تحرير المرأة التنوير أية علاقة؟.....10



محمد الحنفي
2017 / 1 / 21

الإهداء إلى:

ـ الأستاذة الفاضلة: خديجة كرومي.
ـ السيد مدير ثانوية السلام التأهيلية.
ـ تلميذات وتلاميذ ثانوية السلام التأهيلية.
ـ من أجل التمرس على تحرير المرأة.
ـ من أجل المساهمة في تنوير عقول الناشئة.
ـ من أجل تكريم الإنسان فينا وفي واقع متخلف.

محمد الحنفي

وتحرير الرجل، والمرأة، معا، رهينان بتحرير المجتمع، الذي يقتضي الانعتاق من أسر العبودية، ومن أسر أدلجة الدين الإسلامي، ومن أسر العادات، والتقاليد، والأعراف:

1 ـ فأسر العبودية، يجعل جميع أفراد المجتمع، خاضعين لإرادة الأسياد، الذين يوظفون النساء، والرجال، على السواء، لخدمة مصالحهم، ولا يستطيع أي فرد الخروج عن إرادة الأسياد، وإلا، فإن جميع أفراد المجتمع، سيعانون من ويلات الأسياد، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل التنكيل بالمستعبدين، الذين من واجبهم التخلص من عبوديتهم، بكافة الوسائل، من أجل العمل على إزالة الأسباب، التي تقف وراء تكريس العبودية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تتحطم كل القيود، التي تحول دون تحرير المجتمع، الذي يعتبر شرطا للتمتع بكافة الحقوق الإنسانية، ولتحقيق الديمقراطية، بمضامينها المختلفة، ولتحقيق العدالة الاجتماعية، ولتمكين كل فرد، رجلا كان، أو امرأة، من كرامته الإنسانية، ليصير المجتمع، بذلك، متحررا، حتى يضمن تحرير المرأة، والرجل، تبعا لتحرير المجتمع، الذي صار يدوس عبوديته، ويتخلص من مستعبديه.

وأسر أدلجة الدين الإسلامي، الذي يعاني منه المجتمع، ناجم عن قيام مؤدلجي الدين الإسلامي، بتوظيف الدين الإسلامي أيديولوجيا، وسياسيا، بالقيام بتأويلات النصوص الدينية، وتحميلها معاني، لا علاقة لها بها، على أساس أن المؤدلجين، هم وحدهم الذين يستطيعون إدراك كنه الدين الإسلامي، وهم الذين يبلغون ما يؤولونه إلى كافة المومنين بالدين الإسلامي، باعتبارهم أوصياء عليه، وباعتبارهم نوابا عن الله في الأرض، يحكمون باسمه، ويعتبرون ما يقومون به في حق المسلمين، تطبيقا للشريعة الإسلامية. ومعلوم أن التحرر من أدلجة الدين الإسلامي، يعتبر مسألة صعبة، خاصة وأن المستهدفين بها، لا يميزون بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، لا من الدين الإسلامي؛ لأن التمييز بينهما شرط، في العمل من أجل التحرير من أدلجة الدين الإسلامي، لا من الدين الإسلامي، الذي يعتبر معتقدا، كباقي المعتقدات، والإيمان به شأن فردي، ولا نستطيع منع الأفراد من الإيمان به، الذي يعتبر حقا من الحقوق الإنسانية، ولكن أدلجته تحوله إلى شأن عام، والشأن العام، هو المشترك بين الناس جميعا، بما يختارونه، أو يفرض عليهم، ولكن المومنين بالدين الإسلامي، لا يمكن أن يختاروا أدلجة دينهم. وتحريفه، لتحقيق أغراض اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية. وهو ما يتنافى مع روح الدين الإسلامي، وروح ما ورد في القرءان: {وأمرهم شورى بينهم}، أي أن الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لا علاقة لها بالدين الإسلامي، بقدر ما لها علاقة بما هو مشترك ين جميع أفراد المجتمع، الذين ينشئون هيئآت معينة، لتدبير شؤونهم المشتركة، بعيدا عن الدين الإسلامي، الذي يمدنا، من خلال تمعننا في النصوص الدينية، بالقيم النبيلة.

فالتفريق بين الدين الإسلامي، المنزه عن الأدلجة، وعن الاستغلال الأيديولوجي، والسياسي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، أصبح شرطا للإيمان بالدين الإسلامي، وإلا، فإنه بسبب التضليل الأيديولوجي، والسياسي، يصبح المسلم مومنا بشيء اسمه الدين الإسلامي، وهو ليس بالدين الإسلامي، وإلان فإن من يدعي أنه يومن بالدين الإسلامي، لا يمكن اعتباره كذلك، وهو ما يعني ضرورة الوعي بخطورة أدلجة الدين الإسلامي، على سلامة الإيمان بالدين الإسلامي، والعمل على مواجهة المؤدلجين، الذين يعبثون بالدين الإسلامي، لخدمة مصالحهم، في أفق الوصول إلى الحكم، والشروع في تطبيق ما يسمونه ب {الشريعة الإسلامية}، سعيا إلى التخلص منهم، وبصفة نهائية، لجعل واقع المسلمين، بعيدا عن أدلجة الدين الإسلامي، وجعل الإيمان بالدين الإسلامي خالصا، حتى يصير ما لله لله، وما للبشر للبشر.

وأسر العادات، والتقاليد، والأعراف، يعني الوقوع تحت طائلتها، والتقيد بما تقتضيه، لتجنب لفت انتباه أفراد المجتمع الشديد، والانتباه بما يقوم به كل فرد في إطار ما تعودوا عليه، وما يعيدون إنتاجه، من تقاليد، وما تعارفوا على فعله في الواقع؛ لأنه، إذا كان هناك شيء يميز العادات، والتقاليد، والأعراف، هو أنها:

أولا: تعيد إنتاج نفس القيم الضاربة في القدم، لإعادة إنتاج نفس الممارسات، التي يكرسها الناس باستمرار، سواء كانت صالحة، أو غير صالحة، مما يجعل قيم المجتمع، تقوم بدور كبير، في عملية الجمود الفكري، والعقائدي، وانعدام، أو بطء تحول الواقع، الذي يعيشه الناس، وجعل عملية التطور، والتقدم، غير واردة، أبدا، وإذا حصلت، فبفعل الضرورة التي لا مفر منها، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه.

ثانيا: هو أنها تقف وراء تخلف الواقع، وتقف سدا منيعا ضد أي شكل من أشكال التقدم، والتطور، مما يحولها إلى عقبة كأداء، أمام التحولات الممكنة، المعبرة عن فعل التقدم، والتطور، الذي تقتضيه الحياة، وخاصة إذا كانت مشبعة، بما يمكن تسميته: بالإسلام الشعبي.

ثالثا: اعتماد مؤدلجي الدين الإسلامي، على العادات، والتقاليد، والأعراف، في جعل أدلجة الدين الإسلامي، تنفذ إلى عمق الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، باعتبارها هي المتمسكة بالعادات، والتقاليد، والأعراف، التي تتحول، بفعل أدلجة الدين الإسلامي، إلى قوة تضاعف التمسك بها، وإعادة إنتاجها، وبطريقة أكثر تخلفا، لتصير خير وسيلة لتضليل الكادحين، بأدلجة الدين الإسلامي، الذي يجعلهم قابلين بكل شيء، مهما كان متخلفا، في سبيل نشر {الدين الإسلامي}، الذي ليس إلا أدلجة الدين الإسلامي، التي تنتشر في المجتمع، انتشار السرطان في الجسد.

وهكذا، يتبين أن أسر العبودية، وأسر أدلجة الدين الإسلامي، واسر العادات، والتقاليد، والأعراف، ما هي إلا سدود، تحول دون تحرير المجتمع، بما فيه الرجل، والمرأة. وهو ما يعني ضرورة توظيف كافة الإمكانيات، للتخلص من العبودية، ومن أدلجة الدين الإسلامي، في أفق إحداث تحول عميق في العادات، والتقاليد، والأعراف، حتى يتم فسح المجال أمام تحرير المجتمع، وتحرير المرأة، وتحرير الرجل، من أجل جعل التحرير شموليا، لضمان صيرورته أبديا، ومتجددا، تبعا للتجدد الذي يعرفه الواقع، في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.