-السياسة البهلة- وفطوم الجبلية الزروالية



المريزق المصطفى
2016 / 11 / 28

"السياسة البهلة" وفطوم الجبلية الزروالية
المريزق المصطفى

اليوم بْغيتْ نتكلم لِيكُمْ عن "مٌي فطُومْ الجزولي" الجبلية الزروالية، عمرها كبيْر بْزافْ، 90 سنة وفاقدة للبصر. تنحدر من غفساي بإقليم تاونات، وازدادت بـ"كَديَة السٌبع" بجماعة سيدي يحيى بني زروال.
هادْ السيدة تعيش اليوم وضع مزري مأساوي جدا، يفضحُ بالملموس الطبيعة القهرية لنظامنا الاجتماعي الذي يتخلى عن أبنائه، وينزع عنهم حقوق المواطنة كما هو متعارف عليها عالميا، ويضرب عرض الحائط بالمساواة بين الناس، ويتنكر للقوانين التي تحكم المغاربة ورؤساءهم.
هادْ السيدة رَاجلْهَا هُوَ "الزمراني محمد"، الله يْرحمُو، كان جُندي من جنود القوات المسلحة الملكية، 22 سنة سَرْبِيسْ. كما له سنتين ونصف سَرْبِيسْ مع لْفرنْسِيسْ، وْتُوفي سنة 2007.
وأنا كنفكَرْ نتقاسَم معكم هادْ "الدُوصِي"، أستحضر بهذه المناسبة، التقرير الذي كان قد قدمه البروفيسور الفرنسي "بكينيو" Péquignot سنة 1978، ليوصي مؤسسات بلده (فرنسا) بالسياسات الاجتماعية والقطاعية في مجال محاربة الفقر والهشاشة والاستبعاد الاجتماعي. وفي سنة 1987، صادق المجلس الاقتصادي والاجتماعي لفرنسا على تقرير "الأب جوزيف فريزينسكي ( 1917/1988) تحت عنوان" الفقر المدقع والهشاشة الاقتصادية والاجتماعية".
وهادْ الصاحب ديالْ الفقراء هو مُؤسٌسْ منظمة "إغاثة لكل إستغاثة" في سنة 1957 ATD Quart du Monde
وصديق الفيلسوفة والشاعرة "الفرنسية جنيفياف كلانسي".
وْفهادْ الرّابُورْ، كيْقول "فريزينسكي" أن الفقر المدقع يُعتبر بمثابة انتهاك حقوق الإنسان ولا يمكن محاربة الفقر من دون إشراك الفقراء. ومن بعد المناقشة وْشدْلِي نَقطعْ لِيكْ، تم التصويت على "قانون 31 دجنبر 1988 "، اللٌي كَيْعْطِي الحق فْـ"الرّيمِي" لكل فقير ومحتاج. وْ"الريمي" بالعربية هو "الدخل الأدنى للإندماج" وبالفرنسية هو . « Revenu minimum d’insertion » كما تم التصويت على "قانون 31 ماي 1990" المتعلق بالحق في السكن.
إذن، بعد هادْ التذكير بالسياسة الفرنسية التي تحترم بشرها وسكانها، نَرْجَعْ لْقضية "مٌي فطُومْ الغفساوية" عندها واحد الكَارْطَة دياْل المَعَاشْ الرٌقم ديَالها 311122/122، كَتَعْطيها الحْقْ فْـ 176 درهم كل شهر. وْبْينْي وْبينكم، هذا ماشْي المُنكَر بْعَايْنُو !!.
وْقضية "مٌي فطوم" بحالها بزافْ فْبلادنا، غيرْ اللٌي مُثير للانتباه هو أنٌ هادْ السيدة مشاتْ للمحكمة وتنازلت على المعاش ديَالها وخاضت إضراب عن الطعام ديالْ 10 أيام، وراسلت السيد رئيس الحكومة، ووجهت نداء وطني ودولي لكل المغاربة، ولكل الأجناس والأديان ولازالت تواجه الصمت المطبق.
وهادْشِي حْشُومَة وعَارْ فْمغرب القرن 21، والحقيقة أن المسؤولين في بلادنا ما بْغاوشْ يْديرُوا القوانين باش ما يْعطِيوْشْ للفقراء ديال المغرب حقهم في الحياة والعيش الكريم. ولهذا ما يْمكنشْ اليوم للمواطن المغربي أن يحترم وطنه ويدافع عن مؤسساته في غياب ولوْ شوية ديالْ الحماية الاجتماعية.
راهْ السياسة الاجتماعية المتبعة ببلادنا، تذكرني بقصتي مع "غريبة البهلة"، التي وصلت إلى عالمنا الجبلي قادمة من فاس في سنوات السبعينات. وهي حلوة كانت تعجبني كثيرا، وكان يتم تحضيرها فقط بالطحين والزيت والسكر.
ومرت الأيام وسألت عن هذه الحلوة العجيبة، وكيف وصلت إلينا. وحينما رحلت إلى مدينة فاس لإتمام دراستي بثانوية مولاي سليمان، كانت علاقتي ببعض التلاميذ الفاسيين قوية، ومن بين الأسئلة التي طرحتها عليهم سؤال نشأة وتطور السيدة الحلوة "غريبة البهلة" المحترمة.
فكان الجواب كالتالي: هذه الحلوة كان يتم تحضيرها للخدم الذين يخدمون العائلات الكبرى التي كانت لها الحلوة ديالها بحالْ "كعب غزال" و"المحنْشة" و"البريواتْ" و"الملوزة"
و"غريبة الكَركَاعْ" و"الفقاسْ البلدي" و"الفقاسْ المسوس"... إلخ.
هكذا إذاً السياسة عندنا فْالبلاد كاتشبهْ "غريبة البهلة"، سياسة مخصصة لتعميق الفقر والهشاشة والاستبعاد الاجتماعي، وسياسة إغناء الغني في كل المجالات الحيوية. وهذه "الخرْدُولة" السياسية، هي التي تنتج لنا بؤس وجحيم "مٌي فطومة الزروالية" وغيرها.