تحية للمرأة في يومها العالمي



فهد المضحكي
2015 / 3 / 7

ما يجب أن نعيد النظر فيه تلك التشريعات والممارسات التي تكرس ثقافة التمييز ضد المرأة، هذه الثقافة تعكس انتقاصاً من حريتها وحقوقها ودورها الاجتماعي ومساواتها مع الرجل. إن تحرير المرأة من هذا الواقع مرتبط مع تحرير المجتمع من كل أشكال الاضطهاد الطبقي والقومي والاثني والديني. هذا ما أكد عليه انجلنر في مؤلفه «أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة». ولا يمكن للمجتمع أن يتطور وحقوق المرأة منقوصة. وان رفع الحيف عنها والانعتاق من أسر التخلف واستبداد السلطة الذكورية والمجتمع مسؤولية المرأة والرجل المستنير معاً وإذا كان التقدم الاجتماعي يقاس بتقدم النساء ودرجة إسهامهن في تطور ورقي المجتمع (فان مساواتها في القانون والتشريعات لا يعني مساواتها في الحياة) (لينين) فالمرأة البحرينية التي تحتفل غداً بيوم المرأة العالمي أسوة بنساء العالم ناضلت لعقود طويلة ضد الاستعمار والقهر والتسلط وسوء توزيع الثروة، فقضيتها قضية مجتمع لا يستطيع ان يتقدم من دون أن يكون ديمقراطياً ــ ثقافة وفكراً وسلوكاً ــ ولا يمكن أن يحقق التنمية من دون إشراك المرأة في مختلف المجالات. وحينما نتحدث عن مكتسبات المرأة البحرينية في المشروع الوطني الاصلاحي نتحدث عن حقوقها السياسية ــ حق الترشح والتصويت ــ وهو خطوة نحو تعزيز مكانة المرأة في المجال السياسي، ومع أهمية ذلك يظل واقع المرأة يترنح بين دهاليز التهميش والعنف والتعسف من قبل أعداء تحرر المرأة وأعداء الديمقراطية ومساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات! إذن فالمسؤولية تجاه المرأة لا تتحدد فقط بتقدم القوانين والتشريعات بل بالالتزام بها على صعيد الممارسة والتطبيق وهذا مرهون الى حد كبير بدور المنظمات النسائية التقدمية والجمعيات السياسية التقدمية للنهوض بواقع المرأة نحو المساواة الكاملة واحترام كيانها وحمايتها من العنف الاسري والجنسي والتمييز على صعيد القوانين المتعلقة بالزواج والطلاق والحضانة والإرث والولاية... الخ، وتحت وطأة وصاية القوى المتأسلمة عانت المرأة البحرينية ــ وما تزال شأنها شأن المرأة في الدول العربية ــ من النظرة الدونية لها ومن حرمانها من الحقوق الاسرية، وهنا نشير الى الوفاق التي ساهمت في هذه المعاناة عندما حشدت النساء ضد قانون الأحوال الشخصية الموحد وبالاحرى قانون الأسرة / الشق الجعفري! وهذا يرجع ايضاً الى الموروث الاجتماعي التاريخي الذي كرسته الانظمة الطبقية الأبوية السائدة! ولا ندري لماذا تتحالف قوى اليسار والتقدم مع قوى أصولية دينية تتعارض مصالحها العقائدية مع حقوق المرأة، أليس هذا الفعل يعد انتقاصاً للمرأة والاسرة معاً! في حين ان المبدأ الماركسي في هذا الشأن يرى كلما ضمنت المرأة حقوقها كاملة كلما تطور المجتمع. وفي مقابل ذلك لم تسلم المرأة البحرينية من وصاية القوى الدينية الطائفية حينما تحفظت واعترضت على ترشح المرأة في الانتخابات البرلمانية، ولكنا نعلم لماذا خلت قوائم تلك القوى من ترشح امرأة واحدة، وهو ما يؤكد ان هذا الموقف من المرأة ينسجم تماماً مع الفكر الديني المتعصب الذي بالرغم من تنامي دور المرأة في مختلف مجالات الحياة فان منظومة القيم لا تزال تقيد المرأة بقيود العصور الوسطى! ولطالما الحديث عن حقوق المرأة والدفاع عن حريتها التي هي دفاعاً عن حرية المجتمع بأكمله يدافع الماركسيون وهم على حق حينما أشاروا في دراساتهم وبحوثهم عن تحرر المرأة لاعتباره قضية ملحة وعاجلة في النضال التحرري من العبودية واستبداد الانظمة والتيارات الدينية الطائفية المناهضة للديمقراطية والتقدم الاجتماعي والحداثة والثقافة المستنيرة، وعن هذه القضية قالوا: من الخطأ التصور ان الماركسية نظرت الى تحرر المرأة في مستوى العلاقات الاقتصادية والانتاجية فقط، ولكن للمسألة شقها الثقافي الذي يتعلق بالبنية الفوقية للمجتمع، فمجرد تحرير المجتمع كله من الاضطهاد الطبقي ومساواة المرأة مع الرجل في الأجر وبقية الحقوق، لا يعني ذلك ان قضية المرأة قد تم حلها، ذلك ان لقضية المرأة شقها الثقافي والذي يتعلق بالصراع ضد الايديولوجية التي تكرس اضطهاد المرأة ودونيتها، والتي هي نتاج قرون طويلة من قمع واضطهاد المرأة، وبالتالي لابد من مواصلة الصراع في الجبهة الثقافية او البنية الفوقية للمجتمع ضد الافكار والمعتقدات التي تكرس دونية المرأة والتي كرستها مجتمعات الرق والاقطاع وحتى الرأسمالية التي تعيد انتاج عدم المساواة في توزيع الثروة بين البلدان المختلفة الرأسمالية، وتعيد انتاج عدم المساواة بين المرأة والرجل وتجعل منها سلعة وأداة للمتعة والدعارة وأداة للاعلان والدعاية اضافة للقهر الطبقي والثقافي والاثني والجنسي. ان مواجهة العقبات التي تحد من حقوق المرأة يتطلب العمل الدؤوب من قبل المرأة والرجل المؤمن بحقوق المرأة وبترابط مصالحها مع الحداثة والتحديث والتصدي للعنف والارهاب ودكتاتورية النخب السياسية الحاكمة، ولضمان كسر القيود والتخلف المفروض على المرأة والرجل والمجتمع عامة فلا بد من المساواة بين المرأة الرجل وإشاعة الديمقراطية والحقوق المتساوية في ظل المواطنة المتكافئة وتكافؤ الفرص والعمل على تطوير الوحدة الوطنية ومكافحة التفرفة على أسس مذهبية وطائفية وقبلية! باقه ورد أحمر لنساء بلادي وكل نساء العالم في يوم المرأة العالمي، ومزيداً من التقدم وتحقيق آمالهن وأهدافهن وتطلعاتهن من اجل حياة كريمة.