القانون الجعفري والقانون الداعشي.. وجهان لعدو واحد



سمير عادل
2015 / 3 / 8

بمناسبة الثامن من آذار يوم المرأة العالمي، يوم الاحتجاج ضد التمييز والظلم والاستغلال الجنسي للمرأة، لابد من التنويه واعادة الذاكرة الى ما قبل عام، كيف ان مجلس الوزراء صوت على مسودة القانون الجعفري الذي يبيح اغتصاب الاطفال الاناث وتحويل النساء الى سلعة جنسية قانونية في "العراق الجديد". وقدم مسودة القانون المذكور آنذاك وزير العدل المنتمي لحزب الفضيلة الاسلامي لتمريره بعد ذلك عبر البرلمان، ليصبح قانونا يحول المرأة الى العبودية الجنسية اسوة بمنشور دولة الخلافة الاسلامية حول حقوق وواجبات المرأة. الا انه شاءت الصدفة ان يطاح بنوري المالكي ويبعد عن رئاسة الوزراء بعد فضيحة سقوط مدينة الموصل بيد عناصر داعش ويُعّلَنَ من هناك ميلاد عدو جديد للمرأة وهو دولة الخلافة الاسلامية، ليصبح عدوين او بالاحرى وجهين لعدو واحد وهو الاسلام السياسي الشيعي الذي يقود السلطة السياسية في العراق، والاسلام السياسي السني الذي اسس دولة الخلافة الاسلامية عبر احتلالها لثلث مساحة العراق.
رب قارئ يسال لماذا يعاد تناول قانون الجعفري من جديد ما دامت حكومة العبادي اليه لم تتطرق ولم يشار له لا من بعيد ولا من قريب. والجواب لان من صوت على مسودة القانون الجعفري التي تعود الى ما قبل كتابة التاريخ الانساني والمعادي لحد النخاع للمرأة بشكل خاص والماهية الانسانية بشكل عام، هم أنفسهم وما زالوا في السلطة السياسية ويتبجحون كثيرا بأن القوانين الداعشية مخالفة للقيم الانسانية. ولكن في الحقيقة ان اسس دولة الخلافة الاسلامية تستند احدى اركانها الاصلية على العداء السافر للمرأة وتحويلها الى اداة وسلعة جنسية، لا تختلف تلك الاسس قيد انملة عن القانون الجعفري المعمول به اليوم في الجمهورية الاسلامية في ايران.
ان الصراع بين الاسلام السياسي السني والاسلام السياسي الشيعي يخيم بضلاله على كل المشهد السياسي والامني اليوم في العراق. فمليشيات الاسلام السياسي الشيعي لا تقل براعة في وحشيتها عن دولة الخلافة الاسلامية السنية، وقد وثقت كل ممارسات واعمال وجرائم تلك المليشيات واستهجنت واستنكرت من قبل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان. وان وجود جنرالات الجمهورية الاسلامية مثل قاسم سليماني على راس تلك المليشيات في تكريت ومدن اخرى، يبشر بنذير الشؤم على الاوضاع السياسية والامنية في العراق، حيث ان انتصار تلك المليشيات لن يجلب غير القوانين المعادية للحرية والطفولة والشباب والمرأة، مثلما هو الحال في ايران التي تئن جماهيرها وخاصة النساء من الفقر والقمع وكل اشكال الاستبداد. وان القانون الجعفري سيكون في مقدمة القوانين التي ستفرض على جماهير العراق، وخاصة ان ديباجة الدستور التي سطرت كلماتها بنفس طائفي-جعفري هي التي عبدت الطريق للقانون الجعفري السيء الصيت.
ان مناسبة يوم المرأة العالمي هي فرصة لتذكير الجماهير النسوية والتحررية، بأن الاسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني، السلطة السياسية التي يقودها الائتلاف الشيعي ودولة الخلافة الاسلامية التي تحمل لواء الاسلام السني، كلاهما يستندان على عدائهما السافر للمرأة. وان الهوية السياسية لكلا الاسلامين هو الانتقاص من قيمة المرأة وكرامتها ومعاملتها كأنسان من الدرجة الدنيا. واذا كانت دولة الخلافة الاسلامية قد اعلنت صراحة عبر منشور علني حول حقوق وواجبات المرأة في دولة الخلافة وتبين بأنها لن تكون اكثر من مربية اطفال وسلعة جنسية يتم تداولها وتناولها حسب رغبات رجال الخلافة، فأن القانون الجعفري هو الاخر لم يرفع من مكانة المرأة مرتبة واحدة بل شرع بأغتصابها منذ هي طفلة في التاسعة من العمر حتى ان تتحول الى بضاعة جاهزة عندما تكبر قابلة للبيع والشراء تلبي رغبات الرجل. ان اظهار سلطة الاسلام السياسي الشيعي في حربها مع دولة الخلافة الاسلامية بأنها تحرص على جماهير العراق من الوحش القادم لن يستطيع طمس ماهيتها المعادية للمرأة. وان الجماهير التحررية في العراق عليها ان تدرك هذه الحقيقة وتعرف بأن هوية الاسلام السياسي بمختلف تلاوين فرقها وطوائفها هي هوية واحدة وهي العداء المطلق للنساء، ولكن تختلف فيما بينها في رؤيتها الاقتصادية والسياسية كما تختلف الاجنحة في الحركة القومية وليس اكثر من ذلك.
بمناسبة اليوم الثامن اذار نؤكد للملايين من النساء والجماهير التحررية في العراق بأن المساواة التامة بين المرأة والرجل لن تكون الا عبر اقصاء الاسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني، الائتلاف الشيعي الحاكم ودولة الخلافة الاسلامية من حياة المجتمع. انهما وجهان لعملة واحدة، وجهان لعدو واحد، الذي مرغت هيبته وجبروته اي الاسلام السياسي بالتراب في مدينة كوباني على يد النساء اللواتي قاتلن ببسالة جنبا الى جنب مع الرجال، ليتوج أنتصارهن بمرسوم المساواة المطلقة في منطقة "كانتون" الجزيرة السورية..