مرسوم المساواة صفعة لحركتي القومية العروبية والكردايتي



سمير عادل
2014 / 11 / 12

بعد كسر جبروت وهيبة دولة الخلافة الاسلامية وعناصرها من عصابات داعش على يد النساء قبل الرجال في كوباني، جاء مرسوم المساواة الكاملة بين المراة والرجل في جميع المجالات في مناطق الناطقين بالكردية في سورية، والتي تدار ذاتيا، لتوجه ضربة جديدة للشريعة والقوانيين الاسلامية التي تحمل لوائها دولة الخلافة المذكورة ولتزيد تمريغها بالوحل اكثر واكثر. الا ان تداعيات هذا المرسوم تتجاوز القوى والمنظمات الاسلامية، بمعتدليها ومتطرفيها، والتي تكيف نفسها مثل الحرباء مع اجواء المجتمع وبارهابيها.. والتي جميعها وبدون استثناء ان دونية المرأة جزء من هويتها، نقول تتجازو تلك القوى لتصل الى الحركتان القومية العربية والقومية الكردية اللتان احتضنتا الاسلام وحولته الى جزء من تشريع القوانيين ودساتير المجتمعات التي تدير السلطة فيها.
ان تلك الحركتين لطالما ابدع مفكريها في النفاق والمرواغة والسفسطة في تبرير طأطأة رؤوسها للقوى الاسلامية والحاق "الاسلام" بالصغيرة والكبيرة في حياة تلك المجتمعات. ولعقود وعقود من الزمن ظلت عبارة "الاسلام مصدر للتشريع" او "الاسلام المصدر الوحيد للتشريع" او "الاسلام احد مصادر التشريع" كالسيف على رقاب النساء ورقاب الحركة التحررية والثورية في المجتمع. ومع كل حركة تغيير في المجتمع يرفع سيف الاسلام تحت عنوان مخالف للشريعة الاسلامية، مخالف لصحيح الدين، مخالف للدين الحنيف...الخ.
ان دفاع جماهير كوباني عن كرامتها وحريتها والوقوف بوجه عصابات دولة الخلافة الاسلامية خلقت حالة ثورية جديدة تعدت مدينة كوباني، للتحول الى حركة لها مطالبها وطموحاتها الثورية وسوف لا تشمل المناطق التي فيها اكثرية من "القومية" الكردية فحسب بل ستشمل عموم المنطقة.
ان مرسوم المساواة يوجه صفعة بشكل مباشر للحركة القومية العربية لانها ظلت تتفاخر بأنها حركة ثورية ولكنها لم تتجرء ان تتحدث عن المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، لانها ببساطة ربطت نفسها من الطرف الاخر بالاسلام لتكون هويتها ذات وجهين، واحدة عروبية والثانية اسلامية، لتبعد عن نفسها ان تكون تحررية وثورية. فأية حركة سياسية –اجتماعية لم تدرج في برنامجها وجدول اعمالها المساواة الكاملة بين المرأة والرجل فهي تعبر عن نفسها بشكل صريح بأنها رجعية. اما الحركة القومية الكردية التي تفاخرت اكثر من الحركة القومية العربية وخاصة في كردستان العراق بأنها حركة تحررية وديمقراطية وثورية لانها تعرضت للظلم القومي، فشلت طوال اكثر من عقدين ونصف ان ترفع لواء المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، بل والابعد من ذلك ذهبت تساوم القوى الاسلامية وتنفذ بعض من اجندتها من اجل ديمومة مصالحها السياسية وبقائها في السلطة. ويكفي ان نسوق مثال واحد هو قتل اكثر من 5000 امرأة خلال عقد التسعينات في كردستان العراق، واكثر من ذلك العدد بعد الالفية الثانية تحت عنوان "غسل العار" هو نتاج السياسة التي اتبعتها الحركة القومية الكردية اتجاه النساء في كردستان العراق.
ان كوباني سحبت مرة البريق من الحركة القومية الكردية في كردستان العراق، ومرت ثانية يتحول صمود جماهيرها الى حركة ثورية لتتجاوز كل التقاليد القومية وتوجه صفعة جديدة للحركة القومية الكردية بمرسوم المساواة. ان تقاليد الحركتين القومية العربية والكردية الاجتماعية لا يمكن فصلهما عن التقاليد الاسلامية، وفي الكثير من الحالات هما قدمتا مبادرات بالتنازل للقوى الاسلامية. ومرسوم المساواة في مناطق الحكم الذاتي التي يقطنها اكثرية كردية ستدفع برياح التغيير الثوري نحو كردستان المناطق الثلاثة الاخرى في ايران والعراق وتركيا. كردستان العراق سيكون عليها اثر اكبر لان الحركة القومية الكردية هي التي تدير السلطة السياسية. واذا ارادت الحركة القومية الكردية ان تعيد البريق لنفسها فعليها ان تقدم على خطوات اكثر ثورية وابعد من مرسوم المساواة.
ان جماهير كوباني اعادت للحركة الثورية في المنطقة اصالتها وبريقها بعد ان التف عليها لاجهاضها بعد ما سمي با "الربيع العربي". ان مرسوم المساواة هو نتاج صمود جماهير كوباني التي ستعلم العالم بأن التغيير الثوري لن يستطيع احد بأيقاف عجلته مهما كان حجم المؤامرات والدسائس.