الجنس مطلب لكل جنس



غادة أشرف
2016 / 9 / 22

لا أدرِي بالضبط في أي وقت تحديدًا عَرِفت أن هُنَاك شيئًا يُسمَّى بـالجِنس ولكِن إن لَم تخونَني ذاكِرَتي فأظُن أن ذلِك كان في الجامِعَة، لم أعِرفَه بالطبع مِن خلال المدرسة لأنُّه كَلَام عيب رُغمَ أنُّه في تِلك المرحلة عَرِف الجميع كَيف يتكوَّن الطفل فِي أحشاءِ الاُم ومِن هُنا بدأنا نتساءِل إذن الزواج ليس مُجرَّد عَقدِ الكِتَاب، والطفل لا يوُلَد بِجرَّة قَلَم؟


مِن هُنا بدأنا استِقاء بعض المعلومات مِن الصَديقات والزَميلات أثناء تجمَّعنا بين الحِصص نتساءل عمَّا يعني هذا الكَلام، وفي الواقِع لم تَعرِف بعض زميلاتي في الفصل؛ لأنَّ الحديث في مِثل هذا العُمر في هذه الأمور هو أسرار أمنيَة لا نُخبِرها إلَّا للصديقات المُقرَّبات، فويلٌ لمِن ليس لها صديقة في ذلِك الوقت. ولمَّا إلتحقنا بالجامعة رُبَّما تحدَّثنا في هذه الأمُور عِندما وَجدنا صديقات لنا يتزوَّجن، ولكن بالطبع ليس بكُل التفاصيل لإنه مازال كلام عيب! كُنت أعتقد أن هذه هي بدايتي أنا فَقَط، ولَكِن بالحديث مع هذه وتِلك وَجدت أن مُعظمنا مرَّ أيضًا بهذه المراحِل، لذلِك حينما أقرأ أو أُسمع عن الطلاق لأسباب جنسيَّة، لا أتفاجئ كثيرًا فتِلك هي النهاية الطبيعية لأفراد يكون مصدر معلوماتهم الأفلام والأصدقاء مُحاطة بالطبع بالقشرة المُجتمعيَّة التي تُحدِّد التفكير، وتُقنِّن الأفعال.


يُضحكني دائمًا مشهد " محمَّد سَعد وحلا شيحَة " أثناء تواجدهما بالسيَّارة فتُخبره أنَّها امرأة لها مشاعرها وأحاسيسها الخاصَّة بِها فيسألها ويُعيد عليها السؤال " حقيقي تُفكِّرين في مثل هذه الأشياء؟! " فتخجَل ولا تَرُد، فيختتم كلامه بـ " وأنا اللي فاكرِك مؤدَّبة! " ولَكن إذا نظرنا إلى المشهد بنفس العين التي ننظُر بها إلى الواقِع لوجدنا أنُّه يعَكس عِدَّة حقائق:
الأُولَى: يعتقد عدد ليس بالقليل مِن الرِجال أن الجِنس هو أمرٍ يُقتَصَر عليهم فَقَط، فليس مِن المعقول أن المرأة تُفكِّر أيضًا فيه، ولكن في الواقع كُل المخلوقات الحيَّة تُفكَّر فيِه " لكن لا أدري هل تُفكِّر فيه أيضًا المخلوقات ذات الخليَة الواحدة أم لا " ومن المعروف أيضًا أن العقل هو المصدر الرئيسي للتفكير فيه، وبمُساعدة من الهرمونات المسئولة عن ذلِك ينتهي الأمر بإنشاء علاقة جنسيَة – بعيدًا عن الإطار الذي تتبلور فيه تلك العلاقة - فلماذا إذن نُنكِر تلك الحقيقة ويتأجَّل كلام الشريكان عَن توقعات كُل منهما من الأخر فيما يخُص الحياة الجنسيَة؛ ليتفاجئوا بعد ذلِك أن هُناك طرفًا لا يُشبِع رغبات الآخر، أو أن طرفًا يُجبِر الآخر على مُمارسات جنسيَّة مرفوضة مِن قِبَل الثاني، في الحقيقة أجِد أنُّه أثناء عِلاقة الإرتباط بين الطرفين، حينما يجدان أن هُناك توافق عقلي وروحي بينهما يجب ألَّا يترددان للحظة في مُناقشة ذلِك الأمر قبل البدء في خطوة أكثَر جديَّة.
أمَّا الحقيقة الثانية تنقلنا إلى عُقدة الطاهرة – العاهرة، وهي عَجز الرجال عن مُمارسة الجنس مع زوجاتهِم لأنَّها بالنسبة لهُم شئ طاهِر لا يَجب أن يُفسَد بأفعال مُنحلَّة في حين أنهم يُتقِنون ذلك مع باقي النِساء، حينما قرأت أوَّل مرَّة عن تِلك العُقدة تخيَّلت أن الزوج يُخبِر زوجته هي بِنا نُريد أن نُنجِب طفلًا فلا يتعدَّى الأمر بضع ثوانٍ أو دقائق وينتهي كُل شئ، أو أنهما يعيشان كأخوات أنجبتهما نفس الأُم أو الأب! بالنظر إلى الأمر بصِفَة عامَّة نَجِد أن الجِنس هو حاجة يسعى الفرد لإشباعها سواء عن طريق الزواج أو عن طريق علاقة عابِرة كما هو الأمر في بعض المُجتمعات الأُخرَى، وليس فِعل مُنحل أو طَلب إشباعه يُعبَّر عن فساد أخلاقي ولا يقتصر على جِنس بعينه! ليس لأنَّها تُفكِّر فيه يعني أنَّها ليست مؤدَّبَة! فالجِنس مطلب مَشروع لُكُل جِنس.


والحقيقة الثالثة فشل التوقعات الجنسيَّة لكُل طرف مِن الآخر قد يؤدي إلى أن يكون الطَرَف غير سعيد يشعُر دائِمًا بأن هُناك شئ ينقُصَه لَم يُشبَع بَعد فيتَّجِه إلى الإنفصال، أو أن يَصبِر على تِلك العلاقة المُشوَّهة ويُصبِّر نفسه بمُشاهدة الأفلام الإباحيَّة بغرض تحقيق الإثارة وإشباع وهمِي حتَّى يُصبِح مُدمِنًا لها، قد تَسِد حاجته مؤقتًا ولكن مع الوقت يحفظها عن ظهر قلب فيُصيبَه الإكتئاب والملل مِن تكرار المُشاهدَة وتنهار حياته الزوجيَّة والجنسيَّة وقد يؤدي ذلك أيضًا لطلب الطلاق أو الخُلع، وأيضًا سيطرة عُقدة الطاهرة والعاهرة على عقول بعض من الرجال من الطبيعي أنَّها ستؤدي لحياة زوجية بائِسَة تخجَل فيها الزوجة من طلب الطلاق او الإتِجَاه إلى الخُلع؛ لإنها لا تعلم إلى أين ستذهب أو كيف سينظُر لها المُجتمع كامرأة مُطلَّقة؟ أو سيحدُث الطلاق لأن الزوج أو الزوجة سيتتَّجة أحدهما أو كلاهما إلى البحث عن إشباع الرغبة الجنسيَّة خارِج منزِل الزوجية.


بعيدًا عن فيلم " اللمبي " لأنه كانت هُناك عِلاقة عاطفيَّة بين الطرفين، ننتقل إلى الزواج مِن أجل الجِنس، لأن تعاليم الدين أو مُجتمعاتنا لا تسمَح بإنشاء علاقة جنسيَّة خارِج إطار الزواج وأنُّ ما يحدُث في الخفاء بنسبة كبيرة قد يخرُج إلى العَلَن، يتَّجه بعض الرجال والنساء إلى الزواج لإشباع تِلك الرغبة، ولكن هذا الزواج بالطبع نهايته معروفة وهي الإنفصال، وهُنا نجِد أن إدراك الحقيقة وتقبلها أكثَر صعوبة في أخذها في الإعتبار فيستسهل المرء ويخوض التجربة التي تنتهي بمُجرَّد تحقق الرغبة وتكرارها حتَّى مللها، وتفادي ذلك النوع مِن الزواج يعتَمد على إرادة الفرد ومعرفته الجيَّدة لتِلك الحقيقة.


حينما أتذكَّر بداية معرفتي بالأمر أتساءل متَى سيكون هُناك تربيَّة جنسيَّة كواقع علِمي، وماذا سأقول لطفلٍ حينما يسألني " إحنا جينا إزاي؟ " حتَّى لا أتفاجئ بِه يومًا يكتُب على إحدى مواقِع التواصل الإجتماعي " إتجوِّز اللي تسألك هُم الأطفال بيجوا إزاي؟ ".