عن أوضاع الخادمات لدينا



إلهام مانع
2014 / 5 / 20


هل تذكرن تقرير منظمة العفو الدولية عن أوضاع الخادمات في قطر؟
صدر في الثالث والعشرين من شهر أبريل الماضي.
لهجته كانت حادة.
قال فيها إن العاملات الأجنبيات في البيوت "يعانين من الاستغلال والعمل بالإكراه لساعات طويلة للغاية دون راحة فضلا عن التحرش اللفظي والعنف الجسدي والجنسي".
ثم اتهم الحكومة القطرية بالإخفاق في حماية حقوق هؤلاء البشر.
أوضاع معروفة.
أكتشفناها بسبب كأس العالم!

هل تذكرون كيف تشفينا؟
كلٌ يعلق على اوضاع الخادمات/العاملات في قطر. وهمنا كان اللمز واللكز في قطر.
اما الخادمات/العاملات، فكن شماعة.
العاملات لم ينلن من إهتمامنا سوى العنوان.
وأنا احببت ان اذكركما، عزيزي القاريء عزيزتي القارئة، أن ما يحدث في قطر، يحدث لدينا، في مصر، في لبنان، في السعودية، الكويت، الإمارات، السودان، وحتى في اليمن.
السعودية وحدها فيها نحو عشرة ملايين عامل وعاملة اجنبية فيهم وهن ما يزيد عن مليون خادمة/عاملة.
وقبل يوم طالعتنا الصحف بخبر إمرأة سعودية دلقت ماءا مغلي على خادمتها!

لكن ما أحدثكما عنه يتجاوز عناوين مروعة، وحوادث بشعة.
ما احدثكما عنه هو رؤيتنا لمن يعملن في بيوتنا، وقناعة راسخة في عقولنا أنهن "لسن فعلاً بشراً مثلنا"، وأن "وجودهن هو لراحتنا نحن". في الواقع ما احدثكما عنه هو رؤية ثقافية استبدلنا فيها الجاريات بالخادمات.
اصبحت فتاة أو إمرأة حرة، تعمل عملا شريفا، أمة لنا.

أحببت أن اذكركما، يامن تدينان، بما يحدث في بيوتنا.
طفلة يفترض فيها أن تتعلم وتلعب، نحولها إلى جارية، تعمل مربية لأطفال وطفلات في عمرها أو اصغر. وبدلا من أن تلعب معهم/ن، نحولها إلى ألة: "روحي، جيبي، شوفي العيال. لاتجري. تريدين أن تنامي؟ إنتظري، هاتي الصينية، هاتي كوب ماء. تريدين أن تأكلي؟ أنتظري حتى تشبع بطوننا نحن، وبطنك الصغير يتضور جوعا".

وعندما تستفسري عن دراستها، عن مستقبلها، يأتي الرد مستهينا: "وضعها هنا أفضل. ثم ما الفائدة من الدراسة؟ المهم ان تفك الخط. عقلها ليس كعقلنا. غبية. المهم ان نجد لها إبن الحلال عندما تكبر".
وإبن الحلال عندما يأتيها لن يكون المخرج لها.
هي دائرة مفرغة. نعيد فيها إنتاج الجهل والفقر ثم اوضاع إستعباد نحن المستفيدون منها.
غبية؟ حقاً؟

أحببت أن اذكركما يامن تدينان، بحقوق من يعملن في بيوتنا.
العاملة لها أوقات عمل. ثمانية ساعات. وأي ساعة أضافية تحسب لها وتؤجر عليها.
ليس في بيوتنا.
في الواقع اكاد ارى إبتسامة سخرية على وجوه بعض من يقرأ هذه السطور.
أي أوقات عمل؟ للخادمات؟
العاملات في بيوتنا جواري.
تعمل منذ ان تستيقظ حتى نرحمها نحن ونقول لها "روحي نامي".
وعندما تنام، لن يرحمها من لارحمة في قلبه، ويتسلل إليها صاحب البيت أو إبنه، واغتصاب وإستغلال جنسي، يحدث بيننا ونحن نصفر، نشخر، ونتجاهل.

"لسن مثلنا".
"جواري".
"ووضعها أفضل لدينا".
"جواري".
وبالمنطق ذاته يصبح اغتصابها لدينا افضل من اغتصابها في الحقول أو الشارع.

إذن أعود إليكما.
يا من تتشفيان في قطر.
دعكما من قطر.
إنظرا إلى نفسيكما.
ثم من يعمل في بيتكما.
ثم قولا لي: كيف تتعاملان معها؟