تحرير المرأة التنوير أية علاقة؟.....7



محمد الحنفي
2017 / 1 / 16

الإهداء إلى:

ـ الأستاذة الفاضلة: خديجة كرومي.
ـ السيد مدير ثانوية السلام التأهيلية.
ـ تلميذات وتلاميذ ثانوية السلام التأهيلية.
ـ من أجل التمرس على تحرير المرأة.
ـ من أجل المساهمة في تنوير عقول الناشئة.
ـ من أجل تكريم الإنسان فينا وفي واقع متخلف.

محمد الحنفي

وفيما يخص العلاقة العضوية القائمة بين التنوير، والتحرير، فإننا نجد أن التنوير جزء لا يتجزأ من التحرير، وأن التحرير كذلك جزء لا يتجزأ من التنوير، وصولا إلى أن العلاقة بين التحرير، والتنوير، مطبوعة بالعضوية، التي تجعل انتشار التنوير تكون مصحوبة بتحرير الإنسان، بما في ذلك تحرير المرأة من كل القيود، التي تقف وراء تكريس دونيتها، في كل مجالات الحياة، كما تجعل انتشار التحرير مصحوبا بالتنوير، في امتداداته المختلفة.

وهذه العضوية القائمة بين التحرير، والتنوير، أو بين التنوير، والتحرير، تجعل المجتمع متنورا، ومتحررا في نفس الوقت، وتجعل المرأة المحررة، محطمة لكل القيود، متجاوزة لكل المعيقات، التي تحول دون تطورها، خاصة إذا تصدى لإشاعة التنوير، والتحرير في المجتمع، مثقفون عضويون، أفرزهم المجتمع، أو مثقفات عضويات، أفرزتهن النساء، اللواتي يعانين من العبودية، ومن الاستغلال المزدوج، ومن الدونية؛ لأن المثقف العضوي، أو المثقفة العضوية، لا ينتج، ولا تنتج إلا ثقافة التنوير، ولا يعمل، ولا تعمل إلا على تحرير المجتمع، مهما كان من كل العوائق التي تحول دون تقدمه.

فالتنوير، والتحرير، متلازمان، والتظليم، والاستعباد كنقيض للتنوير، والتحرير، متلازمان أيضا.

وإذا كان المجتمع المتنور متحررا، بالضرورة، فإن المرأة في المجتمع المتنور، متحررة أيضا، ونظرا للدور الذي يقوم به التنوير، في جعل المجتمع متحررا، ونظرا لإتاحته الفرصة أمام تحرير المرأة، ونظرا لأن المرأة، المتحررة بالمفهوم الصحيح للتحرر، تعبر عن انتمائها إلى مجتمع متحرر.

ونظرا لكون المجتمع المتحرر متنورا، بالضرورة، فإن التنوير، والتحرير، يصيران وجهين لعملة التقدم، والتطور؛ لأن أي تقدم، أو تطور، هو نتيجة للتحرير، والتنوير، أو للتنوير، والتحرير.
وإذا كانت العضوية قائمة بالضرورة بين التحرير، والتنوير، أو بين التنوير، والتحرير، فإن نفس العضوية قائمة بينهما، وبين التقدم، والتطور، في كل المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، باعتبارها مجالات يتجلى فيها التحرير، والتنوير، والتقدم، والتطور، مجتمعة؛ لأنه لا يمكن أن نجد مجتمعا متقدما، ومتطورا، في جميع المجالات، دون أن يكون متحررا، ومتنورا، أو العكس.

وفي إطار المجتمع المتقدم، والمتطور، وفي إطار نفس المجتمع المتحرر، والمتنور، نعطي مفهوما متقدما، ومتطورا، ومتجددا باستمرار، لمفهوم التربية، التي تحكم إعداد الأجيال الصاعدة، من البنات، والبنين، من أجل أن ينشأوا على التحرر، وعلى التنوير، وعلى التقدم، وعلى التطور، لجعل المجتمع متحركا باستمرار، في إطار اكتساب التحرير، والتنوير، حتى يبدع في مجال التقدم، والتطور، خاصة، وان تطور التربية، لا يمكن أن يتم إلا في إطار التحرر، والتنوير. وإلا، فإن إعداد الأجيال، سيتم على منهج العبودية، والتظليم، مما لا يعني، في العمق، إلا إعادة إنتاج التخلف، على جميع المستويات التربوية، في البيت، وفي المدرسة، وفي المجتمع المتخلف، الذي يعيد إنتاج نفسه.

والعلاقة العضوية القائمة بين التنوير، والثقافة، تصير منهجا للإعلام المغربي، في مستواه السمعي / البصري، والمقروء، والمسموع، والإليكتروني، خاصة وأن الإعلام المتنور / المتحرر، يساهم بشكل كبير في تحرير الإنسان، وتنويره، وتقدمه، وتطوره، ويفسح المجال أمام تعاطي جميع أفراد المجتمع، وجها آخر، نظرا للعضوية القائمة بين التحرير، والتنوير، على المستوى الإعلامي، الذي يعد المجتمع ككل، لمواجهة الظلامية، والتخلف، اللذين يحولان دون التنوير، والتحرير.

وفي العلاقة العضوية، إذن، بين التحرير، والتنوير، يجب ان يترجمها تحرير المرأة، وتحرير إعداد الأجيال الصاعدة، بصفة شمولية، وإعداد المجتمع عن طريق الإعلام المتحرر، والمتنور، مما يضمن استمرار تلك العلاقة العضوية بين التحرير، والتنوير، ضد الظلامية، والاستعباد، وإعادة إنتاج التخلف، في مختلف المجالات المعتمدة في المجتمع، حتى يسري التقدم، والتطور، في البنيات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

وانطلاقا من العلاقة الجدلية بين التحرير، والتنوير، أو بين التنوير، والتحرير، ومن العلاقة العضوية بينهما، فإن هذه العلاقة يمكن أن تتحول، في تفاعلها، وفي عضويتها، إلى علاقة تطابقية، خاصة، وأن العلاقة الجدلية، لا تنفي العلاقة العضوية، والعلاقة العضوية، لا تنفي العلاقة التفاعلية، والعلاقتان معا، لا تنفيان العلاقة التطابقية، مما يجعل التحرير مطابقا للتنوير، والتنوير مطابقا للتحرير، خاصة، وأننا عندما نتكلم عن مجتمع متحرر، لا يمكن أن نتكلم إلا عن مجتمع متنور، وعندما نتكلم عن المرأة المتحررة، بالمعنى الصحيح لتحرر المرأة، لا يمكن أن نتكلم إلا عن المرأة المتنورة، وعندما نتكلم عن المرأة المتنورة، لا يمكن ان نتكلم إلا عن المرأة المتحررة، لأن التطابق بين التحرير، والتنوير، أو بين التنوير، والتحرير، يعلن عن نفسه في الفكر، وفي الممارسة معا، كما يعلن عن تقدم المجتمع، وتطوره، خاصة، وأن التطابق يتجاوز التحرير، والتنوير، إلى التقدم، والتطور، على جميع المستويات.

وبعد أن وقفنا على العلاقة الجدلية، والعضوية، والتطابقية، بين التحرير، والتنوير، نكون، كذلك، قد وقفنا على مفهوم التحرير، ومفهوم التنوير. هذين المفهومين اللذين حاولنا التدقيق فيهما، من أجل توضيح الرؤى، والتصورات حول المفهومين المعنيين، من أجل تمكين القارئ من الإدراك الصحيح لهما، حتى ينخرط في العمل على إشاعة التنوير، وعلى تحرير المجتمع، من كل العوائق التي تحول دون التقدم، والتطور، وعلى تحرير المرأة من دونيتها، ومن أسر العادات، والتقاليد، والأعراف، ومن أسر العبودية، والدونية، ومن اسر أدلجة الدين الإسلامي، حتى تساهم، بشكل فعال، في تحرير المجتمع، وحتى تساهم في تقدمه، وتطوره.