الشيوعية والأمومة توأمان



سهيل قبلان
2005 / 3 / 27

في الحادي والعشرين من الشهر الجاري جلست لاكتب هذه الكلمات. وفي ذلك التاريخ كان عيد الأم.

ولا بد من الكتابة عن الام. وفي ذلك التاريخ كان اليوم العالمي ضد العنصرية، والعنصرية هي الوباء الخطير الذي يتهدد ويلوث ويشوه الامومة وطهارتها، فالرحم هو واحد في كل النساء، بغض النظر عن اللون واللغة والدين والانتماء، ووظيفته واحدة عندهن جميعا، فالى متى سيتواصل التمييز بين النساء وبالتالي بين بني البشر؟ فالجميع ابناء تسعة اشهر ومن بيت واحد هو الرحم، وفي اعتقادي ان اجمل هدية تقدم للامهات في كافة ارجاء العالم في عيدهن هي التعامل مع المرأة كانسان كامل متكامل والطبيعة قدمت الكثير من الهدايا وكانت الام من اغلاها واجملها واحلاها، ولكن المؤلم ان الامهات يعشن على وجه الكرة الارضية في مجتمعات. وعلى الرغم من الاختلافات فيما بينها وفي كافة النواحي والمجالات الا ان القاسم المشترك لها هو استغلال المرأة والتعامل معها كضلع قاصر والتمييز ضدها خاصة في اماكن العمل كونها امرأة.

ان نهاية الاحياء على وجه الارض هي الموت وفي اعتقادي ان مأساة الحياة ليست الموت مع كل ما يتمخض عن الموت من آلام ومصائب لفقد عزيز غال ومحبوب، انما المأساة الافجع هي الامور التي نميتها ونحن احياء بدءا من العلاقات بين الناس العاديين والتخاذل في اماتة تمارسه الانظمة الاستغلالية من قمع وقهر وكبت وحرمان.

فان تقوم انظمة القهر الظلامية بتعميق الخلافات بين بني البشر من منطلقات قومية ودينية وطائفية لضمان استمراريتها هو بمثابة دوس على قدسية الامومة وطهارتها وبمثابة تلويث لها واشباعها بالعنصرية والاستعلاء وفقدان المشترك بين الامهات، فان تربي الام ابنها على مفاهيم التسلط على الآخرين واحتقارهم وتشرعن التمييز ضدهم ولا تحب لغيرها ما تحب لنفسها يشوه ويلوث اقدس واعز واجمل ما تملكه وهو كنز الامومة الذي لا يثمن. وفي اعتقادي ان الفشل الشخصي للانسان يتجسد في الفجوة بين ما باستطاعته عمله وبين ما عمله والمرأة هي انسان كامل متكامل وتشكل نصف المجتمع، اليس باستطاعتها في كل المجتمعات ان تسعى وتعمل على تعميق مفاهيم وقيم وجمالية الامومة وما تتميز به من دفء وحنان ومحبة، لكي يعيش الجميع كأفراد اسرة واحدة متآخية ومتآلفة ومتعاونة ويغمرها الحب والدفء والاحترام؟ فهل المرأة التي تنتهج نهجا يتناقض مع محبة الحياة وصلة الارحام وأخوة البشر وتنتهج سياسة التمييز العنصري ان كانت في موقع المسؤولية. تحترم بذلك قدسية وطهارة الامومة وما تتميز به من عطف ودفء ومحبة وحنان؟.

ان جمالية وقدسية وطهارة الامومة تتعمق وتترسخ وتزداد جمالا وقدسية وطهارة وروعة ودفئا، في ظل السلام والتعايش بين البشر كل البشر، بسلام وتعاون وتفاهم وحسن جوار وتآخ ومحبة لانه عندما يصل البشر الى رؤية المشترك بينهم وتعميق التعاون والاحترام المتبادل بينهم ونبذ كل مفاهيم ومشاعر وممارسات الاستعلاء والتمييز والعربدة والتسلط والنهب والسلب والحروب والقوي يأكل الضعيف، فبذلك يقضون على اسباب المشاكل والخلافات والشجارات والتوتر بين الشعوب، وتشويه الامومة وانسانية الام وجماليتها وقدسيتها.

ان اجمل هدية تقدم للامهات ومن كافة الشعوب في عيدهن الربيعي وبالذات في اليوم العالمي ضد العنصرية هي اعتاق الجيل الحالي والاجيال القادمة من اهوال وويلات الحروب وقطع الطريق على اعمال العدوان والحروب والاعتداءات، وبذل الجهود للانتقال الى نزع السلاح وابادته كليا عن وجه الارض. لان في ابادته وابادة مفاهيم حيازته واستعماله شرطا من شروط الحفاظ على نقاوة وطهارة الامومة والتقارب بين الشعوب كلها للحفاظ على استمراريتها. ولإعتاق البشرية كلها من ويلات وكوارث الحروب مئة بالمئة، فالضمانة الوحيدة لذلك تتجسد في الفكر الشيوعي واجمل هدية اقدمها انا شخصيا للامهات في كل مكان في هذا العالم هي التمسك اكثر والالتصاق اكثر بالشيوعية والتعهد بالعمل الدائم على نشر افكارها، لانها الوحيدة التي تضمن ان يعيش الجميع بمساواة وتآخ واحترام في ظل الاممية والتي هي بمثابة وردة الحياة الحقيقية التي تنعف شذاها المعبق باجمل ما في الانسان وتغليبه على كل الشرور والاحقاد ونوازع التسلط والعربدة وغرائز الافتراس للآخرين. وكما ان الأم هي وردة الحياة فهكذا هي الشيوعية ايضا وهكذا فالشيوعية والامومة توأمان.