حماية المرأة من تطاول داعش وما بعد داعش مسؤولية المجتمع وواجبٌ على الدولة



منظمة حرية المرأة في العراق
2016 / 3 / 8



بالرغم من مساهمة المرأة في كل فعاليات المجتمع من عمل وتعليم وإدارة وسياسة، تجد نفسها في موقع اجتماعي يتدنى عاماً بعد عام، متحوّلة الى سبية بيد داعش، او الى رصيد جنسي كزوجة ثالثة او رابعة بيد رجال الدولة، او الى بضاعة يتم تبادلها بين العشائر في حال الفصل والنزاع؛ وكل ذلك بدعمٍ من قوانين الدولة التي تسعى لابقائها تابعة ومملوكةً من قبل الرجل، ومحرومة من كل انواع الحرية والامتيازات. كل ذلك يدور بمؤامرة ما بين الدولة والمؤسسة الدينية الحاكمة بالاضافة الى الانحطاط العشائري بالتعامل اللاانساني مع كل ما هو انثى.
ولعل اقوى تجلّي لمقاومة المرأة يتضح في جيش من النساء اللواتي هربن من عشائرهن الى المدن الكبيرة، يتجولن دون هوية او اثبات على اي "انتماء" عشائري. وبالرغم من كون ذلك يتركهن محرومات من خدمات الدولة من قبيل الصحة والتعليم، الا ان حريتهن تعني لهن الكثير، وهن يتحملن المصاعب والمشاق في سبيل الحصول على حريتهن من العبودية العشائرية.
ولعل الدليل الثاني على استقتال المرأة في مقاومة الهيمنة الذكورية التي تشجعها المؤسسة العشائرية والدينية امتلاء المشرحة بجثث النساء اللواتي رفضن الانصياع الى القمع الذكوري الموجود في عوائلهن، بل فضلوا الموت على العيش بالذلة. ومن الطبيعي جدا على الدولة المعادية للمرأة والحريات ان تسنّ قوانين حماية قتلة النساء وتجد لهم الغطاء الاجتماعي لكي يستمروا في ما يقومون به من ظلم واقتصاص وتحقير لجنس الاناث.
تعاني نساء المنطقة الغربية بدءا من الانبار والحويجة وكذلك الموصل وتلعفر من عبودية تُفرض عليهم بالسيف والنار وبتهديد ذكور عوالهن. وتقاوم النساء هذا البطش بمحاولتهن الهروب من تطاول واجرام داعش الارهابي، وبالرغم من تنكيلهم وقتلهم لكل من "يكفر" بدولتهم الوحشية. وقد وقفت الكثير من النساء محتجّة على تعليمات داعش في مدن الحويجة والموصل لكي يتم اعدامها او حرقها احيانا وبحجج ذكورية ومشينة تخص الشرف الذكوري. كما وتجد مئات النساء نفسها ضحية السبي تحت سطوة داعش مما تركها حاملاً او مع طفل هرب ابوه الى الموصل والرقة لتبقى هي ضحية تصفية عشائرية من جديد. اذ ان عشيرتها التي لم تقدر ان تحميها في اوقات النزاع، تتطاول في اوقات السلم وتحمّلها نتيجة جريمة غيرها، وهي هذه القيم العشائرية الحقّة.
ولا تتصرف بعض الميليشيات "الشيعية" بشكل افضل عندما تستغل بعض نساء الغربية بحجة كونها زوجة "ارهابي"، او عندما تنهب وتسلب دور المدنيين او تضادر املاكهم وبحقد طائفي لا يمكن اخفاؤه.
كل هذه التجاوزات على المرأة العراقية من سبي وقمع وتميّيز قد جعلها في أوطأ نقطة في تاريخها الحديث. ولعل الاحتلال الامريكي كان يعرف مسبقا هذه النتيجة عندما سلّم السلطة بيد احزاب دينية متحالفة مع المؤسسة العشائرية. اذ لم يكن ممكنا ان يستلم حزب اسلامي السلطة دون ان يحارب المرأة والطائفة الاخرى وان يمعن الاذلال بهما طوال هذه السنوات. ولعل نساء المنطقة الغربية عانين من ظلم مزدوج لكونهن نساء ومحسوبات على "السنة"، اذ ان مئات الآلاف منهن تجد نفسها نازحة ومسؤولة عن جمع من الاطفال ومن دون معيل او حماية، ومن دون ان تقدم لهم الدولة دعما يكف الجوع عن اطفالهن ويحفظ كرامتهن.
ان الثامن من مارس يرمز ومنذ نشأة هذا اليوم الى نضالات اليسار والمرأة لتحقيق المساواة لها مع الرجل، كما اصبح رمزا لمحاربة المرأة لحكومة برجوازية تسرق القوت من فم الاطفال لكي تكدّس الثروات في جيوب قلة حاكمة في المنطقة الخضراء. وفي يوم كارثي كهذا يجب على المقاومة التحررية لليسار ان ترفع شعار انقاذ المرأة من براثن المؤسسة الدينية والعشائرية والتي تمهد الارضية للمارشات الداعشية الطابع. وان اية تظاهرة لا تحمل شعار الدفاع عن المرأة هي تعبير عن موقف انتهازي وتنصّل عن حماية المرأة التي تعبّر معاناتها عن تمزق النسيج المجتمعي في ظل الحرب الطائفية والدينية والقومية.
عاشت نساء المنطقة الغربية حرةً أبيّة
عاش الثامن من مارس رمز المساواة التامة للمرأة مع الرجل
منظمة حرية المرأة في العراق
8- 3- 2016