قضايا اثبات النسب بين الازدواجية والتواطؤ



لمياء لطفى
2005 / 12 / 7

عانى مجتمعنا لسنوات طويلة من الازدواجية ودفن الرءؤس فى الرمال رغم دق الأجراس التى تدعونا لنفيق ففى قضية اثبات النسب مثلا عانى كثير من المشاهير من تعنت المجتمع وتخلى القانون، عانوا سنوات وسنوات الى أن حصلوا على حقوقهم فى الحياة والمواطنة فمن منا لا يذكر قضية شريهان لاثبات نسبها ومعاناة فنانة كبيرة راحلة وابنها من الضغط علىالأب لانكار ابنه، وظل المجتمع يردد أن هذا الأمر وقفا على الوسط الفنى وأن مجتمعنا خال من حالات شبيهه حتى عندما انتشر خبر قضية هند الحناوى مع أحمد الفيشاوى انقسم المجتمع بين من ينادى بأنها فتاة متحررة من مجتمع متحرر لا ينتمى الينا وسارع بتكييل الاتهامات لها وكأنهم خائفون من الصاق التهمة بالمجتمع فكانوا كمن اشتعلت النار فى زيل ثوبه فأغمض عينيه معتقدا أنه يكفى لكى تنطفئ ألا يراها، وقسم أخذ ينادى بأهمية الالتفات الى قضية هند ليس كحالة فردية ولكن كحالة اجتماعية يشير الواقع الى أنها ظاهرة تستفحل مع الوقت وستنتشر ان لم نحرج رؤسنا من الرمال لنجد لها حلا فقد كان عدد قضاي النسب المرفوعة أمام المحاكم عام 1990 فقط 3939 حالة ووصلت فى نهاية عام 2004 الى 14 الف حالة، ولست خبيرة بالأرقام والنسب ولكن بالتأكيد تضاعف الرقم عدة مرات فهل آن لنا الآن أن نفيق بعد أن بلغ عدد قضايا النسب المرفوعة أمام المحاكم المصرية 14 ألف قضية أي أن هناك 14ألف طفل بلا اسم ولا هوية ولا وجود قانونى.
معاناة لا تنتهى
لنتخيل أنفسنا دون شهادات ميلاد ولنتخيل فجأة أن أحدنا تاه عن الطريق أو حدث له حادث أو لسبب أو لآخر اقتضت الحاجة أن يسافر الى أى مكان وليتأكد لنا ساعة افاقتنا من تخيلنا مفزوعين أن هناك 14 الف طفل يعيشون هذا التخيل المفزع كواقع اضافةالى هذا معاناة أخرى من رفض المجتمع واستهانه له وللشخص الوحيد الذى اعترف بوجودة "أمه" التى لا تعانى فقط رفض المجتمع وتحميلها باذدواجيته وحدها نتيجة اختيار لم تقع فيه وحدها وربما لم تختره أصلا فمعظم هذه الحالات نشأ نتيجة فقيرات من أجانب بأوراق عرفية كثيرا ما يدفعها اليه الأب أو العائلة نتيجة للظروف الاقتصادية السيئة التى يعانى منها المجتمع المصرى منذ مدة طويلة والدليل أن المحاكم المصرية تلقت فى الفترة من أواخر سبتمبر 2004 وحتى أوائل مارس 2005 عدد من القضايا كان منها 122 ضد سعوديين و252 قضية ضد كويتيين 184 قضية ضد إماراتيين وعمانيين وبحرينيين وكشفت الإحصائيات أن 84 سيدة ممن رفعن قضايا نسب ضد سعوديين هم من منطقة الحوامدية وطموة وهى قرى فى محافظة الجيزة اشتهرت بتزويج فتياتها إلى خليجيين.

الظاهرة أكبر كثيرا مما تكشفه الأرقام
دعونا ننوه أن هذه هي الإحصاءات المعلنة ولكن كم من الحالات التي فضلت التكتم درءا للفضيحة وسجلت الطفل باسم أحد أقارب الأم، أو تعرضت لجريمة شرف بعد معرفة الأهل بحمل الضحية نتيجة لزواج عرفى أو لعلاقة غير رسمية، إن ال12 ألف حالة فى الحقيقة هى مجرد قشور خاصة عندما نعلم أن 10% من جرائم القتل التى ارتكبت فى مصر عام 1999كانت جرائم شرف هذا حسب احد الدراسات التى صدرت عن مركز قضايا المرأة مؤخرا.
وفى النهاية دعونى أطالب مجددا برفع رؤوسنا من الرمال والتأكد من أن هؤلاء الأطفال سينعمون بغد أفضل، وأن هذا المجتمع سيتمتع قريبا بروح العدالة، والمساواة.