غرفة 15



مارينا سوريال
2016 / 8 / 24

كنت اركض بين درجات السلم اللعين من سوء حظى ان يصاب المصعد بالعطل فى الوقت الذى ارجو فيه كل ثانية لاراها،اعلم انها لن ترانى ولا يجب لكنى ساراها ،من وسط من سيقفون حولها ساقول لها وداعا ،لولا حالتها لما تجرأت ان اراها حتى وانا اعلم انها لن ترانى ابدا هكذا وعدتها فى المرة الاخيرة التى وافقت على ان تقابلنى فيها ،سبعة اعوام هى عمر لقاءنا الاخير فانا اعرفها منذ ان عرفت نفسى التصق من خلف النافذة لاشاهدها من بعيد وهى تركض بين جنبات غرفتها مهرولة دائما لا تستكين فى مكان تحب الحركة والسرعة تمل البطء والانتظار لكنها معى اضطرت الى الانتظار ريثما استطعت ان اخبرها ،وانتظارا اخر اركض من حولها فى جنبات المدرج حتى استطعت البوح ....كانت هى فى الطابق الاعلى وانا من رواد البدروم لولا نافذة داخلية كنت اتسلق الجدران الباردة منجراء المياه حتى اقترب منها واراقبها لمااستطعت رؤيتها عن كثب صحيح اننى اطرق باب شقتهم لاوصل طلباتهم عوضا عن والدى المصاب الداء الرئوى لكنها ثوان لا اكثر تكون سيدة البيت تتفحص وجهى حتى تتاكد من سلامة طلباتها اسلمها فى خجل واهبط لموقعى فى الاسفل كنت اعلم ان الطريق الوحيد لرؤيتها عن كثب سيكون بين مدرجات جامعة سنشترك حينها فى نفس الشىء كلانا لا يقدر على ثمن التعليم الخاص وسنجلس فى النهاية على نفس الدرج وتزيحنا الاقدام بحثا عن موطىء قدم من بين الالاف الوجوه وصوت ضعيف يصلنا عبر الميكرفون .... اشتركت فى تحاد الطلاب لاجلها واضطررت لقطع وقت عودتى لاستكمال طلبات البيت الكبير عوضا عن ابى لساعات طويلة ..لكنها لم تلحظ ..لم تلحظ ...اردت التراجع ولم استطع ....
داخل الاتحاد تعرفت على صنوف اخرى من البشر لم اعرفها من قبل كنت اراها من بعيد من هم مثلى ومن هم مثلها ،سحرت بعالم من الكلمات واستنزف طاقتى وهى ارتفعت بعد طابق ...كنت اسمعهم يتحدثون قالوا ان من فوق مثل من يقطن بالاسفل الفارق درج والدرج لا يميز بشر ،تذكر والدى الذى يركض على سرير المرض بغرف حيث تركض الحشرات بجواره وامى تجلس بلا قوى تبكىوانا اقف خلفها عاجز ....قالوا لى هناك سنخرج لاجلك ولاجلنا قلت لم يعد هناك بدا ساتى لن ياتى اسوء مما اعيش فيه وذهبت معهم كنت اتجول فى الشوارع بين الجالسين اعطيهم زجاجات المياه ،وهى كذلك كانت هناك اندهشت عندما رأتنى ..لماذا الست مثلك ؟لم تجب تلعثمت ...ظلت الى جوارى توزع المياه والطعام ..نسيت المشفى وابى وامى والطوابق كنت انتشى وسط النجوم وصوت صراخ المجتمعين يعلو وانا معهم ورقصنا طربا وانا معهم ولكن اكثر لان يدها طبعت خفيه داخل يدى وعدنا......
كنت انتظرها ان تعود اعلم انها ارتفعت طابق اخر وانا لازال وسط ابى وامى بالاسفل ..انتظرتها وانتظرت لكنها لم تعود تبخرت ايام الخوالى وكنت اعلمها باقية .....
تزوجت وارتفعت طابقا اخر وصار ما بيننا طوابق عليا لا ارفع راسى واصبو اليها وكل ما تسلحت به هو كلمات مبعثرة القيها هنا وهناك فيلقون عليها اسم قصائد كنت اعلم انها تصلها قبل يومين من رحيلى من هنا ارسلت لى ....كانت تتحدث عن الولادة والموت قلت لها اننا لم نولد بعد قالت لا بل ولدت ومت من جديد ....
خارج الغرفة 15 وقفت من بعيد اراقب لهفة من حولها لتخرج من تلك الغرفة المظلمة ....منيت نفسى برؤية اخيرة ستلد فيها هى حياة جديدة وسترحل روحى معها الى الابد ..لكن انتظارى طال وفت بوعدها ورحلت روحها هى ..كنت اهلوث باسمها من بعيد لم يصل اليهم صوتى وسط النحيب والبكاء كنت ابكى معهم ....رؤيتها وهى ترتفع طابق اخر اعلى طابق لن استطيع الوصول اليه هى بارعة فى لعبة الطوابق تلك ولكنها وصلت الى مداها الاخير بمفردها ...
.