الطفولة في الجزائر بين سلطات متخاذلة ومجرم لا يرحم



آمال وشنان
2016 / 8 / 5

الطفولة في الجزائر ..بين سلطات متخاذلة ومجرم لا يرحم .
يستيقظ المجتمع الجزائري بين الفينة والأخرى على خبر اختطاف وقتل الأطفال، ظاهرة أصبحت تدق ناقوس الخطر لتكرُرها، في كل مرة تكون الوسيلة والطريقة أبشع وأفظع، يتفنن المجرمون في التعذيب والقتل والتنكيل بجثث الأطفال من إبراهيم الى هارون الى شيماء الى نهال والقائمة تطول، في كل مرة نتحسر نندد نتضامن نحزن ولكن كل هذا لم يمنع الاجرام من أن يتكرر وبطرق أبشع، تقف الدولة بأجهزتها وامكانياتها متفرجة ويقف المجتمع مذهول مكتوف الأيدي ويبقى المجرم وحده الفاعل وصاحب اليد الاجرامية التي تضرب بقوة وبعمق.
في ظل بشاعة الجرم ستغلب علينا مشاعر الغضب والانتقام، سيطالب العديد بالإعدام والقصاص سيخرج ككل مرة "المتضامنين مرحليا" للتنديد سنتبنى لغة التهديد والوعيد، ستستيقظ الضمائر النائمة مؤقتا ليخمدها الوقت والأيام، لتبقى عائلات الضحايا وحدها بين حرقة على فلذات أكبادهم، مجتمع متواطئ بسكوته، دولة متقاعسة بإمكانياتها.
السؤال أما آن الوقت لنعالج الظاهرة من جذورها أن نقتلع هذه الأفعال الشنيعة بشكل تام وكامل؟ كم يلزم من ضحية بريئة كي يستيقظ الجميع من حالة السبات الغير مبررة؟ الوقت الآن ليس مناسبا لتبادل الاتهامات بل هو الوقت الأمثل لتكافل الجهود بين الدولة والمجتمع للضرب بيد من حديد، لتطبيق أقصى العقوبات على من سولت له نفسه ارتكاب هذه الأفعال في حق أطفال أبرياء ولكن هذا الحل وحده ليس كافيا لأنه يقضي على المجرم وليس على عملية الاجرام، علينا إيجاد حلول تتعامل مع الظاهرة ككل وليس مع المجرم فحسب لأن ذلك لن يمنع الجريمة من أن تتكرر، لذلك وجب علينا تفعيل دور المؤسسات الرسمية متمثلة أساسا في المؤسسة التشريعية والقضائية، اذ على البرلمان تحمل مسؤوليته كمؤسسة تشريعية من خلال اعتماد قوانين صارمة في حق المجرمين ومنها إعادة النظر في تنفيذ حكم الإعدام وليس إصداره فقط، يليه دور فعال للقضاء وعدم التماطل في اصدار الاحكام على المجرمين أو التسامح معهم وغض النظر عن اجرامهم على المجتمع المدني رفع مستوى الأداء والخروج من طابع " المؤسسة بدون روح" تبني سياسة التحسيس بخطورة العمل الإجرامي، التوعية عن طريق التحضير لنشاطات، تظاهرات، فعاليات، دورات تدريبية ...الخ، لا تزال هذه المؤسسات مجرد هياكل لا دور لها، وفي هذا المجال لا ننسى الدور الذي تلعبه المؤسسات الدينية متمثلة أساسا في المسجد على المؤسسة الدينية القيام بدورها الإصلاحي ،التفاعل أكثر مع القضايا المجتمعية، تبسيط وإعادة النظر في الخطاب الديني وربطه بالمستجدات، دون أن نغفل دور الاعلام في شرح الظاهرة علميا وموضوعيا عن طريق الاستعانة بخبراء علم النفس والاجتماع .
للأسف من المستحيل أن نعيد الأبرياء المغدور بهم ولكن بإمكاننا أن نمنع هذا الفعل الشنيع من أن يتكرر مرة أخرى ومن أن يحصد أرواحا بريئة.
رحم الله كل طفل بريء والهم ذويهم الصبر والسلوان.