خياطة تقود ثورة



شذى احمد
2016 / 9 / 2






في زمن الاسود والأبيض..ليس للبث التلفزيوني ما اعني بل شيء اخر مختلف تماما هل عرفت ما عنيت تماما هو ذاك

زمن الابيض والأسود في ديرة العم سام.. في ذلك الزمن كان الاسود وعائلته ملكا مطلقا لسيده

عندما يتم بيعهم ، يوزعون بين الملاك الجدد على حسب الدفع ،وتبادل الصفقات. قد يذهب الاب الى ولاية تكساس مع سيده الجديد . و آمراته الى لويزيانا ..ويتفرق صغارهم في باقي الولايات يعيشون ثم يقضون حياتهم دون ادنى معرفة لما حصل لباقي افراد العائلة

لكن هذا الزمان ولى..صار السود اليوم قوة عظيمة ومؤثرة ووصلوا للبيت الابيض. وصارت سيدته منهم.
كم رقصت حافية القدمين على موسيقى ريانا او بيونسي وعندما يلمح ايا كان بان هذا البيت الابيض تصيح سيدته بتحدي ميشيل اوباما... اعرف اجدادي السود هم من بنوا البيت الابيض


مر زمن به الكثير من المرارة والوجع. سلسلة طويلة من الكفاح ،والتحدي ..النضال المستمر الذي ما عرف الهوادة ولا الهوان في سبيل الحرية

الم يقل نيلسون مانديلا يوما .. العبيد هم من يتمنون الحرية، لكن الاحرار يصنعونها

وصنع السود الكثير لحريتهم بدت في بعض مراحلها مشابهة بالسيناريو لرحلة المهاتما غاندي واختلفت معه ببعض التفاصيل ..فهو استقل قطار ابتاع فيه بطاقة من الدرجة الاولى وهي استقلت حافلة وجلست حيث المكان مخصص للبيض .. فطردا لكنهما حررا بتحديهما شعبيهما ونقلاه الى عصر الكرامة

قبل دخول الالوان بينهما كانت حدة الاختلاف بين اللونين فاضحة . فالسود الذين بلغ عددهم حتى مطلع القرن التاسع عشر ما يقارب 4 ملايين تم جلبهم من تجارة الرقيق ، وتم حصر استخدامهم بالإعمال الوضيعة .كانوا غير راضين بالمرة بقيودهم وعبوديتهم... نشبت حركات تمرد بينهم ابرزها تلك التي اندلعت في عام 1831 فكانت عنيفة ودموية بقيادة نات تيرنرمع مجموعة من العبيد في كونتيا دى سوزامبتون، فيرجينيا، خرجوا مطالبين بالحرية ...فقتلوا ما يقرب من ستين ابيض، وكان من بينهم نساء وأطفال فكان رد فعل البيض اشد ضراوة حيث قتلوا ألافا من السود وقاموا بإعدام تيرنر ورفاقه ،ولم يكتفوا بذلك بل قطعوا اوصاله كي ينشروا الرعب في نفوس العبيد


كان لهذه الانتفاضة اثر كبير في سياسة الابيض الامريكي فيما بعد فلقد تم جلد وتعذيب السود كي لا يفكروا بالتمرد ، ووضعوا قوانين شديدة الصرامة بمنع حيازة السود لأي سلاح ناري. وحرموهم حق التعليم والقراءة والكتابة. فلا يحق لأي معلم تعليم العبيد وإلا وضع نفسه تحت طائلة القانون

فما بين اوصال تيرنر وعذابات ابناء جلدته حتى زمن جلوس روزا باركس بالحافلة تلك الأميركية السوداء التي قادت ثورة في ولاية ألاباما سنة 1955 للمطالبة بالحقوق المدنية التي اجتاحت الولايات المتحدة منذ ذلك الوقت. روزا بارك الخياطة البسيطة كانت قد رفضت التخلي عن مكانها في الحافلة بعد يوم عمل شاق للرجل الأبيض العنصري، الذي وقف امامها مشيرا إليها بظاهر يده المفتوحة ان انهضي واخلي المقعد فلم تنهض ولم ترد عليه . ذهل كل من كان في الحافلة فما كان من السائق إلا ايقافها والذهاب اليها وتحذيرها من العواقب الوخيمة لفعلتها ومذكرا اياها بنصوص القانون الذي يلزم السود بالتنازل عن مقعدهم في الحافلة لأي ابيض يأمرهم بذلك .. فلم تجد روزا باركس إلا القول: “أنا متعبة جدا.تعبت من التنازل عن مكاني لأشخاص لا يستحقون وليس لديهم اي تبرير لذلك التنازل، ولن أتنازل مرة اخرى لأي كان…. افعلوا ما تشاءون”. هذا التحدي ساهم في نشوب واحدة من أروع حركات التاريخ، وهي ثورة الحقوق المدنية
بالتأكيد هذه الخياطة دخلت التاريخ من بابه الواسع ،وليس بإبرتها وخيطها بل بإلهامها وشحذها الهمم لقيام حركة عصيان وتمرد تقود لعدالة اجتماعية
تماما مثلما ايقظت ثورة العصيان والتمرد التي قادها غاندي أمته من سباتها الطويل لتنتزع حريتها واستقلالها

هل ينتهي هنا ألمشوار هل هذا جل الحديث. بل هي البداية والتوطئة للحديث التالي
القاكم على خير