|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
ايفان الدراجي
!--a>
2012 / 10 / 16
بقلم آسيا كعب
ترجمة ايفان الدراجي
*(آسيا كعب: شابة عراقية مغتربة، كاتبة ورسامة وناشطة نسوية)
أن أكون جزءا من مجموعة نساء شبه مهمشات في المجتمع وقلة ما سُمع عنهن جعل مسألة الكتابة عنهن من أولوياتي ، خاصة وان أصواتنا هي السلاح الوحيد الذي نملك.
لقد نشأت في بيئة إسلامية صارمة للغاية مما أعاق نمو شخصيتي واستقلال كينونتي. بدءا من الإذعان القسري للدين إلى الهيمنة والملكية الجنسية (على أساس الجندر) ، كان علينا التعامل مع كل القضايا من هذا النوع . أنا لم أخذ هذا على أنه شذوذ أو حتى إهانة لحقوق الإنسان إذ يتم التعامل مع جميع النساء العراقيات بهذه الطريقة. قيل لنا بأن الوالدين يعرفون ما هو الأفضل بالنسبة لنا أكثر منا، وهم يتبعون ما أمر به ربهم فقط.
لم أتساءل يوما عن مدى صحة وسلامة أو نوايا المجتمع الذي نشأت فيه، فقد اعتمدت دائما بأنهم يؤدون قصارى جهدهم للحفاظ على براءتي . لكن تغير كل ذلك عندما أدركت أنني كنت سلعة لا أكثر ، ومجرد قطعة من مجموعة البضائع التي تُنسب للرجل البطريركي العراقي. وعندما سألت والدي لــمَ الحجاب ؟ قال لي بأنه وسيلة حماية لي من عيون الرجال الجائعة وغضب الله ! اطلعت حولي في المجتمع باحثة عن شخصية أنثى قوية ولكن الغريب بالأمر هو أنني أدركت وجود (ورقة مبهمة) على شخصية كل امرأة.
لكن الصمت وخسارة استقلالي الشخصي كان خوفي الأكبر من شبابي وفضلت أن أموت دفاعا عن حريتي الشخصية على ترك عدد قليل من الرجال الذين يعانون الغضب والمرارة من حجبي وتحجيبي عن الحياة والمجتمع. أنا اليوم مزقت الحجاب من على جسدي الخائف، كنت أعرف بأنني سوف أواجه ما لا يحصى من الأعداء وربما أيضا افقد عائلتي. لقد قيل للمرأة العراقية بأن الحجاب هو ما يحافظ على براءتها ويحميها من الرجال المتطفلين. ارتديت الحجاب في كل يوم من حياتي حتى عيد ميلادي التاسع عشر وكنت أعرف دائما أن السبب الذي اخبروني به لم يكن صحيحا البتة .
في اليوم الذي ذهبت فيه إلى بغداد تعرضت للتحرش من قبل الكثير من الرجال في المجتمع الإسلامي مما أقنعني بأن الحجاب كان الغرض من ذلك. وهذا سبب تأخر تنفيذ قراري بالتخلي عن هذا الرمز الذي يمثل العبودية والملكية . تغير كل هذا عندما تعرضت للاعتداء من قبل بعض الرجال العراقيين مما لم يضع أمامي سوى التخلي عن قواعدهم في اللعبة. و أخيرا حررت نفسي من قيود الملكية الجنسية، وأدركت أن الاعتداء الوحيد في هذه اللعبة هي القواعد التي تم وضعها الرجال الذين لا يرونني كشريك مساوٍ لهم فبالنسبة لهم لست أكثر من امرأة يجب أن تخضع وتكون تابعة لهم، حينها جعلت مهمتي فتح عيون النساء الأخريات اللواتي مررن بنفس ما مررتُ به.
إن العقلية المتنمرة التي اضطررت إلى أن أسايرها حالي حال الكثير من النساء العراقيات هي بحق قوية جدا ومُحبطة للفرد. يجب علينا أن نتحمل ما يجري وأن نخضع باستمرار لــ أجيال من الرجال والفتيان. يجب أن نتحمل أن يتم التقليل من شاننا واعتبارنا بمستوى أدنى من الرجال الأنانيين و المتعصبين دينيينا . إذ علينا أن ننقل حياتنا وولائنا من آبائنا إلى أزواجنا و من ثم أبنائنا!
لقد قيل لنا بأن حياتنا لا يمكن أن تكون كاملة دون رجل إلى جانبنا الذي سوف يملكنا ويملك أطفالنا، تزوجونا الرجال لنعمل لصالحهم بدوام كامل ومجانا. لقد توقفنا عن المضي بطريقنا نحو النجاح والحرية في اليوم الذي قررنا فيه اتخاذ الخطوات الأولى نحو نضجنا الشخصي. سألت نفسي، كيف أصبحتُ بهذا الغباء للخضوع لمثل هكذا مؤامرة ذكورية يقوم بها بعض الرجال الذين لا هم لهم في الحياة سوى كسب بعض الثروات ونيل الاحترام؟ لقد ربحت الحرية في اليوم الذي قبلت فيه التصدي لهذا العائق اللامتكافيء. العائق الذي يقول بأن غشاء بكارتي يجعلني سلعة باهظة الثمن!
هناك الكثير من النساء اللواتي إلتقيتـهن كن يكابدن الانتظار مع المشقة والألم لأجل ذلك. أنهن لا يدركن بأنه لا يوجد ما يُدعى بالأبطال أو المنقذين. إن الطريقة الوحيدة للهروب من هذا الكابوس هو المقاتلة بكفاءة وفاعلية للتخلص من الشياطين والعفاريت التي تهيمن على أفكارنا. فهم غالبا ما يشغلون المرأة عن عدوها الحقيقي لتهتم بالأمور والقضايا الغير مهمة كالصراعات الدينية، والصراعات بين الشعوب وعملها اليومي الرتيب كربة منزل / خادمة. مشكلة المرأة العراقية ليست فقط الهروب من الواقع لكن على كل امرأة أن تتحرر من هيمنة الرجل (ولي الأمر) المباشرة عليها وفقا لنظم وأعراف المجتمع .
القليل من الرجال الرجال الذين يشعرون بالقلق عندما يرون المرأة تنمو وتتطور ذاتيا وتنشر جذورها متجاوزةً قدراتها الذاتية. إن المرأة القوية والمتحررة جنسيا هي كابوس كل رجل صغير. إذا كنت رجلا ووجدت نفسك تكره رأيي الشخصي الحر تأكد بأنك لست أكثر من رجل ضئيل مليء بالكراهية بلا مروءة أو شرف.
قررت في سن مبكرة جدا بأنني سوف أكتب وابذل كل ما في وسعي للتعبير عن نفسي وإيصال صوتي . من هنا انطلق بكتابة روايتي الأولى (الرمال التي لا تغفر- UNFORGIVING SAND) و هي دراسة سيكولوجية تتناول الأناس المعزولون والذين يعتبرون أنفسهم أصدقاءهم الوحيدون . ماذا عليك أن تفعل أن لم يكن هناك ما يشغلك عن كل هذا الواقع السخيف حولك؟ ماذا تفعل أن لم يكن هناك ضوضاء ما تصرفك عن غباء معتقداتك السابقة؟ ماذا تفعل عندما لا يكون هناك منشطات أو منبهات ما تجتثك أو تأخذك بعيدا عن فراغ العزلة؟
الشخصيات الخمسة في هذه الرواية التجريبية تكتشف لنا ما يحدث عندما يتم استبدال الحياة المكتظة والمخدرة في المدينة بالــ معاناة الصامتة في الصحراء العراقية.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك