أمراء السعودية يشرّعون الاتجار بالقاصرات السوريات



إيمان أحمد ونوس
2014 / 12 / 25

عام آخر على معاناة السوريات
أمراء السعودية يشرّعون الاتجار بالقاصرات السوريات

ها قد شارف العام الرابع من عمر أزمتنا المستعصية، وما زال الشعب السوري بكل أطيافه رهن مشيئة تُجّار الحروب ومزاجية المجتمع الدولي العبثية واللاّمبالية بما يُعانيه هذا الشعب بأطفاله ونسائه وشبابه الذين باتوا وقوداً مجانية لحرب عبثية مجنونة.
عام آخر يُضاف إلى عمر السوريات اللاتي لم يخلُ عام- قبل وبعد الأزمة الراهنة - من ممارسة العنف والتمييز ضدهن بشتى الوسائل والطرق والاتجاهات، ابتداءً من البيت بقيمه التربوية التمييزية، مروراً بمنظومة القوانين والتشريعات القضائية الحافلة بقوانين ومواد تمييزية جاحدة لم تعد تتوافق والعصر الراهن، وانتهاءً بمجتمع تُلقي قيمه وعاداته ومفاهيمه على أكتاف النساء أعباء تنوء بحملها الجبال، ومن ثمّ يتنصّل هذا المجتمع من كل مفاهيم وقيم الشرف ليُلقي بها عليهنّ باعتبارهن حاملات شرف القبيلة بامتياز بعيداً عن كل مفاهيم الشرف الحقيقي.
عامٌ آخر والسوريات رهيناتٌ لقوانين الحروب التي تجد في النساء سلاحاً ينشر الرعب في النفوس، مثلما هو سلاح قوي يهدف لإضعاف الخصم وإذلاله، مما يُتيح المجال أمام ممارسات لا أخلاقية، ولا إنسانية، ممارسات مخالفة لكل التشريعات والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان لاسيما زمن الحرب، وخاصّة تلك المتعلقة بالنساء والأطفال.
عامٌ آخر ومازالت النساء السوريات في دائرة التجارة لدى مافيات الحروب والشبكات الدولية للدعارة والاتجار بهن، لاسيما الفتيات الصغيرات، تارة تحت ستار الزواج، وتارة تحت ستار العمل في دول النفط وسواها.
غير أن ما تفتّقت عنه مخيّلة السعودية كان صادماً، بحكم أنه تشريع قانوني واضح وفاضح وصريح بلا خجلٍ أو وجلٍ بعد أن خلعت برقع الإيمان وحماية الدين وصون الشرف، حيث قامت وزارة الداخلية السعودية بإصدار قرار يشرّع تجارة القاصرات السوريات اليتيمات ممن قتل آباؤهن في معارك ضد الجيش العربي السوري.
والوثيقة المسرّبة من وزارة الداخلية السعودية تشير إلى القرار بالرقم 2538 ، تسمح لدار أيتام لبنانية بتزويج القاصرات السوريات ممن فقدوا ذويهم في المعارك في سورية.
ونقل ناشطون عن موظفة في الدار المذكورة أن معظم الزيجات التي تمت لم تستمر أكثر من شهر حيث تم تطليق الطفلات و كلهن تحت السابعة عشرة من العمر.
يُشار إلى أن حالات " شراء" الطفلات السوريات والبالغات على حد سواء، بدأت في مخيم الزعتري شمال الأردن حيث كان سعر الطفلة السورية أقل من 500 دولار، ويعيدها الثري السعودي الذي تزوجها وفق ما أطلق عليه آنذاك "زواج السترة " بعد فترة قصيرة من الزواج الذي لا يتم تسجيله في السفارة السعودية أو أي دائرة رسمية أردنية.(1)
هذا وقد تمّ في الأردن ضبط عصابة لبيع القاصرات السوريات لأغنياء عرب من خلال انتشار نوع جديد من الزواج بين اللاجئين السوريين المتواجدين في المملكة الأردنية، يدعى زواج “الصفقة” عبر تزويج لاجئات سوريات، معظمهن قاصرات، من جنسيات عربية مختلفة وبعقود وهمية يطلق عليه زواج “الصفقة” عبر التعاقد مع أولياء أمورهن.
وأوضحت مصادر لصحيفة “الغد الأردنية”، أن سيدة سورية الجنسية، هي من تقود خلية مؤلفة من نحو أربعة أشخاص، معظمهم سوريين، وترتبط بعلاقات متشعبة مع لاجئين سوريين، مستغلة سوء أوضاعهم الاقتصادية، لغايات مساومة أولياء أمور الضحايا، وتزويج بناتهم، مقابل مبلغ مالي يتلقاه الوصي أو الولي، وفق ما كشفت التحقيقات مع المتهمين.
وكشفت أجهزة الأمن الأردنية التي ألقت القبض على الخلية الأردنية، عن علاقة مع أشخاص من جنسيات عربية وخليجية، حيث تم تزويج فتيات من الجنسية السورية، بعقود وهمية (خارج سجلات المحاكم الشرعية)، وبحضور شهود لهذه الغاية.
وفيما لم تذكر المصادر، عدد حالات الزواج، التي نفذتها الخلية، بحق ضحاياها من اللاجئات، كون التحقيق ما يزال جارياً بهذا الشأن، فقد أكدت أن الخلية “تمارس نشاطها في الاتجار بالبشر، منذ ما يزيد على عام، وتتقاضى أجراً مالياً عن هذه الحالات من الزواج، حيث يتمُّ تزويج الفتيات لأشخاص من جنسيات غير أردنية، يتوارون عن الأنظار، بعد إقامتهم معهن لعدة شهور”.
وأكد رئيس جمعية الكتاب والسنة زايد حماد الذي تعد جمعيته من أكبر الجمعيات في تقديم المساعدات للاجئين السوريين، وقوع مثل تلك الحالات بمدينة المفرق مع لاجئات سوريات، غالبيتهن توجهن للجمعية، للحصول على مساعدات لأطفالهن الرضع، حيث أكدن للجمعية “أنهن تزوجن من أشخاص من جنسيات خليجية، لعدة شهور، قبل أن يتواروا عن الأنظار ويختفوا”، موضحا أن هؤلاء الضحايا يواجهن حالياً “معضلة في إثبات نسب أطفالهن”.(2)
وللتأكيد على ما يحصل في الأردن فقد تمّ عرض تقرير إسرائيلي من داخل الأردن على اليوتيوب يكشف تلك العصابات التي تقوم ببيع القاصرات السوريات إلى أغنياء السعودية، ويعرض حالات لفتيات قاصرات وكيف تمّ إرغامهن على هذه الزيجات بحجة مساعدة الأهل الذين يُعانون أوضاعاً مالية ومعيشية صعبة للغاية، وذلك بمعرفة الأهل وموافقتهم على بيع بناتهم مقابل مبالغ مالية تُحدد من قبل تلك العصابات.(3)
إن كل تلك الممارسات الشنيعة بحق النساء والفتيات السوريات يتمُّ على مرأى من المجتمع الدولي بهيئاته ومنظماته المعنية بحماية النساء والأطفال زمن الحرب، وكذلك المعنية بمحاربة تجارة الرقيق، وسن التشريعات القاضية بمنع الاتجار بالبشر، دون أن تُحرّك تلك الهيئات ساكناً تجاه تلك العصابات والشبكات الدولية ابتداءً من الجزائر وليس انتهاءً بلبنان أو الأردن والسعودية، وفي الوقت نفسه تتجاهل تلك المنظمات الدولية اتفاقيات حقوق الطفل، وحقوق الإنسان، واتفاقية السيداو لرفض العنف والتمييز ضدّ المرأة.
إن ما تتعرض له النساء السوريات في بلدان ومخيّمات اللجوء، هو وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء، كما هو وصمة عار على كل رجال الدين الإسلامي والمسيحي في العالم، وعلى جبين المنظمات الدولية التي احتفلت قبل أسابيع باليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ المرأة، فهل هناك عنف أقسى وأشدُّ مرارة على المرأة سواء البالغة أم الطفلة من العنف النفسي والجنسي الذي تُعانيه وفق وما استعرضناه أعلاه..؟






مراجع:
(1) السعودية تشرّع تجارة القاصرات من بنات "المجاهدين"
http://www.al-elam.com/?page=Details&category_id=31&id=16011
(2) الأردن يضبط عصابة لبيع القاصرات السوريات لأغنياء العرب
http://musawasyr.org/?p=11426
(3) تقرير إسرائيلي من داخل الأردن : بيع القاصرات السوريات لسعوديين أغنياء
https://www.youtube.com/watch?v=PEyb-emoZiU