يمكن للنضال ضد استغلال النساء أن يكون محركا لتغيير اجتماعي شامل



أحلام بلحاج
2012 / 6 / 3

مقابلة مع أحلام بلحاج، رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات (ATFD)

تونس: "يمكن للنضال ضد استغلال النساء أن يكون محركا لتغيير اجتماعي شامل"


بعد سنوات من النضال من أجل النهوض بحقوق المرأة وحقوق الإنسان، نجد في طليعة الثورة التي هزت تونس، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والنساء اللواتي قاتلن من أجل تطور بلدهن. إنهن يطالبن بتغيير عميق في التشريع التونسي ولكن أيضا في العقليات. جلبت الثورة والاضطرابات السياسية الأخيرة تحديات جديدة، والوضع الحالي أبعد ما يكون عن الوضوح.





Afriques21: ما هو التمييز الذي تعاني منه النساء؟ وما هو وضعهن حتى الآن؟

أحلام بلحاج: بالمقارنة مع بقية العالم العربي، فحالة المرأة التونسية فريدة. لقد استفادت فعلا من قوانين تقدمية في وقت مبكر. فمند عام 1956، على سبيل المثال، يحظر قانون الأحوال الشخصية تعدد الزوجات ومنح المرأة الحق في الطلاق. وفي عام 1964، اكتسبت المرأة حق الإجهاض، وهذا يعني بفترة طويلة عن الفرنسيات. وكان لديهن الحق في التصويت في عام 1957، أي 15 عاما قبل النساء في سويسرا. استغلت الحكومات التونسية في كثير من الأحيان قضية المرأة كواجهة للديمقراطية والحداثة، ودلك بإقامة نوع من "حركة نسوية دولانية".

ومع ذلك، لا تزال عدم مساواة عالية، لا يثيرها أبدا هؤلاء القادة أنفسهم، قائمة في القانون التونسي، وخاصة في الأسرة. في تصور أبوي تماما، والزوج، "رب الأسرة" هو الحائز الوحيد للسلطة الأبوية. ولا تعتبر المرأة من أرباب الأسر إلا في حالات استثنائية. وعلاوة على ذلك، فقانون الإرث لا يزال يشكل مجالا هاما للغاية حيث تتعرض المرأة لتمييز جلي لأن القانون يجبر النساء على تلبية احتياجات الأصول والفروع في حين لا زلن يرثن نصف ما يرث الرجال. هذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا. على الرغم من نصوص قوانين واضحة، تبقى الأحكام الصادرة في كثير من الأحيان مطبوعة ببعض الذكورية.

اجتماعيا، لا سيما في صفوف الأجراء، نشهد ظاهرة تأنيث للفقر. كما في كل مكان، فإن معدل البطالة أعلى بكثير لدى النساء: بدبلوم متساوي، فإن النساء هن أقل حظا في العثور على عمل. ومشكلة الخريجين العاطلين عن العمل واضح وسط النساء. وعلى الرغم من المساواة المعلنة في قانون الشغل، فإن النساء أقل أجرة وأقل فرصة لإحراز تقدم على المستوى المهني. كما أن عمل المرأة أكثر تهميشا بكثير في كثير من الأحيان. والعمل غير المستقر يصيب المرأة في الغالب، بخاصة الخادمات أو تلك اللواتي يعملن في قطاع العمل من الباطن. وتلك هي القطاعات التي يكون فيها الاستغلال في ذروته.

هذه هي ابرز مظاهر التمييز ضد المرأة، ولكن هناك طبعا أخرى، لا سيما فيما يتعلق بمشاركة المرأة في الحياة السياسية. فالنساء أقل تمثيلا في مناصب القرار. ليس فقط على مستوى المراكز العالية في الوزارات ولكن أيضا في المجتمع المدني.

انه نفس الشيء على المستوى النقابي: كالعادة، لم يتم انتخاب أي امرأة للقيادة الوطنية في مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل، النقابة الأكبر في تونس، ديسمبر 2011، في حين أن أكثر من 40٪ من أعضاء الاتحاد هم من النساء. ومعدل حضور المرأة في الهياكل الوسيطة للاتحاد العام التونسي للشغل لا تزال منخفضة للغاية أيضا. إنها بيئة حيث هناك الكثير من الأشياء للقيام بها من حيث المساواة بين الجنسين.

A21: كيف تم تحول النساء إلى الثورة؟ ما هو دور المرأة في الثورة؟

أحلام: كانت المرأة التونسية حاضرة في كل مراحل الثورة، وليس فقط خلال الفترة من 17 ديسمبر - 14 يناير. لقد شاركت في إعداد هذه الثورة، وخصوصا خلال النضالات النقابية حيت احتشدن بشكل واسع لأنهن موجودات في القطاعات الهشة جدا. على سبيل المثال، في بداية سنة 2000، وبعد "الاتفاق متعدد الألياف" (1) الذي أثر على قطاع النسيج المتميز بالتأنيث بشكل خاص، فأن النساء هن اللواتي بدأن النضالات الاجتماعية والإضرابات والاعتصام.

وكانت هذه الموجة من المظاهرات النسائية، التي أبانت روحا قتالية عالية، كانت أيضا مصدر المنتدى الاجتماعي التونسي. انخرطت النساء كذلك في النضال الديمقراطي من أجل حقوق الإنسان عن طريق الترويج لثقافة ولشعور مناهض لنظام بن علي. كن يتحدثن عن القمع والفساد، وحاربن من أجل الديمقراطية، ومن أجل الحرية، ومن أجل حقوق النساء.

واندلعت حركة الحوض المنجمي في عام 2008، تلك الخطوة الهامة للغاية التي سبقت الثورة التونسية بمبادرة من النساء. لقد بدأت أمهات الشباب غير المستفيدين من الشغل الاعتصام في شوارع قفصه وقمن بضمان مقاومة يومية.

في ديسمبر 2010 يناير 2011 كانت – كما رددت وسائل الإعلام بكثرة- المرأة حاضرة في كل مكان في الشارع، وعلى المدونات الالكترونية، وفي الاشتباكات، وفي جميع مظاهرات الثورة. وتمكن من عيش مواطنة متساوية إلى جانب الرجال في هذه الأحداث. A21: بعد سقوط زين العابدين بن علي، ما هي التغييرات التي طرأت؟ كيف ترين المستقبل؟

أحلام: لسوء الحظ، بعد الثورة، أصبحت الأمور أصعب قليلا. لقد اعتقدنا أن هده المشاركة القوية للنساء في الثورة يمهد الطريق لمزيد من المساواة، والمزيد من الحقوق للنساء التونسيات. وطبعا طالبت النساء اللواتي شاركن بنشاط في هذه الثورة، على الفور بالحصول على قوانين تكرس المساواة.

وارتبط هذا المطلب مع دلك المتعلق بالفصل بين السياسة والدين الذي ظهر بكونه لازم للمساواة. لن نتمكن من تحقيق المساواة من خلال الاستمرار في الرجوع إلى أحكام الشريعة.

ثم بدأت معركة من أجل زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية. وأخيرا صدر قانون تاريخي يتعلق بالتكافؤ(المناصفة) صوت لصالحه عدد كبير من ممثلي "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة" (2). وقد مكن هذا العمل النساء من أعماق تونس لتكون موجودة على القوائم، والمشاركة في الاجتماعات، وحتى في العودة إلى المنزل في وقت متأخر! أعتقد أن هذا سوف يؤثر على العقليات، ولكن ربما على المدى الطويل. على المدى القصير، هناك ما يزيد قليلا على 25٪ من الإناث بين المنتخبين في الجمعية التأسيسية، على الرغم من أن أغلبيتهن تنتمي إلى النهضة.

في المقابل، في ما يتعلق بالمساواة على المستوى القانوني والاجتماعي لجميع النساء، وفي جميع المناطق، فالأمور أقل وضوحا. مند الآن يتم الحديث، في عالم السياسة، عن الحفاظ على المكاسب التي حققتها المرأة، ولكن لم يعد أحد يتحدث عن تحسين القوانين. على سبيل المثال يطلب من جمعيتنا تكريس جهودها فقط للحفاظ على المكاسب،علما أننا نكافح مند 20 عاما من أجل المساواة الحقيقية، ولا سيما داخل الأسرة.

هذا الخطاب الذي أصبح أكثر شيوعا مفروض إلى حد كبير بوجود النهضة في الحكومة. في مواجهة النهضة ، ينبغي على الأقل الحفاظ على المكاسب كي لا نترك لها الثغرات مفتوحة التي قد تسمح لها بفرض التراجع المقلق في بعض المجالات. صحيح أن عددا من الأصوليين الدينيين، والسلفيين على وجه الخصوص، ولكن أيضا بعض أعضاء النهضة، يتحدثون حول طرح قضايا أساسية مثل تعدد الزوجات، والتبني، أو حتى الخلافة (الحكم الإسلامي) الذي يهدد حقوق المرأة.

بالنسبة للحق في العمل وتأنيث الفقر الذي جئت على وصفه، لم يتم فعل شيء للنساء. ومع ذلك فهن أشد الناس فقرا، وهن اللواتي لديهن عدد أقل من الأملاك، وهن الأكثر استغلالا. على العكس من ذلك، هناك أصوات تتعال لتقول أن المرأة تأخذ عمل الشباب، وتدعو النساء إلى البقاء في المنزل وتتهجم على النساء اللاتي يعملن.

إنها تهديدات قائمة ضد وضع النساء. ومع ذلك هناك، في مواجهة دلك، تحرك كبير للنساء، اليقظات للغاية، واللاتي ينتظمن لتشكيل حصن حقيقي ضد كل أشكال التراجع. وأعتقد أيضا أن مناهضة استغلال النساء وهيمنة الذكور يمكن أن يكون قوة للتغيير نحو مزيد من العدالة الاجتماعية بشكل عام.

إنه بإقامة الروابط ، وتوثيق الصلة بين مختلف مستويات النضال - النضال ضد عدم المساواة بين الجنسين، وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، والتفاوت بين المناطق، وما إلى ذلك. - سيكون ممكنا للأمور أن تجد فرصة للنجاح في تونس. ونحن متفائلون في مواجهة كل هذه التحديات لأن التعبئة موجودة، والناس يقظون جدا ومنتبهون إلى كل ما يجري القيام به حاليا.

تعريب : المناضل-ة




إحالات :

(1) الاتفاق متعدد الألياف ينظم التجارة الدولية في مجال المنسوجات مند 30 عاما عبر حصص الاستيراد المقام لحماية صناعات الشمال في مواجهة الانفتاح التدريجي لأسواق منتجات الغزل والنسيج في الجنوب. انتهى في عام 2005، و 2008 بالنسبة للصين، ما غير ميزان الصادرات.

(2) هيئة مؤلفة من ممثلين من المنظمات والنقابات والأحزاب وجمعيات حقوق الإنسان التي قامت من مارس إلى أكتوبر 2011. كانت مسؤولة على وجه التحديد لإقامة العملية الانتخابية.

* مقابلة في يناير 2011 أجراها فيتوسي إيف وبارون آلان لمنبر Afriques21