جرائم تُرتكب بحق النساء



فؤاده العراقيه
2016 / 9 / 30

قبل ايام توفيت إحدى النساء متأثرة بحروق بليغة بعد ان أقدمت على حرق نفسها بمعونة زوجها , توفيت بعد عذاب ومعاناة استمرت لأربعة ايام وعليكم ان تقيسوا درجة عذابها في تلك الأيام الاربعة وما كانت تعانيه قبلها لتصل الى حرق نفسها.
فبعد أن ذاقت ذرعا من حياتها ومن تكرار ضرب الزوج لها بشكل شبه يومي على أتفه الأسباب احتارت في كيفية الخلاص من معاناتها معه فهددته بحرق نفسها بعد أن هربت من صفعاته وانزوت بركن بعيد عنه لتتجنب نوبة غضبه وليكف عن ضربها وإهانتها , لحق بها وأخذ يثير أعصابها وهو يتفوه بكلمات نابية وبذيئة بحقها ويستفسر عن سبب تأخرها في وعدم اقدامها على تنفيذ قولها وصفعاته مستمرة تلسع روحها قبل جسدها , فما كان منها سوى إن أغرقت جسدها بمادة النفط استعدادا للتنفيذ عسى أن يرق قلبه ويكف عن ضربها وإهانتها ثم كررت على مسامعه بأنها ستُقدم على حرق نفسها لكنه لن يتوقف عن إهانتها فأضرمت النار في طرف ملابسها السفلي وسرعان ما أخذت النيران تشتعل بجسدها بسرعة البرق وكأنها كانت تنتظر الإشارة لتلتهم ذلك الجسد المنهك دون أن يحرك زوجها أي ساكن وكانت النار اقسى عليها منه , حاولت إطفاء النار بيديها لا لحلاوة روحها لكونها لن ترى في حياتها أية حلاوة لكن روحها لم تحتمل عذاب الحرق وآلام النار .
نُقلت للمستشفى وبعد سؤالها عن الحادث اعلنت وهي تأن من الالم بأن الحادث كان قضاء وقدر لتتجنب شر زوجها متصورة بأنها ستنجو من الموت لكنهم ابلغوها بخطورة حالتها وعليها ان تشرح لهم ملابسات الحادث فقصت لهم ما حدث ومن ثم لفظت انفاسها بعد ايام من عذاب لا يحتمله إنسان .

نسمع ونتعايش مع العديد من الحوادث المماثلة لهذه بل والأفظع منها لكننا نمر عليها مرور الكرام أو نذرف الدموع في أحسن الحالات حيث صارت تلك الحوادث من ضمن سياق حياتي ونهج طبيعي لا نتوقف عنده ولا نجد أي اهتمام يذكر ولا أي تغيير بقوانين باتت لا تليق بإنسانيتنا تنص على ضرب الزوجة والأبناء القُصّر , اضع تحت هذه العبارة خط احمر وازرق واسود وكل الألوان ,عبارة وقفت السماء والقانون بها بجانب الرجل وضد المرأة لتجعل من النساء في ان يتقبلنّ صفعات ازواجهنّ لسنوات خوفا من العواقب لانعدام السند سواء من قبل الأهل أو المجتمع أوالقانون.

نسمع عن حالات تتعلق بضرب الزوجة وإهانتها لفظياً دون ان تتمكن هي من الرد على تلك الإهانات خوفاَ من العواقب فتضطر للسكوت وبسكوتها يتفاقم الوضع ويتمادى الزوج لينتج عن سكوتها عواقب افدح من ما لو ردّت عليه ,فالرضوخ ينتج تعوّد ورضوخ اكثر والخوف يوّلد مخاوف اكبر من سابقتها والاعتماد يوّلد اعتماد اكبر وهكذا تتناسل افعالنا بنفس الأفعال وتكبر وتمتد جذورها في نفوسنا لتشكّل نهجا لحياتنا.

فغلب على الرجل طابع السيادة على المرأة والتصرف بها كيفما يشاء دون ان يشعر بأي ذنب أو تقصير وسط ظروف اجتماعية أحاطته بالرعاية وبالتبجيل منذ صغره ,فلا غرابة حتى لو قتل أي امرأة كانت تربطه بها علاقة قرابة فالحجج متوفرة لديه وكثيرة ,والإسناد لديه منه الكثير, لكونه قد امتلك الأنثى بقانون فاسد قد أفسد اخلاقه وأفقده إنسانيته شيئا فشيء وجعله يتمادى في ظلمه .
فساد قانون الزواج وصل لحد النخاع فالرجل عندما يفكر بالزواج يعرف مسبقا بأن الحق معه في طلاق زوجته وقتما يشاء أو الزواج عليها من اربعة نساء زواج غير إنساني حيث يدخل النكاح في رأس القائمة لديه فعلى الزوجة ان تتوقع منه افدح من هذه الأفعال كون الغريزة هي الغالبة عليه والمانع له حتى من التفكير بأولاده ؟
هي حلقة من حلقات كثيرة من حياتنا التي أفرغت الإنسان من محتواه , بعض من النساء يتذوقنّ المر بصبرهنّ هذا ولا اقول يتحلينّ بالصبر فصبر مثل هذا سيكون مرارا , فيتذوقنّ المر للحفاظ على ألأبناء وهكذا تستمر الدوّامة والخاسر الوحيد بها هي المرأة وهي مرغمة على هذا الخسران وضياع سنين عمرها بين متطلبات الزوج ومراعاة نفسية الأبناء دون عطاء ودون شعور بالحياة ولا شيء يعوّض حياة الإنسان عندما تضيع بدوامة الجهل القائلة بان الحياة الطبيعية تنحصر بالزواج والأبناء فقط .
هل عليها ان تدفع حياتها ثمناً لغلطة واحدة ارتكبتها والحياة عبارة عن اخطاء نتعلم منها , أم ترضخ لفكرة أن وضعها طبيعي وينبغي على جميع النساء ان يمررنّ به كون مسار الحياة الطبيعي هو ان تتحمل هذه الحياة وتتجرع المر بل وتكون مقتنعة به لأجل ان لا تزيد آلامها فزواجها ربما يخطئ وربما يصيب وهو شر لابد منه !! فبدلا من الوقوف امام الشر نحن نرضخ له ونقول لابد منه بسبب تفكيرنا الغير عقلاني القائل ,من غير المعقول ان تبقى المرأة بدون رجل يعتليها ويعيلها ويحميها , المفارقة هنا هي إنها تعمل وتكدح اكثر منه دون أية اجور, أما حمايتها فهي من الرجل نفسه .
بعض من المواقف المهينة يتم تجاوزها من قبل الزوجة بفعل الرضوخ والخوف التي تعودت عليه , وبعضها يتم التكتم عليها كونها ترّبت على الخجل الذي هو من سمات الأنوثة , هذه الأنوثة التي ستقودها لحتفها وحتفها هو الرجل ,والرجل سيقودها بدوره لهذه الحياة البائسة وهكذا تستمر المهزلة ..