ايام الكرمة23



مارينا سوريال
2016 / 11 / 10

من اين خرجوا هؤلاء العجائز ؟..يلتفون من حولها ...من اين اتى القضاه يحملونها لتلك الحفرة الواسعة على اطراف المدينة ...تركوا جثث قتلاهم تدفن واتوا من خلف الزانية التى انقذت زوجها من الموت .....
سقطت على وجهها وسطالرمال...من فوق شاهدتهم يلقون الاحجار....عاد الكرم ..عاد ينضج من جديد ..ضحكت وركضت فى الكرم الواسع ...ركضت اعين ابيها بعيده ولا احد يراها ..رفعت صوتها بالضحك بالضحك اكثر ..رقصت وسط اشجار الكرم المرتفعة وقطفت من اطيبها واكلت ...ستعاقبها امها لم تساعدها اليوم فى صنع الخبز والطعام ...ستعاقب ولكنها تبتسم ..اصوات الصرخات بعيدة ..تخرج منها ام منهم ..كلاهما يظفر ..ولكن بماذا ...لم تبالى ..ابتسمت لهم اكثر ..ابتسمت حتى اختفى الوجع ورحل معه كل ألم .......
افرج عن المدينة بعد حصار ،وقفت حنه من بعيد تشاهد المراة التى ترجم ،سمع صوت صراخ القضاة والعجائز ..تراجعت الى الخلف من وسط الزحام .ركضت حتى وصلت الى بيتها ..كان الخراب سكن المدينة فلم تجد ابيها او اخيها لقد قتلوا على يد الحرس عندما ذهبوا للشكوى ضد براءه قاتليهم ....لم تجد امها ..صرخت باسمها فلم تجب ..بكت ..هى ايضا رحلت ..خرجت حنه ..كانت بالامس ابن خامسة عشر ..كانت تتحضر لزفافها من ابن عمها ...لكنه خرج ايضا لاجل الثأر ولم يعد ...خرجت من بوابتها التى تركت على مصراعيها ... لم تعرف الاتجاهات فلم تخرج من مدينتها من قبل ...ارادت ان ترى الهيكل ..شعرت بالموت ...كانت ستذهب مع خطيبها الى اورشليم وسترى الهيكل ربما لاول واخر مرة فى حياتها وتقدم تقدمتها هناك ..حسدتها فتيات عائلتها فلم تخرج فتاة اوامراة بصحبة زوجها فى الطريق او تسافر معه ..لم يكترثاحدا ان ذهبت للهيكل وقدمت هناك او لا ....لكنها كانت قد نذرت اذا تزوجت بابن عمها وصلت ..واستجاب لها سيدها ...لاتدرى اى لعنه اصابتها حتى ينتهى كل شىء ...من فترة طويلة سمعت بما قيل عن قاضى مجمعهم المحلى بانه تنبأ بخراب اخر ...لم يسمعه احد..وطرد من المجمع قالوا انه جن ....قال ان الغضب عظم والخطايا كثرت ولم يعد هناك مجال للتراجع .....
كان الطريق طويل ...سقطت من التعب ...اقتربت منها اصوات قافلة قادمة من الطريق فى طريقها للمدينة ....رفعتها ايدى عن الارض وحملتها على جواد ..كانت تتوقف كل فترة وتعطيها قطرات الماء ....فتحت عينيها لمحت وجه ثم عادت لغفوتها ....كانت نصف واعية وهى تقف وسط السوق ..سمعت الصوت الذى يطعمها يتحدث لاخر ..حملتها ايدى الاخر ..لم تقوى على الرفض ..ارسلها الى الداخل حيث ايدى امراة ...تفحصتها جيدا ..كانت حنه تريد الصراخ بها ان تتوقف عن لمس جسدها ..لكنها لم تستطع ..سمعت صوت المراة تقول انها جيدة ..عذراء ..سمعت صوت الاخر :هكذا يرتفع ثمنها ؟....
كان عليها ان تحمل العلف وتطعم الحيوانات ..ثم تطحن القمح ..وتهتم للصغار ،كان سيدها صاحب حقل كرم كان يخرج فى العام مرة ليقوم ببيع المحصول ويعود بعد ان عاد الرخاء استطاع ان يحصل لزوجتة على عبدة ...لم تلاحظ حنه نظرات سيدتها لها ...كانت حنه سمراء طويلة ..مكتملة الحسن ...وكانت هى فى الثلاثينات من العمر وزوجها لم يتزوج من اخرى بعد ..وكل ما انجبتهم هم الفتيات ...لم تكن تملك ان تمنعه من الزواج ....بعد ان مات ابوها ..كان ابوها صاحب الكرم والتجاره وزوجها يعمل لديه ..ظل سنوات طويلة يعمل لديه حتى استطاع ان يقدم لابنته مهر زواجها ...احترم ابيها فلم يتزوج باخرى طوال حياته والان هاقد رحل ...تلك السمراء تغضبها تعمل فى البيت ولا تلاحظ عين سيدها التى تداعب خصرها ....لم تقدر على المجازفة بطردها ..ربما القى لها زوجها بورقة طلاقها ...يستطيع ان يقول انها خالفته فلاتحصل منه على مال ويطردها من البيت ..فى اين تذهب ..ليس لها اقرباء ماتوا منهم من مات فىا لمجاعة واخرون فى حصار الحاكم للمدينة .....تحملت حنه ايذاء سيدتها ..تحملته فى جلد وانتظرت ..انتظرت حتى يعود السيد ....وفى صباح يوم قدومه حملتها الى السوق ارادت ان تعيدها الى البائع وان تقبض على بعض الفضة ....كانت تعلم ان الفتاة حسناء وستباع بسعر غالى لكنها لم تتوقع ان يكون هناك زوجها بالسوق ...عادت الفتاة الى البيت ....كانت تعلم ان سيدتها تدمر لها السوء ..فى المساء تسللت كان سيدها ينام فى غرفة الماشية ينتظر الوليد الجديد ..يخاف ان تقتل البقرة رضيعها او تكره ....نامت عند اطراف قدميه .......
كانت حنه تشاهد سيدتها وتمتم "مش قادر يقوم قال كتفوه ".

وافق العابد على ان يزوجه شقيقتة ..فرح سمعان ...احس ان عاد اخر حر ..مات الغيور وولديه ومات معهما عازر وولد هنا سمعان ....تزوجها وعاش مع العابد بجوار المياه يصطادون السمك ...كان يفرد شباكه عندما لمح زوجى اعين تلاحقه ..تطلع فيهما وادار راسه بعيدا ،كان سيخا وتعرف عليه حامل الخنجر هذا اسخريوطى ..اقترب الاسخريوطى ...ياسيد هل تعطينى من سمكك ...استدار عابد للغريب .كم تدفع ..اخرج درهم والقاه له ..التقطه عابد واعطاه سمكه ..ابتسم الاسخريوطى هل تاوى غريب ياسيد ؟
جلسوا حول الطاولة لم يتكىء عازر حول الطاولة بل تناول طعامه مثل الغرباء ..راقبه الاسخريوطى بنصف عين وجلس هو ايضا مثل الغرباء وعندما انتهى الطعام طلب الغريب من لعازر ..سمعان ان يريه العليه فخرجا سويا الى السلم الخارجى حتى يتاكد ان ضيفه حصل على مبتغاه ..نظر الاسخريوطى الى سمعان ..غريب انت يا سيدى عن هنا؟اجاب سمعان بل انا من هنا واعيش وزوجتى منذ سنوات على صيد السمك ....يقولون ان الاسماك ضعفت عن تلك المنطقة ..تعلم ان الرومان استخدموا حصيلة السمك ويرسلونها الى رومية ...تجاهل سمعان كلماته وهم بالنزول ..فصرخ الغريب :قتل من الغيورين من قتل ولكنهم الان بحاجة اليك ..لا يمكن ان تاكل مع غريب وغرباء يدنسون المعبد ..اكمل سمعان طريق الهبوط فرفع الغريب صوته اكثر :لقد اقسمت امام السيد انك تطيعه ولا تخالفه ..وانك ستنفذ ارادته ما حييت تذكر اننا لا نملك اراده وهو من اختار لنا حياة القتال لاجله مسبقا .
تاخر حمل زوجة سمعان فانزعجت ..هو علم ان السيد منع بطنها ..كان يشعر بالخوف ماذا اذا عاقبه لانه يخالف ارادته ويتبع هواه الان ....تذكر القسم ..تذكر يهوذا عندما صرخ فى وجه سيدك اختار لك ذلك المصير انت لست عبدا لاحد ...انت عبده هو فقط ...منذ اليوم عليك القسم بطاعتة والا سيتوجب عليك الهلاك ..كان يهوذا يميل الى الصدقيون حيث الهلاك والموت فى العالم الاخر ...كان عليهم التخلص من الغرباء حتى الممات ..كانوا يعلمون ان فى العالم الاخر سيكون الهيكل مطهر من كل الغرباء وسينالون جزاء حفاظهم عليه ...خاف الجحيم ...ابتسم له يهوذا وربت على كتفه لا تخف انت ستطيع الاوامر ..فقط اطع واسمع وسيكون هو معك ....
تقلب سمعان فى فراشه ،لقد شعر بالامان هنا ..اراد ان يحيا بسلام بجوار البحر حتى الممات ...لا ..لا يمكن ان ماحدث صدفة ..لقد كان الاسخريوطى على وشك الموت والان يعود للظهور امامه من جديد ليجعله يعود عن ذلك الطريق...ربما كان مرسل له برسالة حتى يعود..ماذا اذا رفض ..سيموت يعلم ..اذا رفض سيموت ..استدار تطلع الى وجه زوجتة احبها ..يعلم ذلك ..نهض من فراشة اتجه نحو العلية ..كان يعلم ان عليه العودة ولا يمكنه الفرار من وجه السيد ..هكذا قال له الاسخريوطى .....
سلك درب العودة الى طريق الجبال حيث ينتظره اخوته ..اختفى الاسخريوطى فى الطريق ..لايعلم اين ذهب لكنه اكمل طريقة الى الجبال وكهوف الزيلوت ....