مخالب الامومة



شذى احمد
2016 / 8 / 27


الصغير يعدو وهي خلفه . في غفلة من الزمن تسكن فيها القوانين ،ويغفو قانون الجذب ،وتتوقف الارض عن الدوران . ويتساوى فيها الليل بالنهار. وتتعادل دراجات الحرارة . وترتوي الصحراء. وترتدع البراكين . يضمحل الجوع، فتشبع البطون الجائعة لاتعد بحاجة الى اي شيء. الشبع هو ما تحس به. لا تحرك المشروبات اي ظمأ. ولا الماكولات اي شهية. تتوقف حركة القطارات في كل عواصم ومدن وقرى وارياف هذا الكوكب. لايعير الفقير اهمية لفخامة مركبة الثري. ولا ترتفع الرؤوس الى الاعلى محدقة، فتنتابها الافكار والاحلام بالطائرات المحلقة
يرطب البارود المخبأ في علب سوداء للمقنعين هواة القتل والموت. تتثاءب الخطب التحريضية الرنانة فوق منابر حقد ،وكره لكل ما هو حي في عالمنا
يترك السوط الطفل حتى يكمل رضاعته معلقا بيد حامله في هواء مجرات سحيقة لايهوي ..معلق مثل احتمالات الفوز بكرة القدم بين فريق عريق ومبتدأ

يدفع الفرن اقراص الخبز لتنضج بمحبة.فلا تلسع لسانا، ولا تتركه متحسرا!!. والاشجار تنفض عن اوراقها غبار الملل، فتسطع خضرتها

يتناغيان بمحبة فارغتا الفم من الاسنان الحفيدة وجدتها. ويقهقهان بمودة لزمان كان يفوز بكل سباق من سباقات العمر لسكان هذا العالم ,وما زال يسجل ما يشاء من الانتصارات. لكنهما غير ابهتين بما يحصد

حصل كل هذا وغيره عندما
بدأت مطاردة نادرة اندفعت فيها اللبوة المفترسة ، بكل قوتها تطارد عجلا صغير .. في زاوية ما من احدى غابات هذه الارض الواسعة. اكلات العشب عجيبات غريبات يطلقن سيقانهن للريح ، وينسين ما الذي سيحصل. هن فقط يعدون. وعندما لا يبقى للعدو من معنى يسقطن بين انياب المفترس. ويتأملن الحياة التي تغيب بعيون تقترب منها انياب لا تعرف الرحمة

لكن هذه المرة لم يحصل ذلك . راح العجل يعدو واللبوة خلفه.ولما وقف كل ماذكرناه سويا اعلاه عن اداء مهامه التقليدية تقدم العجل بطلب هدنة، تعجبت اللبوة. احتارت.هذا طلب مفاجئ. من اكل عشب جريء. لكنها لم ترضى لنفسها التنازل عن مكانتها. هي مفترسة نعم . قوية نعم. وقادرة على التعطف والقبول او الرفض. تملك السيادة . ومن يملك السيادة يملك القرار. ومن يملك القرار يملك حقا اضافيا بالاستماع ام صم الاذان

فسمعت.واذعنت لنداء تفوقها. فاحس العجل بحلاوة الانتصار، وراح يتمادى التصق بها . اشعرها بحرارته، وحقه بالحياة ،وناغى امومتها التي راحت تطفح من عينيها اليقظتين
ارتبكت . احتارت . ما عساي ان افعل بهذا العجل العجيب الغريب. هو يسلبني وحشيتي ، ويستفز امومتي
لكنه لم يعرف يوما ما ما معنى غرس الانياب في لحم مخلوق اخر، والتمتع بتقطيعه. فاغراه حلمها للمزيد من المداعبة علها تهدأ من روعه . وتحن عليه مثل أمه الحقيقية التي ربما صارت وجبة في بطن مفترس اخر

لم يرق موقف اللبوة لصاحبتها ،فضاقت ذرعا بتأخرها عن الفتك بالعجل ، فهجمت عليه لتأكله. وهنا هنا كان لوقف دوران الأرض معنا اخر
هجمت اللبوة الاولى عليها تصدها ، وتحمي العجل دون ان تعرف سببا واضحا لسلوكها هذا.
كل من شاهد كل هذا لم يعرف
فكل يوم يمزق الوحوش اشلاء اكلي العشب من كل نوع وقبيلة
وكل يوم تطفح موائد المفترسين باشهى الفرائس
وكل يوم تدور الارض
وكل يوم تغضب في هزة هنا وبركان هناك
وكل يوم يحترق الخبز بنار غاضبة في هذا الفرن وذاك
وكل يوم تفيض البحار
وكل يوم يزداد ثقب الاوزون اتساعا بحسرات المعدمين المحرومين من خيرات هذه الارض المخزنة في اقبية الاثرياء الرطبة
وكل يوم ..وكل يوم. لكن يوم امومة اللبوة كان غيرها
يوما واحدا من ايام هذا الكوكب العجيب انتصرت به امومة اللبوة على مخالبها فتوقفت الارض فيه عن الدوران