حياتها .. خيارُها



اسماء محمد مصطفى
2016 / 3 / 6

يحق للمرأة أن تقرر مايناسبها ، مثلما الرجل حر في قراره الشخصي .. كلاهما إنسان .. وكلاهما له الحق في اختيار الطريق الذي يراه يضمن كرامته واحترامه لنفسه .. فإذا ما أخطأ الخيار فهو من يتحمل النتائج ، فمابال الذكوريين والذكوريات والمتسلطين والضعيفات المغيبات يشعرون ويشعرن بالاستياء إذا فكرت إحدى النساء او بعضهن بطريقة مستقلة تخصها هي ولاتخصهن ؟!! متى يتخلون ويتخلين عن عقدة التسلط وثقافة القطيع ؟!! ولماذا يفكر المجتمع بالنيابة عن المرأة ؟! ومن قال إن (عقل) المجتمع كامل متكامل كي يكون قراره هو الأنسب للمرأة ؟!
سيقول قائل ، طبعا يعترضون ويرفضون لأنّ حق المرأة في تقرير مصيرها يهدد مصالحهم .. وهنا نسأل : هل المرأة خلقت من أجل مصالحهم ؟ ماذا عن مصلحتها هي وحقها في الحياة الكريمة ؟
وهل الحياة المشتركة تتطلب التحيز لمصلحة أحد الجنسين على حساب الآخر ؟ ومن قال إن المرأة الناجحة العاملة ستضر بعائلتها ؟ لماذا لاتقولون إنّها بنجاحها تزيد من ثقة أطفالها لأنّ نجاحها سيجعلهم يفتخرون بها ويشعرهم بتميزهم ، لاسيما حين توازن بين واجباتها الوظيفية وواجباتها الأسرية ؟
حتى حين تقرر امراً ، فهذا من حقها ، لأنها هي من تعرف خصوصية أمورها وهي من تدرك مصلحتها ، حتى لو جاء خيار من خياراتها مغلوطا ، فهذا شأنها ، تتحمل عواقبه بنفسها ، أفلا يخطئ الرجال في قراراتهم ؟! فلاتتحدثوا وكإنّ النساء خطاءات والرجال ملائكة لايخطؤون ولايقصرون ، كأنّ كلهم يحرصون على ضمان حياة كريمة لنسائهم ..
فكروا بأنّ لاشيء في الحياة مضمون ، فربما ثمة قدر يؤدي الى فقدان المعيل كالأب او الزوج او فقدانه عمله ، فإذا كان للمرأة مصدر رزق خاص بها تنفق منه على نفسها وأطفالها ، استطاعت المضي قدما ، على العكس من التي بلاعمل او مصدر رزق ، تندب حظها وتكتفي بمايمنّ به أخ أو أي فرد من العائلة ، بينما كان بإمكانها تفادي ذلك ، إن هي شقت طريقها في الحياة بنفسها. وربما لايتوفر لها المعين بعد وفاة الزوج او الأب او الأخ .. فهل تخرج للتسول ويرضيكم هذا ؟! او تأخذ بالصراخ في الشارع أنّها ضاعت لأنّ زوجها مات ، كما سمعنا أكثر من مرة في ولولة بعض النساء بعد فقدانهن أزواجهن ؟!
هذا مثال واحد ، وثمة أمثلة كثيرة ضحاياها نساء مكبلات بسبب النظرة القاصرة بعيدا عن حقيقة أنّ الحياة تتطلب التوازن سواء من الرجل او المرأة ، وليس تغييب كيان إنسان تحت غطاء وضعه القطيع وموروثاته ، فأحد وجوه العنف ضد المرأة تصور الرجال أنّ المرأة يجب أن تمشي وفقا لأهوائهم ومصالحهم وأفكارهم هم ، محاولين أن يصادروا حقها في الحياة والخيار والقرار والتفكير ، حتى إنّ البعض مازال ينظر الى أن عمل المرأة غير ضروري وأن مكانها البيت بالضرورة متجاهلا او جاهلاً بأحقيتها في أن تقول كلمتها وتقرر ماتريد ، سامحاً لنفسه بالإجحاف والتعسف والتطفل على حقها الإنساني في أن تكون كما تريد هي وليس كما يريدون .
وأخيرا فإنّ الأرض خلقت للمرأة كما هي للرجل ، ولها الحق في أن تتخذ طريقها بإرادتها ، وأن تعمل وتحصل على رزقها بنفسها بلا وصاية ولاتبعية لذكر يسمح لنفسه بأن يخطئ بلاحساب ويمشي على هواه لكنه يمنع المرأة من أن تحصل على حياة تناسبها وتختارها بنفسها ! بل إنّه ، وكي يُسكت المرأة ويُسكت من يتحدث عن إحقاق حقها ، يحيل الموضوع الى الله والدين ، مفسرا الآيات على هواه ، متجاهلاً آياتٍ أخرى لأنّها لاتتفق مع مصالحه ، ذلك هو النوع الذي ينتقي من الدين مايحلو له ويتناسى الآخر .. فهل يحق للمتحايل المتجاهل أن يقرر بدلاً عن المرأة ؟ وإذا كان عقل الرجل وصيا على عقل المرأة ، فلماذا خلق الله لها عقلاً أيّها العاقلون ؟!!