل يساوي المرأة والمسيحي يساوي المسلم واليهودي، كلنا شركاء في الوطن لا يملك أي احد منا الحقيقة المطلقة، لذلك فعلينا بالحوار وتقبل الآخر كما هو وعدم محاولة تغييره بالطريقة التي تلائمنا لاننا قد نتصادم مع افكاره ومعتقداته، لنبحث عما يجمعنا ولنترك ما يفرقنا جانبا، ولنكف عن المجادلة في الجزئيات ولنتفق على الكليات حتى نتجاوز عن هفواتنا وهفوات الاخر ولا ندخل في مباراة صفرية.