هو صبى انتى صبى؟ دورة حياة ذكر و انثى في مجتمعاتنا



سامر حكيم
2016 / 8 / 21

هو صبى انتى صبى؟
دورة حياة ذكر و انثى في مجتمعاتنا

هو صبى انتى صبى؟ تلك الجملة التي قيلت في المسلسل الناجح "لن أعيش في جلباب أبى" و الذى انا شخصياً من عشاقه و الذى شاهدته فوق الخمس مرات تقريباً و لكن كل مرة اشاهده تستوقفنى جملة تقولها "فاطمة" و التي تقوم بدورها الفنانة عبلة كامل لبناتها حينما تريد أحد البنات حقها في المساواة بينها و بين اخيها "عبد الوهاب" و هو اسم الشخصية التي قام بها الفنان "احمد رياض" فتقول لها الام و تسألها السؤال الإستنكارى الذى يحمل الكثير من السخرية (هو صبى انتى صبى؟) ذلك الصبى الذى تمحور المسلسل كله حوله بالفعل فقد كانت شخصية عبد الوهاب هي محور المسلسل كله في تصوير فعلى لواقعنا المرير الذى يتمحور حول الصبى او الولد و هو الكوكب الذى تدور في فلكه الاسرة كلها من بنات و اخوات و زوجة او ربما زوجات و ام بل و ربما الاب أيضا و كيف لا و هو ولى العهد للأب!

و اود ان انوه اننى انا هنا لست بصدد نقض المسلسل و لا حتى بصدد نقض سيناريو المسلسل المكتوب ببراعة من السيناريست " مصطفى محرم" و لكننى بصدد نقض تلك الجملة و مرادفاتها فى حياتنا فهى تحمل ملخص تلك التفرقة العنصرية الغير مبررة بين الذكر و الانثى..
فمنذ نعومة اظافر الأخت و الأخ في نفس المنزل و اذا بالتفرقة تبدا بالظهور فنخصص لعب للأولاد و لعب للبنات و اذا لعب الولد بالعروسة ننهره و اذا لعبت الفتاة بالمسدس او القطار ننهرها فنعطى الولد الطيارة و الرشاش و المسدس اللعبة و نعطى للفتاة العروسة و عدة عمل الشاي و أدوات الطبخ البلاستيكية اللعبة أيضا و التي ستتحول بعد فترة لعدة طبخ حقيقية حتى تعرف كيف تخدم في بيت ابيها ثم في بيت زوجها و راجلها و تعمل له صنوف الطعام التي يشتهيها.
يبدأ الولد و البنت في ان يكبروا قليلا و يبدأ الولد في المطالبة بأن ينزل ليلعب في الشارع فيوافق الاهل على الفور و نتركه اكبر وقت ممكن و نتركه يبتعد عن المنزل ولا نخاف و طبعا بدورها اخته تبدأ بالمطالبة بنفس الحق فننهرها و لو الحت بالطلب تركناها تنزل للعب بالشارع و لكن نوجهها لتلعب مع البنات فقط و الا تبتعد عن المنزل و تطول قائمة المحظورات عليها بخلاف اخوها الذى نلقيه في الشارع دون اى عناية تذكر حتى يكتسب خبرة الحياة كما يقول البعض هذا الى ان يشتد عودهم قليلاً فيستمر الولد بالنزول للشارع بل نعطيه صلاحيات اكبر للابتعاد عن المنزل اكثر بينما و في نفس الوقت نضيق الخناق على اخته التي أصبحت كما يقال عروسة و يتخاف عليها فنبدأ بمنعها من النزول الى الشارع الا في اضيق الحالات و على ان نعرف خط سيرها حرفياً كما نبدأ مسلسل املاء الأوامر المنزلية على الفتاة فنبدأ بإشراكها في عمليات النظافة و الطبخ الخفيفة و إن سألت الام تقول لك ايوة عشان تبقى ست بيت و تفتح بيت و تلاقى عريس و كأننا ننجب الفتيات فقط ليتزوجن و يخدمن ذكراً و ليس لتكونن فتيات مثقفات عاملات مُنتجات في مجتمعهن.
نتمادى في زيادة الطين بلة حينما نقول لها اكوى ملابس اخيكى فهو على وشك الخروج في الوقت الذى نحظر عليها هي الخروج الا في اضيق الحالات كما قلنا مسبقاً و نجبرها على خدمة اخيها حتى يخرج و هو متأنق و في ابهى حلة و عند عودته لابد ان تكون احدى الخادمات اسف اقصد احدى فتيات المنزل في انتظاره فتقول لها الام قومى حضرى الاكل لاخوكى و شوفى لو عنده ملابس متسخة لتضعيها في الغسالة و لو لم تنفذ أوامر الام و الأخ المدلل تبدأ الام نفسها التي تربت بنفس الطريقة في نهرها و صب جام لعناتها و دعواتها عليها لانه كما ذكرنا الام نفسها تربت كذلك و تريد لبناتها نفس الطريق ظنا منها ان الفتيات خلقن لهذا و الا كيف ستفتح بيت و تكون زوجة صالحة يا ترى؟!
كل ذلك يحدث دون اشراك يذكر للولد في اعمال المنزل فكيف يعمل بالبيت و هو رجل بل و ربما اذا وقف ليغسل شيئا و لو تطوعاً لقيل له انت راجل ميصحش!
يبدأ الولد يشعر بمكانته في الاسرة منذ نعومة اظفاره فهو المدلل الذى يخرج و يعود كما يريد و تقوم الفتيات على خدمته و تلبية طلباته كحق مكتسب له فيبدأ شيئا فشيئا في إظهار رجولته المزعومة بأن يتحكم في اخواته بحجة انه رجل و من حقه ان يكسر رقبة اخته لو وجد تليفون زميل لها بالدراسة او بالجامعة على هاتفها بل و بمباركة الاهل و الام خاصة التي ترى في فتاها المدلل رجل المستقبل الحمش القوى الذى لا تكسر كلمته بينما يذخر هاتفه هو بأرقام فتيات منهن من تكون له زميلة دراسة و منهن من هي الحبيبة و الصديقة و منهن ربما من تكون احدى العاملات بالدعارة لزوم اظهار الرجولة و هذا كله و هو لا يلمح اى تناقض في تصرفاته فهو رجل كما افهموه و هذا من حقه، تمر الأيام و يتزوج الذكر ليبدأ رحلة تحكم جديدة بخطيبته التي ستصبح قريباً الشغالة المنزلية الجديدة في بيته الخاص الذى لن يعلو صوت فيه الا صوته فيبدأ نفس الرحلة التعيسة من التحكم في زوجته و أولاد و يبدأ في إعطاء صلاحيات لاولاده دونا عن بناته و هلم جرا.
في نفس الوقت الذى تتزوج فيه اخته لتنتقل للخدمة في بيت زوجها (المتحكم الجديد) و ولى امرها و الآمر الناهى و الحاكم بأمره فتبدأ هي الأخرى رحلة من الخنوع و الخضوع و تربية أولادها من ذكور و اناث على نفس المنوال الذى تربت عليه هي و أمها من قبلها و هكذا نستمر في تلك الدائرة المفرغة المريعة.
فإن لم نلحق انفسنا و نغير من عاداتنا القميئة القديمة و نعرف بأن الولد و البنت هما على قدم المساواة و يجب ان نربيهم على ذلك من النشاة و الصغر و على مشاركة الجميع في خدمة الجميع فالكل يخدم الكل فلا أحد فينا يعمل لدى الآخر أو مسيطر عليه الاخر فكل منا اناثاً كنا او ذكوراً له شخصيته المنفردة المتفردة و له حقوقه الكاملة دون اى تقيد بجنس معين فأرجوكم أوقفوا دائرة السيطرة الذكورية و الخنوع الانثوى و ربوا بناتكم و ابنائكم على المساواة التامة فعزيزى الاب لو كنت تربيت على التفرقة بينك و بين اخواتك البنات فلا مانع من ان تكون صاحب التغيير الأول في عائلتك و مجتمعك و عزيزتى الام ليس لزاما على فتياتك ان يتجرعن من نفس كأس الذل الذى تجرعتيه و ابدأى في تربية جيلاً جديداً سوياً متساوياً في الحقوق و الواجبات بعيدا عن اى تفرقة بين الجنسين.