السلوك العشوائي للمرأة المصرية المعاصرة



طارق المهدوي
2016 / 8 / 3

السلوك العشوائي للمرأة المصرية المعاصرة
طارق المهدوي
لا تنجح أفكار وآراء ومواقف مختلف النخب الاجتماعية والسياسية والثقافية إلا بمقدار تأثيرها الفعلي على السلوكيات الميدانية للمواطن العادي في حياته اليومية، حتى لو استطاعت بعض النخب إسقاط وإقامة حكومات وأنظمة ودول هنا أو هناك لأنها في تلك الحالات تكون قد قامت فقط بالحلول محل غيرها من النخب المنافسة، ويمكن الاستدلال على مدى فشل النخب المصرية المعاصرة باستعراض اثنين من أوجه السلوك العشوائي للمرأة المصرية المعاصرة على المستويين العام والنخبوي كمجرد نماذج توضيحية، دون إنكار لحقيقتين هما اتساع نطاق السلوكيات العشوائية في كل أوساط المجتمع المصري برجاله ونسائه مع وجود أقليات من الجنسين في الوقت نفسه ملتزمة بمنظومات الأخلاقيات ذات السياقات المبدأية المنضبطة، فالنساء المقبلات على الزواج يقمن بفحص كافة التفاصيل الداخلية لجميع أنواع العلاقات الغرامية التي تختلف أنساقها بين ما هو اشتراكي وما هو ليبرالي وما هو إقطاعي وما هو عبودي بل وأيضاً ما هو مشاعي، ليقمن بالانتقاء الماكر للمفردات التي تمنحهن أكبر عوائد ممكنة مقابل أقل أعباء ممكنة من هنا وهناك ثم يقمن بنسج تلك المفردات المنتقاة معاً على طريقة القص واللصق الماكرة ليجد المصريون أنفسهم أمام المنظومة العشوائية الأكبر على المستوى العام، ولماذا لا تفعل عوام النساء ذلك وأمامهن قدوة سيئة داخل النخبة النسائية تمثلها صاحبات الأصوات الغنائية الجميلة اللواتي يكون عليهن اختيار أحد طريقين أحلاهما مر رغم أنه لكل منهما ملامح مغايرة للآخر بالنظر إلى مفردات الأعباء والعوائد، فإما الغناء عبر المؤسسات الرسمية التابعة لوزارات الإعلام والثقافة والشباب أو الغناء عبر المؤسسات التجارية كشركات الإنتاج الفني الخاصة والملاهي الليلية ومتعهدي الحفلات، حيث يتطلب الغناء في المؤسسات الرسمية مواقف معلنة تؤيد الحاكم أو على الأقل لا تعارضه وهو يضمن لمن تمارسنه القليل من المال والكثير من الاحترام، بينما يتطلب الغناء في المؤسسات التجارية مواقف منحلة تقدم الرشاوي والتنازلات المالية والجنسية وهو يضمن لمن تمارسنه القليل من الاحترام والكثير من المال، والغريب أن السيدات النخبويات صاحبات الأصوات الجميلة لم يتمردن على هذه الثنائية الشريرة أو يكافحنها أو يبحثن عن بدائل غنائية أخرى يقدمن من خلالها فناً أرقى ويقدمن في الوقت ذاته القدوة النضالية الحسنة لعوام النساء، لكنهن قمن بقص ولصق المفردات التي تحلو لهن من هنا وهناك لنسجها معاً على نحو انتقائي ماكر يمنحهن أكبر عوائد ممكنة مقابل أقل أعباء ممكنة في ظل استمرار نفس الثنائية الشريرة، ليجد المصريون أنفسهم أمام المنظومة العشوائية الأوضح على المستوى النخبوي!!.
طارق المهدوي