ماذا تريد النسوية الإسلامية؟!



أسماء صباح
2012 / 5 / 17

في البداية لا بد من تعريف النسوية الاسلامية وهي خطاب نسوي ضمن نموذج اسلامي، تستمد فهمها لقضايا المرأة وتسعى لتحقيقها من خلال القرآن.

تجدر الاشارة الى ان مصطلح نسوية ظهر في البداية في فرنسا عام 1880 من قبل اوكلير اوبرتين من خلال صحيفة لاستويان، انتقدت الكاتبة وقتها هيمنة الذكور على الاناث ودعت الى تحرر المرأة وحصولها على حقوقها التي وعدت بها الثورة الفرنسية لكل المواطنين رجالا ونساء.

وفي العقد الاول من القرن العشرين ظهر المصطلح بالانجليزية واستخدم في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية عام 1910، وبعد ذلك استخدم في مصر عام 1920 دخل بداية بالفرنسية ثم تم تعريبه واطلق عليه نسائية.

وكون هذا المصطلح نشأ في الغرب لا يعني ان الحركة النسوية كلها غربية فالحركة النسوية الامريكية ليست فرنسية ولا المصرية امريكية، فلكل بلد نسويته ومؤسسيها.
وانتشرت النسوية بشكل كبير في الستينات والسبعينات والثمانيات من القرن العشرين وبدأت تصبح حقلا لدراسة كل ما يتعلق بالمرأة والنوع الاجتماعي بعد ذلك.

النسوية الاسلامية:

بدأت معالم هذه الحركة تبدو واضحة في 1990 في عدة مواقع من العالم وبدأ صعود هذا المصطلح من ايران عند الكاتبة المسلمة زيبا مير حسيني في مجلة زنان التي تأسست عام 1992 واستخدمت كذلك الكاتبة السعودية مي يماني هذا المصطلح في كتابها "النسوية والاسلام" الذي صدر عام 1996.

تهدف النسوية الاسلامية الى الوصول الى العدالة الاجتماعية من خلال اعادة قراءة النصوص الدينية وتفسيرها.

ان النسوية الاسلامية ظاهرة عالمية غير محصورة في الشرق او الغرب وليست نتاج اي منهما لوحده، فقد نشأت في اماكن مختلفة من العالم الذي ينتشر فيه المسلمون.
ترى بعض الباحثات في النسوية الاسلامية ان الفقه القديم كان مشبعا من الفكر الابوي السلطوي وكثيرا ما استخدام اقوال وافعال الرسول الكريم لدعم الافكار والممارسات السلطوية واستخدمت كذلك احاديث مشكوك في مصدرها وغير موثوقة وبعضها تم استخدامه خارج السياق من اجل دعم سلطوية الرجل.

لذلك فان من اولويات النسوية الاسلامية هو التوجه مباشرة الى نص الاسلام المقدس والمركزي وهو القرآن الكريم من اجل نشر رسالة المساواة التي جاءت فيه، وتركز بعض الباحثات حصرا على القران مثل امينة ودود ورفعت حسن وفاطمة ناصيف، والبعض الاخر يسعى الى اعادة قراءة القران والحديث النبوي من اجل التعرف على الصيغ المختلفة للشريعة مثل عزيزة الحربي وشاهين سردار علي، وتركز اخريات على اعادة النظر في الحديث النبوي مثل فاطمة المرنيسي وهداية توكسال.

وتتبع رائدات هذه الحركة المنهجيات الكلاسيكية وهي الاجتهاد الاسلامي وتسعى من خلاله للتحقق من المصادر الدينية والتفسير وتستخدم الى جانب هذه المنهجيات اساليب وادوات جديدة مثل اللغة والتاريخ والنقد الادبي وعلم الاجتماع وعلم الانسان وغيرها.

وتركز النسويات على الايات القرانية التي تشير الى تساوي بني البشر بغض النظر عن النوع وان الله لا يميز بينهم الا من خلال اعمالهم ويحاسبهم على هذا الاساس وتتساءل عن السبب الذي دفع بالفقهاء الرجال الى التركيز على الذكورة ووضعها دوما في المقدمة ويفسرن ذلك بان العقلية الذكورية والثقافة الابوية كان لها اكبر الاثر على هؤلاء الذين تغاضوا عن المساواة في سبيل اظهار تقدم نوعهم على النوع الاخر.

ولا ترى النسويات الاسلاميات اي تناقض بين كونهن مسلمات ونسويات في نفس الوقت فالثانية لا تلغي الاولى او تنقص منها، لان كل ما يرفضنه هو تلك القيود المفروضة على المرأة بسبب نوعها ويسعين لخلق نظام اكثر انصافا للجنسين.

مناهج التأويل النسوية:

اعاة النظر في تفسير آيات القرآن الكريم لتصحيح قصص كاذبة تناقلها البعض لدعم الثقافة الذكورية مثل الاحداث التي حصلت في الجنة والتي يستخدمها البعض كداعم للتفوق الذكوري ثم البحث عن الآيات التي تتحدث عن المساواة التامة بين الرجل والمرأة بشكل غير ملتبس وغير قال للتأويل او التغيير ثم تفكيك الآيات بالانتباه الى الفرق بين الذكور والاناث فيها ثم تفسيرها بحيث تكون بعيدة عن الهيمنة الذكورية.
يتبع..