الجندر : علم النوع الاجتماعي؛ هل نحتاج هذا العلم؟ ، وماذا يترتب على إهماله ؟



شمخي جبر
2005 / 10 / 5

مفهوم Gander ( الجنس ) ( ذكر ، انثى ) والذي يسعى الى دراسة العلاقة المتداخلة بين الرجل والمرأة ، ويعرف بانه علم الجنس البايولوجي ؛ فلا الذكر مسئول عن هذا ولا الانثى. ويسعى علم الجندر الى تأطير دور المرأة والرجل في عملية الحراك الاجتماعي ، ولا يعنى هذا العلم بالمرأة فحسب با هو علم المراة والرجل ، الا ان هناك ملابسات كثيرة دخلت على هذا العلم؛ ونظره من خلال نافذة هذا العلم ، نرى ان المرأة هي النوع الاجتماعي الذي يحتاج الى تعديل دوره الاجتماعي ، وتؤكد النظرة الجندرية على ان المرأة والرجل كبشر يجب ان ينظر اليهما بغض النظر عن متغير الجنس .
لم يظهر هذا العلم نتاج ترف فكري بل هو حاجة اجتماعية واقتصادية تطلبتها التطورات التي حدثت في العالم ، من جانب اخر فان هذا العلم Gander ، لم يأتي لتحجيم دور الرجل كما يفهمه البعض ، بل جاء ليقدم عوناً للرجل ، عوناً للأسرة ، وبالتالي عوناً للمجتمع ، ان كل التحولات الحضارية كانت لصالح الرجل في مجتمع ذكوري ابوي تعرضت المرأة فيه للتمييز بل ممارسة العنف ضدها ، وحرمانها من ابسط حقوقها الانسانية ، وهذا مما يقع في حقل تبديد الثروات ، وهي ثروة الموارد البشرية التي يحتاجها اي مجتمع سواء كان في الدول المتقدمة او دول العالم الثالث ، التي هي احوج ما تكون لتجنيد كل طاقاتها البشرية للمساهمة في عمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية وبالتالي الوصول او اللحاق بركب الدول المتقدمة ، اننا لو نظرنا الى التركيب السكاني في العراق لوجدنا ان نسبة الإناث على وفق أحدث الإحصائيات تشكل اكثر من 50% من السكان ، فلو أقصينا هذه النسبة الكبيرة من السكان من قوة العمل ، يضاف الى هذا اننا نقع ضمن خانة ما يسمى بالمجتمعات لفتية ، اي يشكل من هم دون سن العمل نسبة كبيرة من السكان فأننا نكون قد حرمنا مجتمعنا م موارد بشرية كبيرة تشكل رقماً هائلاً في قوة العمل ، فهذا وضع كارثي في القياسات الاقتصادية والتخطيط التنموي يحمل الذكور في قوة العمل ما لا يطيقون ، من خلال إعالتهم لأعداد كبيرة من الافواه . مما يؤدي الى خسارة كبيرة في الطاقات البشرية ، ان هذا الوضع الكارثي يزداد سوءاً ، اذا علمنا ان المواليد في العراق من الاناث في تزايد كبير يفوق المواليد من الذكور .امام كل هذا نتساءل.... ماذا تبقى من قوة العمل ؟ان هناك علاقة وطيدة بين علم Ganderوالاقتصاد وما يقدمه للاقتصاد من معطيات تخدم المخطط الاقتصادي ، والحاجة لعلم Gander في توزيع قوة العمل ، ان لعلم النوع الاجتماعي( الجندر) علاقة كذلك بالتعليم الذي يجب ان لا يميز بين الذكور والإناث حيث ان ثقافة الجندر ثقافة تخدم خطط التغيير الاجتماعي .
ان المجتمع المثالي هو مجتمع الجندر ، الذي يرفر ادوار وفرص متساوية للبشر بغض النظر عن متغير الجنس ( ذكر ، أنثى)؛ لان كون هذا ذكر وتلك أنثى كان نتيجة فرصة بايولوجية ، اي فرصة إخصاب غلبت عامل على آخر(y,x ) ولابد ان نؤكد ان انتقال المجتمعات من المجتمع ( الأمي ) الى المجتمع ( الأبوي ) ترتب عليه الكثير العنت والحيف والتهميش ، الذي كان نتيجة خسارة المجتمع لها كقوة بشرية منتجة ، فأصبحت المعادلة ذات طرف واحد ، هنك شبه اتفاق على ان الرجل يملك القوة البدنية وهنت لابد لنا من ان نقول ان مفهوم القوة مفهوم مضلل لا يصلح ان يكون متغيراً للتمييز ، والحديث عن مفهوم القوة يقودنا الى التساؤل عن اية قوة نتحدث ؟
ان الانسان لا يملك القوة المطلقة ، لانها تقع خارجه ، حيث تستمد من الجانب الاقتصادي ؛ وهذا مايفصح عنه الواقع ؛من خلال امتلاك وسائل الإنتاج .
ان هناك مصطلح اخر ممكن ان يكون بديلاً للقوة هو مصطلح ( التمكين ) او ( القدرة ) ، وهذه مسألة نسبية ، فالمرأة في بعض الأحيان أكثر تمكيناً وقدرة من الرجل فيما لو امتلكت اللياقة البدنية عن طريق التمرين مثلاً ، لكن الفرصة في هذا المجال ظلت حكراً على الرجل ، بل منذ الطفولة المبكرة يتدرب الذكر على إهانتها والنيل منها ، فالأم والأب يقولان ( لا بد للولد من ان يكسر رأس أخته ) فبقيت الأنثى محرومة من الوصول الى ( التمكين) او ( القدرة ) على ان هذا الأمر اذا كان الآن لصالح الرجل فلن يظل لصالحه على طول الخط .
ويرى المحاضر ان الجندر مفهوم يشير الى إنتاج تنظيم اجتماعي للبشر( مفهوم النوع اجتماعي ) والجندري حين ينظر لا يرى الا كائناً بشرياً بغض النظر عن جنسه ، واية تنظيم اجتماعي ينظر للجنس نظرة غير متساوية هو تنظيم اعتباطي ، فرض بالممارسة ، وهو مرتبط بالمجتمع وعاداته وتقاليده ، ومن ثم فهو نسبي ، ثقافي ، يرتبط بالنسق الثقافي والحضاري للمجتمع ، او لشريحة من المجتمع .
فقد تتاين النظرة الجندرية داخل المجتمع اواحد وتتأثر بعد عوامل اهمها اتجاهات الوالدين والأسرة والمجتمع نحو المواليد الجدد ، وعمليات التنميط الجنسي والتنشئة الاجتماعية ، حيث تمارس ضد الأنثى عمليات تمييز وقسر منذ الطفولة ، وتبدأ عمليات التنميط هذه منذ تعلم الطفل كيف يكون فرداً في المجتمع ، لهُ وعليه ان يمارس كافة الأدوار ، يضاف لها المفاهيم التي تطرح وكانها بديهيات حول ان االانثى ؛ا كائن ضعيف( القوارير ) .
وفي ظل هذا التنميط تصبح اي امرأة تطالب بحقها الإنساني وتنافس اخاها او زوجها توصم بـ ( الوقاحة ) او ( ام لسان ) ، ومن تمارس دورها الانساني داخل المجتمع قد يطلق عليها امرأة ( مسترجلة ) . وتبني هذه المفاهيم تقع المسؤلية فيها على المجتمع وثقافته التي يمارس المجتمع في ظلها ضغطه على الافراد عن طريق قوة بعض النظم الثقافية التي تعيق تفكر المرأة والرجل على حد سواء ، من خلال الالتزام بآراء ثابتة ومحدودة ، وعادات وتقاليد اجتماعية تقف في الكثير من الاحيان بالضد من تحرر المرأة من ريقة عبوديتها ، كفكرة الجسد الرذيل ( الخطيئة ) وما يبنى عليها من أفكارها من قبيل نقص العقل والدين والحظ وقد يرى سدته بعض المؤسسات ان قيام المرأة بدور ما جنبا الى جنب هو تجاوز على دور الرجل في المجتمع الذكوري الأبوي ، مما يثير جدلا حول تفسير ( القوامة ) او ( القيمومة ) في المجتمع الإسلامي ( الرجال قوامون على النساء) .
ان علم الجندر مهم لمجتمع يريد ان ينتقل الى مرحلة المجتمع لمدني ، حيث تحترم حقوق الإنسان وتساوي الفرص في ظل مواطنة لا تفرق ولا تميز بين الأفراد على أساس الدين او العرق او الجنس ، فكيف تتحدث عن ديمقراطية واكثر من نصف المجتمع لم ياخذ دوره الاجتماعي ؟ وقد تعطى المرأة دوراً كما حدث في إعطاءها 25% في الجمعية الوطنية ، ولكن كيف يرفع المجتمع من مستواها ومقدرتها وكفاءتها لأداء هذا الدور ، وباقي الأدوار الاجتماعية