بغداد



بشرى البستاني
2016 / 5 / 19



بغداد
بشرى البستاني
**
تحطّ الخيولُ على بابها
تتأهّب للموت مذبوحةً بالصهيلْ.

تحطّ الطيورُ على سورها
تتأهب للشدوِ ، مأخوذة بالعبيرْ.

وينهض في سوحها النخلُ
يُرخي الأعنّةَ فوق عناق يلوبُ،
على شطها يكتب الحبُّ أمجادهُ
وتدور الفصولْ ..

وقلبي يرتّقُ أحزانه بضياء عصوركِ
قلبي يخطّطُ فوق حرائقه مشهداً
لوليمة فجرٍ يؤسسُ صخرتهُ،
في ذرى قمة تتأهّب أن تستردّ سماواتها
والضفائرُ مشرعةٌ للوصالِ ،
وأنت حبيبةُ قلبي
القناديلُ في الليل تأسرني
والنخيلُ يمد يداً من عناقيدَ
تربكُ خاصرتي

فخذيني
اهمسي للجراح ليطلعَ وردٌ بأردانها
واهمسي للخيول التي هجعتْ
كي تفكّ أعنتها ،

وخذيني
المناديلُ مجروحةٌ ،
والطريقُ إلى باب نجدٍ يطولْ .

وشوقُ السؤال يقينٌ
ورجعُ الجواب ضنينٌ
وما بين شوقٍ وشوق ٍرسولْ
يخونُ ويصدق لا بأسَ
أنتِ الدليلْ..
وقلبكِ هذا النبيُّ الذي لا يخونْ ،
قلبُ نهريكِ
يجتمعان على واحة من سعيرْ

وقلبك يكبرُ،
يمتدُّ ما بين أضلعنا والفصولْ

فخذيني
العباءاتُ في الفجر رفّتْ على لهفةٍ
كلما راودتني انثنيتُ على كبدي
أن تصدّعَ ..
إن العباءاتِ في الفجر كانت تخبئُ
فرسانَ عصرٍ يطاوله حلمٌ مستحيلْ..

وبغداد باذخةٌ بعناد المليكاتِ
في رأسها تاجُ دهر يراود فرسانها
ويشاغل سجانها
أن تميدَ به الأرضُ
أو تستريب به الزلزلةْ.

وبغداد شامةُ كلِّ العصورِ
على كتفيها رياشُ الحضارات مربكةٌ
والمرابض أمنةٌ ،
والمنايا نذورْ

على رسلها كانت الأرضُ تبلعُ نيرانهم
وعلى رسلها تتسلم كانت رسائلنا والنشيدْ.
وبغدادُ دفءُ العصور يدثرها
وعلى جيدها يستريح الزمانُ قلائدَ تمرٍ
وأسورةُ الأرجوان على ساعديها
وفي خصرها قمرٌ من هديلْ.

وبغدادُ محروسةٌ بأكفّ السماءِ
تناولها كلَّ يوم دليلاً :
مناديلها،
قلماً خطّط الكونَ في بدئهِ
وتناولها خاتما
ورهان عبيرْ.
قناديل تطلعُ ما بين ليل ومنفى

وأكتبُ فوق صخور العراقِ:
احبكَ...
اكتبُ لا اشتري غير هذا العذابْ
وطنا لجروح اليمام بقلبي
وأجنحة لمناديلِ حبي
وسِفراً يقاومْ