الواجب والمتعة..العلاقات الزوجية



جهاد علاونه
2016 / 9 / 11

هنالك أشياء نمارسها بدافع الواجب, وهنالك أشياء نمارسها بدافع الحصول من خلالها على المتعة, بالمثال على ذلك الإنفاق على الزوجة والأسرة أي على البيت نفعله بدافع الواجب, واجبنا يحتم علينا أن ننفق على البيت وقد نتألم كثيرا بسبب مصاريف البيت ورغم ذلك قد لا يستسلم اغلبنا لليأس وللألم, أما ممارسة الجنس بين الزوجين فجميعنا نمارسه بدافع الحصول من خلاله على المتعة, وأغلبية المكتئبين نفسيا أو المرضى الذين يتألمون من الحياة كثيرا يمارسون الجنس بكثرة غير اعتيادية بدافع كسر الألم في النفس تماما كما ينكسر الضوء في الماء.
ولكن اغلبنا يخلطون بين هذه المفاهيم جميعها فيمارسون الجنس بدافع الواجب وهذا معناه أنهم لا يشعرون بالمتعة الحقيقية بل يمارسون الجنس وكأنهم يقدمون واجبا اجتماعيا أو واجبا للزوج أو للزوجة, وهذا النوع من الممارسة فيه أحيانا خلط كبير بين مفهومين هما الواجب والمتعة, وأغلبية الذين يمارسون الجنس بدافع الإحساس بضرورة القيام بهذا الواجب يكونون على الأغلب لا يعشقون زوجاتهم أو أنهم يسرقون الجنس ويمارسونه خارج البيت إما مع الصديقات أو العشيقات والعكس أيضا صحيح من قبل الزوجة أي أن الزوجة التي تمارس الجنس مع الزوج بدافع الإحساس بواجباتها تجاه الزوج تكون على الأغلب لا تحب زوجها وكذلك الزوج, وتحصل تلك الزوجة على المتعة من خارج نطاق الأسرة, فتبدأ العلاقات الحميمية بدخول نطاق دائرة الفساد أو إفساد العلاقة الزوجية, والذي يتسبب بإفساد العلاقة الزوجية يحاكم حسب القانون على ما تنص عليه عقوبة إفساد العلاقة الزوجية بين الزوجين وهي جريمة يحاسب ويعاقب عليها القانون.
نحن نذهب إلى الأقارب والمعارف والأصدقاء مثلا لتقديم العزاء بأحد المتوفين بدافع الواجب, ونذهب إلى صالات الأعراس لتقديم واجب التبريكات بدافع الواجب, وفي كلا الحالتين في الحزن وفي الفرح لا نشعر بالمتعة بل نشعر أننا قدمنا واجبا اجتماعيا, وحينما نستقبل الضيف المعزي نقدم له الضيافة بدافع الواجب وليس بدافع المتعة وقد نكلف أنفسنا أحيانا فوق ما تحتمل من نفقات وقد نتألم أيضا بسبب هذه النفقات في الفرح وفي الحزن, وفي الفرح وفي الحزن لا نشعر بالمتعة بل نشعر بالواجب, الواجب يحتم علينا أن نكرم الضيف ونحسن استقباله ووفادته ورفادته, المهم أن العملية فيها شيء من الواجب والعملية الأخرى فيها شيء من المتعة, فإذا وصلت علاقاتنا الحميمية مع أزواجنا إلى مستوى أننا فقط نقوم بالواجب فهذا معناه إنهياء أو بداية انهيار العلاقات الحميمية التي تبدأ بالمتعة وتنتهي بالمتعة, نحن الفلاحون كثيرا ما نسمع من الرجال كلمة ( هم ونكد أسمه خميس) فمن المعروف عن غالبية الرجال أنهم يقدمون أو يمارسون الجنس مع زوجاتهم في نهاية الأسبوع ويسمونه على الأغلب ( هماً..نكدا) وإذا ما أراد رجلٌ أن يتخلص من عمل شيء مقرف جدا يقول عنه شو بدي أعمل..هم ونكد أسمه خميس وبدي أخلص منه) وكذلك الزوجة تقدم في نهاية الأسبوع نفسها للزوج وهي قرفانه حياتها بدافع إرضاء الزوج وعدم إزعاجه منها, وهي بهذا تشعر وكأنها تقدم واجب ضيافة لضيف ثقيل الدم , وكذلك الزوج حين يمارس الجنس مع زوجته بدافع تقديم الواجب يكون على الأغلب قرفان من الزوجة ولكن لا يريد بنفس الوقت إغضابها منه, يريد أن يقدم الواجب في المكان الذي من اللازم عليه أن يقدم فيه المتعة الروحية والنفسية والعاطفية.
نحن على الأغلب مجتمع مكتئب وحزين جدا, كلنا في أغلب الأحيان لا يمارس متعته مع زوجته بدافع تقديم المتعة للطرف الآخر بل يقوم بالعملية وكأنه يقدم واجب عزاء أو واجب فرح, الواجب مختلف جدا عن المتعة, والمتعة مختلفة عن الواجب, ولا يجوز تقديم المتعة محل تقديم الواجب ولا يجوز تقديم الواجب بمحل تقديم المتعة.
أنا واحد من أولئك الذين بدئوا يشعرون بالخجل من هذه المسألة, صرت اشعر وكأنني أقدم الواجب بمكان المتعة والمتعة بتقديم الواجب, ظروفنا العاطفية وتنشئتنا الاجتماعية والدينية كادت أن تقضي علينا جميعنا, أغلبية الناس هكذا, العلاقات الزوجية في خطر, معظمها دخل عالم الفساد والفساد, هنالك ظروف أفسدت حياتنا وهنالك أشخاص يحاولون اختراق أسرة نومنا من أجل أن تنقلب علاقاتنا الحميمية من المتعة إلى الواجب, أنا لا أريد أن أدخل غرفة نومي لتقدم لي زوجتي الجنس وكأنها نادل في مطعم أو جرسون في مطعم يقدم لي واجب الخدمة, وأنا كذلك لا أريد أن أقدم لزوجتي الجنس على أساس أنني أقوم بواجب اجتماعي أو أن أشعر بأن هنالك ( هَم وحزن ونكد أسمه الخميس) بل أريد أن أفرح كل حين, أريد أن أستمتع بحياتي وأن أحصل على المتعة من المكان الصحيح الذي من المفترض أن استمتع به وأنام ليلي الطويل بكل هدوء...دعوني أستمتع بحياتي, وبعد الاستمتاع بإمكاني تقديم الواجبات الأخرى, لأن الإنسان إن لم يحصل على المتعة لن يستطيع تقديم الواجب....أريد أن استمتع بحياتي مع شخص لا يقدم لي المتعة وهو يتألم, فأغلبية الأزواج يحصلون على المتعة من أزواجهم وبنفس الوقت لا يشعر معهم الطرف الآخر بالمتعة بل بالألم, إذا استمتعت مع زوجتي جنسيا وهي تتألم يبقى ضميري يؤنبني طوال الوقت ولا أستطيع أن أنام ليلي الطويل, فإذا أردنا الحصول على المتعة من أزواجنا يجب أن يستمتعوا هم معنا, أما أن يستمتع طرف على حساب طرف آخر وهو يتعذب فهذا معناه اغتصاب وليس علاقة حميمية, وكلنا في نهاية الأمر نحصل على المتعة بالغصب من الطرف الآخر, كل العلاقات الجنسية مشروعة شرعا لأنها قائمة على الإيجاب والقبول بدافع الرغبة والحصول على المتعة, إلا أن المغتصبة غير جائزة شرعا, وإذا ما قمنا بتعداد المغتصبات يوميا في البلد فسنجد أـنفسنا أننا مجرمون بحق الإنسانية ونغتصب زوجاتنا بهدف واحد وهو الحصول على المتعة من الزوجة تحت الضغط أو التهديد أو الإكراه... أو كما قال المناضل العظيم غاندي الكارثة أن نمارس المتعة بلا ضمير..ساعدونا من أجل أن نستمتع بحياتنا وبعلاقاتنا الحميمية...الحيوانات أعتقد هي وحدها التي تمارس الجنس بدافع الواجب والحفاظ على النسل.