الغام دستوريه---- أحذر



عبد الجبار نوري
2013 / 10 / 30

الغام دستورية------ أحذ ر

في 15-10-2005 كتب الدستور العراقي الجديد في ظل مجلس الحكم في بأشراف بريمر – في عهد الأحتلال الأمريكي- كتب على عجل ولم يدرس من قبل جميع خبراء القانون ، وتنقح بآراء وأفكار الأحزاب الوطنية ذات التأريخ العريق ، وكذلك الأطلاع على دساتير العالم المتمدن التي قطعت زمنا طويلا في الديمقراطية، بل كتبت بأقلام المحاصصة للكتل الكبيرة المسيطرة والمؤيدة من قبل المحتل ، فوضعت كل فئة متطلباتها المستقبلية وبسقوف عالية للحصول على الأمتيازات العالية فلذلك ولد حاملا فايروس المحاصصة ،ومليئة بالألغام ، بشهادة رئيس الوزراء في حديث متلفز في شهر آب 2013 قائلا: (أن الدستور العراقي ملغم ) . وحمالة أوجه في التفسير، فكل يفسره على هواه وتحقيق آمال كتلته المشروعة والغير مشروعة ، حينها أصبح الدستور الباب الواسع لتقسيم العراق الى كنتونات صغيرة ودويلات متنافرة ومتخاصمة ،فعندما يحتدم الصراع والمماحكات والنقاش بين ساسة المحاصصة تنعكس تداعياتها السلبية على الوضع الأمني والسياسي والأجتماعي والأقتصادي، لأن كتاب الدستور لم يفصلوه على العراق بل على مقاساتهم هم ، وكأن العراق مشروع غنائم حرب بأسهم غير عادلة حسب قوة ومركز الكتلة ونفوذها وقربها من المحتل – كما كان يجرى في زمن الفاتحين في غزواتهم(فذاك له الذهب والفضة وآخر له الجمال والخيول المسومة ، والسبايا الجميلات للقائد الأوحد ، ولعامة المقاتلين الشعير والتمر) ، وعندما صوت 12 مليون من الشعب العراقي على هذا الدستور كان محبطا محاطا بالفقر والجهل والمرض واليأس والقمع وكم الأفواه مدة 40 سنة من الدكتاتورية والحروب العبثية الطاحنة وأهدار ثروات العراق في نزوات حكامه فوافقت على بياض (على الثقة) - ولو أن القانون لايحمي المغفلين- ومن هذه الألغام التي طفت على السطح، وأكتشفها
الشعب العراقي ليس عن طريق المجسات الألكترونية بل عن طريق فوضوية مجلس النواب وأسلوب التسقيط السياسي المجرد من أخلاقيات وقواعد المناقشة ، فهي كثيرة –لكل لغم وقته و رجاله- منها اللغم الكارثي {المادة 41 }هي مادة دستورية خلافية تنص:على (أتباع) كل دين أو مذهب أحرار في ممارسة الشعائر الدينية ،وحرية كل دين او مذهب في رسم خارطة طريق في حل أشكاليات أتباعها في مجال الأحوال المدنية ، والمآخذ على هذه المادة من الدستور ترسيخ لحالة التباين الطائفي بين أفراد المجتمع الواحد ذي الديانة الواحدة ، ووضع حواجز (كونكريتية)بين الطوائف المذهبية وأعترفت بظاهرة التعدد المذهبي والطائفي بين المواطنين وأعطتها صفة رسمية في الدولة،بل أعطتها أساسا دستوريا في تكريس وتعميق حالة الخلافات والأختلافات والتي تدفع الفرد للولاء والتخندق الطائفي والمذهبي - في الدين الأسلامي خصوصا - والذي رفع القانون رقم 88/59 جميع هذه التداعيات بأتفاق فقهي بين رجال الدين والقانون والتمحور حول المشتركات بين المذاهب والديانات،وتعتبرالمادة 41 الخطوة الأولى لأظهار اللغم الكبير الذي وضع في الدستور لنسف جميع المنجزات البسيطة التى حققتها المرأة العراقية في الأعوام السابقة ، وهي وسيلة لخدمة مصالح سياسية ترمي الى تفتيت اللحمة الطائفية ،والغرض منه أيضا تعزيز سلطة رجال الدين وتمكينهم من السيطرة على قانون الأحوال الشخصية وما فقدوه في قانون 88/59 وبذلك أصبحت في الضد من (الأتفاقية العالمية للحد من أشكال العنف والتمييز ضد المرأة وكذلك أتفاقية حقوق الطفل .
لذلك نطلق الدعوة لألغائها –قبل أنفجار اللغم – من الدستور لتعارضه مع روح الدستورالذي يؤكد على الولاء للوطن فقط ، ونحن نعيش الحداثة في العالم المتمدن : في روسيا أكثر من 350 قومية ولغة وفي امريكا أكثر من الف فئة وفئه وقومية ودين وبوذي وهندي ومتدين وملحد ولكن في النهاية تتضح هويته بأسم دولته روسي أو أمريكي .
في 23-10-2013 طلع علينا وزير العدل بطرح مسودة قانون الأحوال الشخصيه الجعفري في القضاء الشرعي وفق المذهب الشيعي الأثني عشر، وأنفجر اللغم – وسنعلمكم بالخسائر بعد ما تمر المسودة لمجلس شورى الدولة ومجلس الوزراء وأخيرا لمجلس النواب وحينها لكل حادث حديث، فتبريره بطرح المسوده(إنها حق دستوري أستنادا الى المادة 41 من الدستورولكن نقول لفخامة الوزير : إن التوقيت غير مناسب ،الأمن غير مستقر ودماء العراقين تهدر في كل يوم وتفجير عشرات السيارات في هذا الشهر،والصراعات بين الكتل محتدمة ، ومجلس النواب يغلي بالأختلافات حول القوانين المدرجة للأقرار، وتشريع مثل هذا القانون للأحوال الشخصية في هذه المرحلةغير مناسب وطبيعة الوضع وتعقيداته تعطي ذريعة لمن يريد أن يتصيد بالماء العكروتسيس الأمر والعمل على أرباك الوضع ، ثم إن العراق ليس ملكا لطائفة معينة وأنما ملكا لجميع العراقيين،وأن مثل هذا القانون يؤسس الطائفية وزرع الفتنة ويهدد النسيج الأجتماعي العراقي ويعمق الأزمة التى يعيشها البلاد، بينما يؤكد الدستور في {المادة 14 }: العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أوالمعتقد والرأي أو الوضع الأقتصادي والأجتماعي.
وأخيرا لا أرى مبررا واحدا في عدم القبول في قانون رقم 88/ سنة 59 الأنسانية الذي ضمن الحد الأوفر من الحقوق كما جاء في أجتهادات وأحكام المذاهب الأسلامية وبتوافق فقهي في أيجاد قانون موحد لكل العراقيين ، فهو جمع أهم الأحكام الشرعية المتفق عليها ،وهو عاملا ديناميكيا لمحاربة ثقافة الطائفية وكل عناصر التعصب الديني والطائفي ، نعم لهذا القانون نصير المرأة والطفل ولا وألف لا لأفكار وعقائد قرون التخلف والجهل، متناسين أننا نعيش في عالم اليوم عالم التقنيات وثورة الأتصالات والتقدم العلمي والأنفتاح الثقافي والأجتماعي والأعلامي والأهتمام بالمرأة ، ولا للقوانين التي ترغب بها ( احزاب الأسلام السياسي) التي تثير احقاد وصراعات طائفية وتشكل مخاطر سياسية وأجتماعية جسيمة وتحول المرأة الى سلعة تباع وتشترى حسب المذاهب، وهذا ما جاء به ثورة 14 تموز/1958 في قانون الأحوال الشخصية ، فما الجديد الذي جاء به عصر الديمقراطية الجديد ----- فأتقوا الله يا الي الألباب-------
عبد الجبار نوري