الاعتداء الجنسي المقنّع على الأطفال، والنّساء



نادية خلوف
2017 / 2 / 4

التحرش الجنسي ،و الاعتداء على الأطفال هو قضيّة عالمية، هناك إحصائيات عالمية مخيفة حول هذا الموضوع. يناقشه الغرب بمنتهى الجديّة، ومع ذلك يقولون أنّ الخوف، والشعور بالعار يدفع الكثيرين إلى الصّمت ، لا نسمع كثيراً عن هذا الموضوع في الدّول العربيّة عامة، وفي سوريّة بشكل خاص . هل لا يوجد هذا الأمر في بلادنا بنسبة تستحق الحديث عنها؟
بالطبع لا. فالطفلات السّوريات مرغوبات، يبحث عنهن أصحاب المال من كبار السّن، ولم نعد نستغرب زواج فتاة سورية في العاشرة كزوجة رابعة، وليس هذا موضوع حديثنا. نتحدّث عن الاعتداء على الأطفال كما صنّفه الغرب، بأنّه قد يحدث داخل الأسرة، من قبل أحد الوالدين، الأخ أو الأقارب. أوعن طريق صديق، جار، شخص يرعى الأطفال، أو غريب، بشكل عام يكون المعتدي محلّ ثقة من قبل الطفل ، وجميع أفراد العائلة، فآخر ما تفكّر به الأمّ مثلاً أن يعتدي الزوج على ابنته أو ابنه، وهي تشّك أحياناً لكنّها تكذّب نفسها، وتمنح الثقة من جديد، ولا تتجرأ على المواجهة، وقد واجهتُ قضيّة واحدة طوال عملي في مهنة المحاماة حيث ادعت أمّ على زوجها بأنه اعتدى على ابنته، لكنّها كسبت نظرة المجتمع السيئة، ولم تستطع الإثبات . أصبحت هي وابنتها شبه مجنونتان، بينما وجد الأب من ترحب بالزواج منه، وهو ينعم بحياته.
يجب فتح هذا الموضوع للنّقاش ،نسبة الاعتداء ، أو ما يدعى زنا المحارم ليست قليلة، ولو أنها تبقى طيّ الكتمان، وحتى لو تحدّثت الفتاة أو الفتى لوالدته فإنّها لن تستطيع فعل الكثير، لأنّه لا قيمة للمحاكم. يجب أن يجد ذلك الطّفل من يهدئ خوفه من الحياة، ولا يجد، ومن إحدى الحوادث أن فتاة مراهقة شكت لوالدتها عن محاولة اعتداء أخيها عليّها فكذّبتها. لا ترغب أن تصدّق أن ابنها الذّكر المدلل يقوم بأعمال سيئة ، وبذلك يصبح محاصراً بين الولاء للشخص المعتدي، وشعوره بتدني قيمته. أشياء مبهمة تداهم حياته كالكوابيس، ويخشى الطّفل البوح كي لا يفقد الحبّ ، يصبح ضحية الاعتداء الجنسي لفترات طويلة تتطور إلى عدم الشّعور بالأمان، وعدم الشعور بالقيمة الإنسانيّة .
الأطفال الذين تعرضوا لسوء المعاملة جنسيا يجدون صعوبة في التواصل مع الآخرين إلا بطريقة جنسية ، ويتحولون إلى معتدين ربما عندما يبلغون سن الرشد، وليس الأمر بالضرورة.
المجتمع في بلادنا العربية بشكل عام يضع الإنسان تحت مرآته ، وربما يستطيع أن يقيّم شخصاً كمعتدي جنسي على الأطفال الذكور من عائلة الطفل نفسه. قد يكون ابن عمه، أو أحد أصدقاء العائلة، ويرصدون تحرّكات الأشخاص ، لكن هي مجرد ثرثرة لا يصلون فيها إلى نتيجة حتى لو كانت صحيحة، ولو وصلت إلى المحكمة لن يكون سوى الفضيحة ، ويستمر الاعتداء. بالنسبة للأطفال من الإناث، فإنّ الوضع أكثر تعقيداً، ومع عدم توفّر إحصائية عن الموضوع، لكنّه يجري في الرّيف، والمدينة، ولا يكاد يوم يمرّ إلا وتسمع قصّة من السّكان المحليين، فتلك الفتاة اغتصبها ابن عمّها، وأخرى تحرّش بها صهرها، وثالثة دلّلها صديق العائلة، وأخرى يفضّلها زوج أمّها، وتتجاهل الأمّ الإنذار، بينما يصبح الأطفال في ولاء كامل للمجرم، أخافهم من البوح. النّسبة كبيرة دون وجود إحصاء.
هؤلاء الأطفال تصيبهم كوابيس خلال نومهم، ولا يجدون حتى في المنام من يخفف خوفهم ، وقد ينسحبون من العائلة، أو الأصدقاء، ويختارون العزلة، إضافة إلى أنّهم يقرفون من أجسادهم ، ومن جميع الأشياء ذات الطّابع الجنسي.
يعتقد الطّفل عادة أنّه هو المذنب، وبخاصة أنّه لا يوجد من يطمئنه أنّ الموضوع لا يتعلّق به، وإنما يتعلّق بالمجرم الذي هو ضحيّته. وحتى المرأة التي اغتصبت تعتقد أنّها هي المسؤولة عن الأمر، ونادراً ما تبوح. الزوجات يتمّ اغتصابهنّ بنسبة كبيرة تحت مسمّى الواجب الشّرعي، ولا تدرك المرأة أنّ ما يجري هو اغتصاب، لكنه تشعر بالانتهاك، ويصبح هاجس العمليّة الجنسية رهاباً لا يفارقها، وقد تستفرغ بعد العمليّة الجنسيّة لأنّ الطاقة السلبية التي شاركتها كبيرة.
البيوت أسرار، والكثير من البيوت منتهكة، حتى عندما يعامل الزّوج زوجته بالشّتائم الجنسية يعد اعتداء جنسياً عليها، وعلى أطفالها الذين يسمعون. إذا كان الأمر كذلك، والشتيمة الجنسية تعتبر تحرّشاً. كم من المتحرّشين بيننا. لو أردت أن تعرف. ادخل إلى الفيس بوك، وانظر إلى الرّجال الذين يعبّرون عن غضبهم من الآخر بالشتيمة بالأمّ، والأخت.
الاعتداء الجنسي على النساء، والأطفال مقنّع، لآنّنا لا نسمع عنه في المحاكم، ولا في الرّوايات. بل إنّ بعض الشّعراء الذين صُنّفوا بشعراء الحبّ، يصفون أنفسهم وهم يمارسون الجنس مع الصّغيرات، ويتمتّعون بصور من خيالهم حول مراهقات تتلامس صدورهن.، قد يكون وهماً، ولكن ليس وهماً أن لا يكون في شعرك سوى الأفخاذ، والحلمات، ومع أنّنا مع الحريّة الشخصيّة ، فصحيفة بلاي بوي سابقاً . كانت تقدّم الجنس على سبيل المثال ، لكن دون تسميته بأسماء جميلة، وهي نتدرج ضمن الحريّة الجنسية، وليس ضمن الاعتداء على الأطفال، فمن المفروض أن تكون للراشدين فقط. ولو سألت المشرفين عليها، لقالوا أنهم ضد الاعتداء الجنسي على الأطفال باللفظ، أو بالفعل.