نعمى3



مارينا سوريال
2016 / 10 / 3

عرباوى
قيل لى ان جدى كان من الرحالة ليس له ارض قبل ان ياتى ويستوطن تلك القرية التابعة للمحافظة ويصنع بها بيتا له وذريته وزوجاته ،كان الكل يعيش هنا فى ذلك البيت من ثلاث طوابق خصص الطابق الاول له وزوجاته بينما الطابق الثانى للاولاده والاخير مضيفه استقبل فيها الرحالة والغرباء جميعا ..كان فى الماضى دائما ما هناك ضيفا يقطن ولا يسال عن موعد رحيله حتى اتى سليمان ..لم يكن كالاخرين كنت الصغير وكان هو من اى بلد لم اعرف حتى عندما كبرت وفكرت ان اسأله لم يجب كان يبتسم يقول رحاله والارض اوصلته لبيت ابى ..لم يعد غريب او ضيف صار مصاحبا لابى اينما ذهب يحمل له مظلته وهو يسير وسط ارضه يراقب الفلاحين يتكاثرون فى ارض التى بدات فى الاتساع ..
صار صاحب الارض والبيت كثر الخدم ،رايت الغرباء يكثرون فى البيت ولا يرحلون ..رحلت امى فبقيت مع زوجات ابى حينما رحل علمت انه سيحضر فهيمة عوضا عنها ..لم يكن احد يجرؤ على الحديث حينما يجلس ويطلبنا كنا ننصت ..كنت وسط الجميع اراقب الاعيان يتقدمون وزينة البيت ترتفع والجديدة تحل محل امى.
لا اتذكر متى صار سليمان رفيقى فى الحقول اينما ذهبت كان يتبعنى ..عندما مرض ابى كان الناظر ساعده الايمن يمر على الحقول وياتيه فى نهاية النهار فى مضيفته ولا يصدر من اهل البيت سوى الهمس ..كنت اسمعهن نحس الجديدة مالها ولنا لم تنجب سوى فتاة لتعد لبيت اهلها قبل ان تجلب النحس لابنائنا ..
عاد الابن الاكبر الى الارض من جديد ،يحمل للاجله المظلة يسير بين الفلاحين يصرخ بين الجميع كنت اسمع عبارات كره فاشعر بالارتياح ..يخبرنى سليمان كيف كان يسير وسطهم ينقل نكاتهم البذيئة عنه انه ابنة المراة التى اماتت امى حسرا ..رضعت كره اخوتى مثلما حملت لبن امى..كنت الاصغر بين الصبيه حتى صرت الصبى الوحيد ..قالوا لى انها الشجرة من فعلتها اخذت ارواحهم الواحد تلو الاخر..لم ارد سوى سليمان صرت وهو واحد...
عندما استيقظت على رحيله ذلك اليوم اعتقدت انه كاذب سوف يعود لم يعد للرحيل تربى فى بيتى هو لى وليس لارض غريب
يقولون اننا من بعيد بعضنا كان يرحل والاخر استقر فى ارض الصحراء الواسعة بعيدا،لم نعرف منهم احدا.هل يطوف سليمان تلك الارض الشاسعة الان؟.
رحل الذكور اخوتى ولم يتبقى سواى تمنيت لو لم ترحل امى.يوم رحل ابى قالوا سقط وسط حقوله ظل جسده فى الارض ينظر الجميع الى وجه.
رحل الذكر تلو الاخر كانت الكوليرا تحصد الارواح تعجبت لانها لم تحصد روحى معها برغم ان روحى لم تتعلق بالحقل بل احبت الترحال مثل سليمان .
غرست وسط الارض ورايت الطين يحصد الفلاحين الواحد تلو الاخر وراقبت المحصول وهو يموت لكن المرض قد رحل .عادت نساء الدار للخروج من غرفهن وفتح ابواب الدار التى عادت لاستقبال الغرباء من جديد انتظرت ان يكون وسطهم سليمان لكنه لم يفعل ابدا قبل ان تاتى نعمى.
كان على رب البيت وسيد القرية ان يتزوج وتصير لديه ذرية حينها رايت نعمى فى منامى.. رايتها قبل ان اعرفها.. فى الصباح جاءت العجوز بالبشرة عروستى ستحضر م بعيد من بعيد لم ترى الموت والمرض يحصد اهل بيتها من هناك حيث الفرع الباى فى الارض منذ ان استقر الجد وغدر باخوته الباقين الراحلين الى كل مكان ..صار له بيت وارض مثلهم.
كانت بنت ثلاثة عشر عندما حملتها فى القطار وعدنا الى القرية التى استقبتنا بالزينة اقمتها لثلاث ليالى لم ارى اجمل من عيون نعمى ..احبتت جسدها النحيل ذو القوام وهو يكبر ويمتلىء انتظرته هى اخبرتنى ان عليه الانتظار ففعلت هناك فى غرفتها حملت لها عروستها راقبتها تحتضنها فى هدوء وتنام تركتها لتنام مع عروستها ورأيتها فى الصباح وهى تركض فى غرفتها وتتحدث لعروستها كانت تضحك عندما احضر لها ملابس جديدة لم تعد تختبا منى كما السابق جلسنا ولعبنا سويا حتى عرفت انها خرجت تبحث عن تلك الشجرة الملعونة هناك حيث راقبتها تدور من حولها تتحسسها وتلمس جذوعها تجلس الى جوارها محتضنة عروستها الصغيرة قبل ان اخذها منها..قبل ان تمنع من اللعب.
كانت تضحك اصبح بيننا فتيات .تخبرها النسوة الاخريات بالدار اننى ابحث عن صبى ربما لعنتى العجوز ورحلت لانى لم احب ان احضر صبى ..كنت فى السابق اراقب ابناء ابى يسيرون فى الحقول ويسقطون وسطها ..كنت الاصغر فلم يفكر فى احدهم ..راقبت الاكبر يراقب ابى يسقط وسط الحقل نظر مثل الجميع لكنه اخذ اجرته ورحل مثلهم ،لربما الصبى القادم يراقبنى اسقط اسقط ..ولكن انا لست ابى لافعل ..راقبت نعمى تنمو احببت ذلك راقبت همساتها لبصيرة فى المهد كانت تحتضنها كعروستها التى احرقتها لها من قبل.
كلما احضرنا المزيد كلما بعدت نعمى تنمو وتصير امراة اسمع همسات النسوة عنها اراها وهى تحلق شعر راسها وتلقى بالقصاصات فتجف الالبان عن نساء الدار .خيم الموت على الدار من جديد حتى ابتعد الفلاحين عنا قالوا انها ارض ملعونة كان عليه ان اوقفها ففعلت ..صارت نعمى تبكى وتسير الى شجرتها يوم ان هممت بقطع جذع الشجرة بفأسى رايت العجوز ليلا امام فراشى قالت ان فعلت ترحل مثل رحل ذكور البيت الواحد تلو الاخر .
صارت الفتاة تاتينى تلو الاخرى وهى تمتلىء تجاه الاخريات لم اخبرها ان كنت اريد صبى ..كان المحصول يقل وكان لعنة اصابت تلك الارض اخبرتهم انى سارحل لابيع محصولى فى كل سوق ارض ابى لن تموت ..كنت سارحل مثلما فعل سليمان اتمنى ان اجده ..بعد سنوات فى تلك الصحراء هو من وجدنى عندما كدت ان اموت واعادنى الى الحياة من جديد..اعتدت ان اخرج لبيع محصولى فى كل مدينة ..انظر واراقب عيون تشبه عيون نعمى فلم اجد حتى وجدت حسن وعدت بها..
تعلمت ان اراقب حسن بعينى حتى لا ادع عيون الاخريات ينظرن اليها ولكن عين نعمى لم امنع ..كنت اسمع لعناتها من سوة الفلاحين وانا اعبر وسط ارضى عندما ايقظوا تلك الليلة اللعينة وخرجت ترتعد اوصالى من البرد محاولا تجنب رجفتى امام الفلاحين ..كانت الرائحة من جذبت الديب فى الليل وكشفت الجلد والعظم صرخت حُسنحٌسن..
مضت الليالى الاولى على جنازة حسن قاتمة كنت انا فحسب من وقف ياخذ عزارها انا من احضرها صغيرة ودفنها صغيرة ايضا ..صمتت النسوة عن الصراخ هل يأتمر بامر نعمى ام بأمرى انا؟
تركونى اقوم بدفنها واقمت العزاء بعد ايام اخبرونى انها مطعونة فى احشائها الخالية فى بلدتنا لم نسمع هذا ممن قبل !قالوا كان هناك صغير بداخلها تمزق مع احشائها التى خرجت ..