شرَف العائلة المزعوم



زهير دعيم
2016 / 2 / 14

لا يكاد يمرّ شهر الّا وتسقط مضرجة بدمائها ضحيّة بريئة جرّاء عمل بربريّ مقيت أطلقوا عليه " شرف العائلة" ، شرف ملوّث بالخزعبلات والشكوك والتجنّي ، نعم تسقط ضحيّة تصرخ دماؤها الى السماء، فتصرخ هذه السماء : " من منكم بلا خطيّة فليرجمها بحجر "
جريمة بكلّ معنى الكلمة ، جريمة بشعة يعجز قلمي المتواضع من احتوائها واحاطتها بما تستحقّ من التنديد والامتعاض والتقزُّز...
جريمة صال بها قلمي اكثر من مرّة، وأدمت فؤادي وأفئدة الكثيرين .
ولكن لا حياة لمن تنادي !!..ومن تنادي وكيف تنادي والكلّ نيام ؟ ومجتمعنا العربيّ في البلاد بل في كلّ بلاد العرب يملأ فاه ماءً، فلا يشجب ولا يستنكر ولا ينتفض ولا يقف وقفة " شريفة" أمام هذا القتل غير الشريف؛ وليس هناك قتل شريف على الاطلاق.
حتّى الصحافة العربيّة المكتوبة والمسموعة والالكترونيّة أراها تخاف او تتخاذل او تتجنّب الخوض في مثل هذا الامر ، فلا تستنكر ولا تُحلّل ولا تهاجم اولئك الذين يقطفون الارواح التي لا حقّ بقطفها الا لله وحده ، فتراهم ينشرون الخبر ويمرّون مرّ الكرام و "كأنَّ" شيئًا لم يكن.
اين مجتمعنا العربيّ من هذه الجرائم التي يندى لها الجبين ؟اين رجالات المجتمع والتربية من هذا العمل البربريّ؟
وهل الشَّرَف العربيّ منوط فقط بالفتاة والمرأة ؟ أليس للرجل العربيّ شرف؟!!
وهل المرأة ان زنت فعلًا تزني لوحدها أم أنّ هناك زانٍ وزناة يشاطرونها ، فأين اذًا الذي فعل ذلك ؟ أيبقى حرًّا يتباهى بفحولته ؟!!
لقد طفح الكيل فعلا ، وغدا مجتمعنا الذكوريّ مقيتًا " يُسوّد" الوجوه ، ويلقي بظلاله على حياتنا ، فالقضية قد تكون شكوكًا ، وقد تكون حريّة رأي أو تخمينًا وقد تكون حُبًّا بريئًا وقد تكونُ................ !!!
حتى ولو كانت......... !!! فليس من حقّ أحد أن يأخذ الرّوح . ألَم يسمع مجتمعنا بمصطلَح "التوبة" ؟ ألَم يسمع عن الله الحنون ، الرؤوف ، غافر الخطايا الذي يسامح وينسى ويرمي الذّنوب في البحار.
ألَم يسمعوا صوت الله القائل لقايين في اوّل جريمة في التاريخ : " صوت دم اخيك صارخ اليّ من الارض"
حقيقة ، مجتمع أخرس ، أبكم ، حتى النشاط النسائيّ المناهض للقتل كثيرًا ما يخبو ويضعف ، فالأمر يحتاج الى ملاحقة ،والى مظاهرات تملأ كلّ الشوارع ومفارق الطرقات ، تظلّ تزوبع لعلّ الضمائر الغافية تصحو وتنتفض وتقول : كفى شبعت ارضنا دمًا بريئًا..
صرخة اطلقها بألم للمرة الألف عسى ان يصل صداها الى الهدف، فنمنع الضّحيّة البريئة القادمة .
من يدري !!