المرأة في العراق واقع مرير ومستقبل مشوش



مصطفى محمد غريب
2013 / 3 / 7

الأوضاع السياسية في العراق تمر في أسوأ حالاتها وقد انجرت على الكثير من المرافق الحياتية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية كما أنها أصبحت حجر عثرة أمام أي تطور لمفهوم قانونية الحقوق المدنية بما فيها حقوق المرأة، القائمون على العملية السياسية الذين لهم الباع الطويل في قيادة الدولة والمجتمع يدركون جيداً لكنهم يتغاضون بأن الوقت ليس في صالح البلاد وليس في صالح الشعب العراقي ، لكن ما يُغضب المواطن ويثير استيائه أن هذا الإدراك محصور في بوتقة المصالح الحزبية والطائفية ولم يتبلور وعي حقيقي بأن الطامة الكبرى سوف تشمل الجميع ، ولأننا ننتظر مثل كل عام نتفاءل بيوم المرأة العالمي باعتبار المرأة هي مركز لإشعاع التفاؤل للأمل والخير وكيف لا وان بهجة الربيع تهب بعد عصف البرد لتتبرعم الأشجار ولتخضر الغصون وتطرب قلوب البشر بالخير ونقصد البشر السويين دون غيرهم من الذين يرتكبون الجرائم بحق المواطنين تحت طائلة من الحجج المبررة للقتل والنهب وكأن شريعة القتل قد أصبحت هي القانون الملزم الذي يحقق مقاصد ونوايا القتلة الذين يتربصون بالحياة وبالسلام وبأمان المواطن ، هؤلاء المكلفين بمهمات متنوعة تبدأ بالدين والشريعة والطائفية ومن المهمات الأساسية الأخرى مطاردة حقوق المراة والتفنن في إعادتها 100% إلى ما قبل القرون القديمة حيث العبودية الشاملة إلا اللهم ما يرضي نزوات الرجل المهيمن المطلق في التعبير والإرادة والقول.
في كل عام نتذكر يوم 8 أيار وهي معيبة بحق من يقول أنني مع حقوق المراة فالتذكر لا يكفي أو كتابة المقالات والتقارير الصحفية إن نفعت فيه محدودة لكونها عامل مساعد لعملية تحقيق الحقوق وقد ينبري البعض ليخوض غمار مناقشات وقتية في الإعلام بحدود الذكرى وقد يعلن عن مواقف تضامنية لحين انتهاء المناسبة لكن لمجرد انتهاء اليوم تعود الأمور إلى وضعها لا المراة ولا الحقوق جرى عليهما تطور إلا بشكل يسير وعند التدقيق فالقوانين التي تحد منها ومن مطالبها مازالت أما قيد الدراسة أو الإهمال والوعود الحكومية قناطير لا تستطيع قوافل الجمال حملها وتبقى على الرف المطالبات بضرورة وقف العنف بالضد من المراة والعودة للعلاقة الإنسانية وقيمتها المنصوص عليها حتى في الكتب السماوية لكن العنف مستمر والاغتصاب يشكل في البلدان العربية الإسلامية نسبة عالية، وهنا عندما نذكر الاغتصاب والعنف والتحرش الجنسي نؤكد على أشكاله فقد يبدو الاغتصاب حول الفهم العام عند الكثيرين مثل اغتصابها جنسياً... الخ لكن الاغتصاب والعنف والتحرش الجنسي على قدم وساق في البيت والعمل والشارع والأماكن العامة فليس بالضرورة إهانتها جسدياً وبدون إرادة منها بل هناك طرق غاية في السوقية للثم كرامتها كانسان له الحق في التفكير والحرية وعندما نقرأ مثلاً البعض من الإحصائيات الرسمية والشبه رسمية تقع النتائج كالصاعقة على الرؤوس فهاهي منظمة ( وارفين للدفاع عن قضايا المرأة ) تؤكد في تقرير لها إن نسبة العنف المستعمل ضد المراة العراقية حوالي 70% في باقي المناطق في العراق ماعدا محافظات الإقليم وأشارت رئيسة منظمة وارفين لنجة عبد الله أن " هدفنا أن نعرف العنف ونوعيته وقمنا بتوزيع 2500 استمارة ووصلنا إلى نتيجة أن العنف ما بين 60 إلى 70 % ونعتبرها نسبة مرتفعة إذا ما قارناها مع الدول الأخرى" وبالتأكيد فان هناك شكوكاً قوية بخصوص النسبة المذكورة لأن العنف المستعمل ضد المرأة في المجتمع العراقي هو أعلى من ذلك بكثير وبخاصة إن التقديرات التي خرجت بها العديد من المنظمات النسائية تؤكد على أن النساء يشكلن 58% من السكان وقد تصاعدت النسبة خلال العقود الأخيرة لأسباب عديدة منها الحروب والفقر والتخلف والبطالة ثم تصاعدت حالات الطلاق لأسباب اقتصادية ومعاشية وبسبب العنف وعدم وجود استراتيجية لحماية المرأة.
لقد عانت المراة العراقية على مدى عقود من الاضطهاد المزدوج والتجاوز على حقوقها وقد زاد الطين بلة مثلما يقال أن الدستور الذي سن كدستور دائم يعاني من ثغرات حقيقية في مقدمتها عدم المساواة في الحقوق وهذا ما يتنافى من لائحة حقوق الإنسان كما أن استمرار التدهور السياسي والنظرة الضيقة المعادية لحقوق المراة زاد من معاناة المرأة في أكثرية المرافق الحياتية بما فيها التعليم والصحة وتدهور الأوضاع الأمنية والعنف الطائفي.
إن الواقع المرير الذي أصبح ملازماً لأوضاع الأسرة والمرأة العراقية يجب أن ينتهي إلى غير رجعة بما فيه من معوقات وجوانب سلبية على تطور المرأة وحقوقها في المساواة وبخاصة في ظل تقريباً فقدان وغياب التشريعات الضرورية لقد تحمي المرأة وحقوقها ونقلها من هذا الواقع المرير إلى فضاء أوسع لكي تتمكن من أخذ دورها الطبيعي في العمل والتطور والمساهمة الواسعة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فضلاً عن دورها الرائد في تربية الأجيال وتعزيز مكانتها في بناء الدولة الديمقراطية والوقوف بوجه القوى الظلامية التي تحاول التقليل من شأنها وتشويه نضالها الهادف إلى تعزيز المبادئ الحقيقية للحريات المدنية وللديمقراطية السياسية