لينا تعيدني طفلا



جميل السلحوت
2016 / 10 / 6

جميل السلحوت
لنّوش تعيدني طفلا
معروف أنّ في داخل كلّ انسان طفل، قد ينمو ويكبر، أو يخبو ويتلاشى حسب الظّروف التي يعيشها الانسان، أمّا أنا فقد أعادني أحفادي طفلا صغيرا مع أنّني في أواخر السّتّينات، كانت البداية مع كنان الذي ملأ قلبي فرحا وسعادة، وجاءت شقيقته بنان وابن خالته باسل، فملأوني حبّا حتى بتّ أتساءل أو أبحث عن تفسير منطقيّ لحبّ الأجداد لأحفادهم أكثر من حبّهم لأبنائهم، فهل للعمر دور في اكتمال دائرة عاطفة الأمومة والأبوّة عند الأجداد، فجاء مثلنا الشّعبيّ ليعبّر عن حكمة الآباء والأجداد عندما قال :"ما أغلى من الولد إلا ولد الولد" أم كما قال المثل الاغريقي مفسّرا حبّ الأجداد للأحفاد بقوله :" ابنك ولدته مرّة، وحفيدك ولدته مرّتين".
لكنّ حفيدتي لينا، التي تعيش على بعد أحد عشر ألف كيلومتر عنّي، ألهبت قلبي شوقا لها، فحملت جسدي الذي هدّته الأمراض، وأنهكه الهرم؛ لألتقيها. وهي ابنة أربعة عشر شهرا، صحيح أنّني حضرت ولادتها وعشت معها تسعة وسبعين يوما، لكنّها لم تكن كافية لتروي ظمأي العاطفيّ، صحيح أنّني كنت أراها بمعدل مرّة في الأسبوع بسبب التّكنولوجيا التي أبدع فيها "الكفّار" وبلدانهم، كانت تراني وأراها عن بعد، وألاحظ نموّها وهي تبتسم لي كأنّها تجاملني، لكنّها ما أن رأتني وجها لوجه حتّى ابتعدت عنّي وأخذت تراقبني من تحت لتحت، وما لبثت أن اعتادت عليّ، فصارت ترمي نفسها عليّ وسط بسمة ملائكيّة، أداعبها وأحاول أن أبعث الفرح بقلبها الطّفولي، إلى أن اكتشفت أنّها هي التي أعادتني طفلا، وصرت وإيّاها نلعب معا، ونحبو معا. فهل غربة "لنّوش" ووالديها هي التي أعادتني إلى طفولتي أم ماذا؟ في الواقع لم أعرف الجواب.
6-10-2016