المرأة السّورية بين القانون، والعرف



نادية خلوف
2017 / 2 / 5

بحث حول وضع المرأة في المجتمع السّوري
المقدّمة
في هذا البحث نسلّط الضّوء على وضع المرأة السّورية القانوني قبل الثّورة، كي نستطيع أن نستوعب المرحلة السّابقة، ونؤسس للمرحلة المقبلة.
أكّدت المادة السّابعة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 أن الناس جميعا متساوون أمام القانون، وهم متساوون في حق التمتع بحماية القانون أيضاً دونما تمييز. وقّعت الكثير من الدّول على الإعلان ، لكنّ التوقيع لا يغيّر الحقائق، وبنود الإعلان لم تطبّق في كثير من البلدان، وفي سوريّة أيضاً.
تتغيّر الحقوق عبر الثّقافات، وعبر الزّمن، ويستمرّ الحديث عن المساواة، والعدالة اللتان ترتبطان ارتباطاً وثيقاً ببعضها البعض. يبحث الإنسان السّوري عن حقّه في الحياة الكريمة بينما يتعرّض يومياً لاستباحة دمه، ورغم أنّ ضحايا العنف من الرّجال هم الأكثر عدداً ، لكنّ الضحايا من النّساء أيضاً كبير جداً. سوف نتحدّث عن حقوق المرأة خارج أوقات الحرب، لأنّ الحرب سلبتها إنسانيتها، ولم تعد تهتمّ إلا لسلامة عائلتها. ساوت الحرب بين الرّجال، والنّساء في الموت، والدمار، والحزن.
تبحث المرأة عن المساواة ، تلك المساواة التي تشمل في بعض الأحيان حماية النّساء باعتبارهنّ أكثر عرضة لسوء المعاملة ، على سبيل المثال: الاغتصاب، والعنف الأسري، والاستبداد العائلي.
يوجد مثل صيني يقول: " يرفعن نصف السّماء"، ولا بدّ من "تمكينها" من ذلك حتى تستطيع أن تقدّم قدراتها في خدمة المجتمع ، فحقوق المرأة هي المؤشر الأهم لفهم معنى التّقدّم ،ومعنى الرّفاه. كلّما تقدّم المجتمع من النّاحية الاقتصادية، والتعليميّة كلما اقتربت المرأة إلى المساواة الحقيقية.
الطّفولة الأولى لها تأثير كبير في فهم الحقوق، وفي النّجاح في المستقبل ، كما أنّها تؤثّر في فهم عمليّة التّعلّم، والشّعور بالفروق الاجتماعية. ثلاثة أطفال من أصل خمسة في سورية يعانون من سوء التغذية وفق إحصائية قامت بها مجموعة من النّساء على ألف عائلة في عام 2004في محافظة الحسكة، يوجد مجاعة في بعض المناطق اليوم ، وهذا يعني أنّ المرأة سوف تكون بعيدة عن المساواة، لآنّه كلّما اشتدّ الفقر زاد الظّلم عليها.
من بين الأمور التي تؤثّر على موضوع الحقوق أيضاً. الإعلام، والإعلان التّجاري الذي يعزّز صورة المرأة السلبية، فالإعلان هو مؤسسة ثقافية تعكس نماذج الحياة المختلفة من أجل الحفاظ على الهيمنة الثّقافية حيث توفر مجالاً اجتماعياً ، ورؤيا تجعل الشّعور بالهيمنة يتمّ من خلالها.
الزّواج
تعتقد المرأة أنّها سوف تجد سعادتها في الزواج، وتتخلّص من قمع العائلة لها، كما أنّها لا تستطيع تلبية حاجاتها دون زواج، وربما أكبر حافز لها على الزّواج بعد الرّغبة هو الخوف من العنوسة، فإنّ الكثير من النساء تقبل بأوّل من يتقدّم لهن من أجل كسر حاجز العنوسة، ومع أنّ كلمة العنوسة في حدّ ذاتها تعني التّمييز في الجنس كونها تخصّ المرأة إلى حد كبير. يبقى الزّواج هو جواز سفر المرأة في المجتمع العربي بشكل عام ، وفي المجتمع السّوري أيضاً.
ارتفع متوسّط سن الزّواج في سورية إلى سنّ الثلاثين للفتاة، والخامسة والثلاثين للشاب بسبب الظروف الاقتصادية، وبخاصة ظروف الشّباب حيث أنّ البطالة جعلت سنّ المراهقة يرتفع أيضاً، فلا ينضج الإنسان دون شعوره بالاستقلال، بعض الشّباب تجاوز الأربعين ولم يجد عملاً، وهذا ما يجعل قسم منهم يعزف عن الزّواج إن لم يجد فتاة موظّفة تحقق الأمن الاقتصادي في الأسرة. زواج قائم على مصلحة متبادلة أساسها المال.
ما قبل الزّواج ليس مثل ما بعده، فبينما تسعى المرأة إلى الأمومة، وألى إنشاء أسرة مستقرة . يعيش الرّجل حياته بطريقة مختلفة، فهناك شيء اسمه وراثة اجتماعية لا تقيّد الرّجل بمسؤوليات سوى المسؤولية الماليّة التي انخفضت إلى حدّها الأدنى اليوم ، والعامل الاقتصادي هو من أهم أسباب الطّلاق .
ما نريد التوقف عنده ، مظاهر التمييز بين الرّجل والمرأة في بعض هذه القوانين والتشريعات، التي تؤثّر في حقوق النّساء. متزوجات، أو عازبات.
تنتقص النصوص القانونية من حقوق المرأة ، وحريّتها، وهي لا تتطابق مع ما نصّ عليه الدّستور الذي صدر في عام 1973 حيث نصّت المادة 25 الفقرة 3 : "المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات" وفي نفس الوقت كفلت المادة 45 للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة ، لكن هذا حبر على ورق ، فقانون العقوبات وفي نصّ صريح في المادة 584 منه منح العذر المخفف لمن يقتل زوجته أو أحد أصوله أو فروعه ،أو أخته في جرم الزنا، أو ما يطلق عليها جريمة الشّرف، وقد استعرضنا هذا التناقض بين الدّستور، والقانون كي نقول أنّ موضوع الزّواج قد لا يكون هو الحل، ويمكن للزوج أن يتّهم زوجته بالزنا دون دليل، وسوف يكون المجتمع نساء ورجالاً في صفّه، ولا زال موضوع قتل الفتاة السورية الكردية مؤخراً في ألمانيا حاضراً في أذهاننا. قتلت كي يمحوا العار لأنّها اغتُصبت رغماً عنها، وكانت والدتها وراء جريمة القتل، وقتل الشّاب السوري لزوجته وأولاده وتقطيعهم، ووضعهم في ثلاجة في الدانمارك. هذه القصص حديثة ، وموثّقة في المحاكم والصحف بالأسماء.

حقوق المرأة في القانون
نخصّ بالذّكر اتفاقيّة "سيداو" التي تبنّتها الجمعيّة العامة للأمم المتحدة في 18 -12-1979، والتي تنصّ في المادة 16 منها على أن:" تتخذ الدول الأطراف في الاتفاقية جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كل الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية "
صادقت سوريا على هذه الاتفاقية بعد فترة طويلة من التردد والامتناع ، لكنّها تحفظت على بعض المواد في هذه الاتفاقية مما جعل تطبيق الاتفاقية غير ممكن .
لو عدنا إلى اجتهادات محكمة النّقض السّورية، وهي مصدر قانوني يعمل به في القضاء .نجد أنها تحمي المجرمين الذين يعتدون على المرأة حيث تقول القاعدة" 1308 " الدافع الشّريف يستفيد منه المتدخل في الجريمة إذا كان قريباً ، أو من جهة العصبات، والأصهار حتى لو لم يكونوا من المحارم" وأكدت القاعدة 541 أن: "غسل العار لا يتمّ إلا بقتل المرأة " :
يمكننا القول: النّساء ليس لهن حقوق، والقتل في انتظارهنّ حتى لو ملن عن خيالهن ، لكن دعونا نرى موقف قانون الأحوال الشخصية من بعض حقوق المرأة .
ما يحكم قانون الطّلاق، والزواج هو قانون الأحوال الشّخصية السوري، ومصدره هو الشّريعة الإسلامية وفق المذهب الحنفي . الطلاق في هذه الحالة هو من حقّ الرّجل حصراً . حيث يستطيع أن يطلّق زوجته خلال ساعة على أن يدفع مهرها المؤجّل. سوف نتحدّث عن مصدر القانون الذي هو الشرع الإسلامي ، و نبدأ بسؤال :
هل تتساوى المرأة مع الرجل في الإسلام؟
- الرجل يتفوق على المرأة حسب الشّريعة .
"ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" من سورة البقرة .
المرأة تنقص عن الرجل في مجالين على الأقل.
أولا: في الإرث: فنصيب المرأة هو نصف نصيب الرجل.
"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" سورة النّساء .

ثانيا: في الشهادة: شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد.
-الزوجة وفق الشّريعة الإسلاميّة هي متاع.
"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب".
سورة آل عمران
-سلطة الرّجل على المرأة وفق الشّرع:
من حق الزوج أن يعاقب زوجته. ومن أنواع العقاب المسموح به هو ضرب الزوجة والامتناع عن المعاشرة الجنسية معها.
"والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً" .سورة النساء
- يعتبر الإسلام الزوجة أداة للمتعة الجنسية بالنسبة للرجل.
"نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أني شئتم" .سورة البقرة
- يحق للزوج أن يطلق زوجته بمجرد الإعلان الشفوي. وليس للزوجة نفس هذا الحق.
"عسى ربه أن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن"
الجميع يعرف أيضاً أنّ الشّريعة تسمح للرّجل بالزواج بأربع نساء، أي بالجمع بينهنّ، لكن إن أراد الزّواج بخامسة، فما عليه سوى أن يطلّق واحدة من زوجاته، وتستمرّ اللعبة مدى الحياة لو استطاع تأمين المهر، فما أكثر النساء المقهورات في سورية، واللواتي يطلبن الزّواج من أجل الطعام والشّراب، والإنجاب، وشاهدي على ذلك أولئك الفتيات اللواتي تزوّجن كزوجة ثالثة أو رابعة من خليجي يقدّمن له أكثر مما تقدّم الزّوجات الأخريات، وكلّ هذا كان قبل الحرب، أما اليوم فهناك سماسرة في مخيمات اللاجئين، ويتمّ زواج الطفلات بمقابل مادي، أوهناك ما يدعى زواج السترة.
حقوق المرأة في العرف
للعرف قوّة القانون، وربما أكثر منه في قضايا حقوق المرأة، وبغضّ النّظر عمّا يقال، فإنّ حقّ الوراثة المكرّس شرعاً بنصف حق الذّكر هو كيفي في العرف، قلّة من العائلات تعطي الفتاة إرثاً عن والدها ، لأنّ والدتها في غالب الحالات لا تملك المال فهي أنثى مثلها، وأغلبية المجتمع السّوري لا يؤمن بوراثة المرأة حتى أولئك الذين يعتبرون أنفسهم مؤمنين يتحايلون على النّص الشرعي، وتنال المرأة أقل ما يمكن من حصتها في الوراثة ، والموضوع عند الأقليّات ، وفي الرّيف يتجاوز ذلك بكثير ، فقد تكون العادة بحرمان الفتاة من الإرث، ولو قاضتهم نتيجة سوء حالها المادي لسقطت بنظر المجتمع، وهي في أغلب الأحيان لا تقاضيهم، لأنّها سوف تكسب عداوتهم، والعار الاجتماعي، وفي النّهاية لن تستطيع تحصيل شيء إلا في حالات نادرة. مع عدم التّعميم طبعاً.
تخضع المرأة السّورية للعرف أكثر من القانون ، ورغم مساوئ قانون الأحوال الشّخصيّة فإنّه أرحم بالمرأة من العرف ،حيث جريمة الشّرف التي تبيح قتل الفتاة لأسباب غير معروفة يسمونها الشّرف، وقد أباحت اجتهادات محكمة النقض قتلها استناداً إلى العرف، أيضاً ويخرج مغتصب الفتاة المقتولة من السّجن بعد مدّة قصيرة، وتكون قد توسلت له أن يتزوجها ليوم واحد، ولم يقبل، ولو تزوّج المغتصب الفتاة تنتهي جريمته.
كلّ ما نتحدّث عنه عن العرف، أو القانون لا ينطبق على العائلات الغنيّة. القانون والعرف يطبّق على الفقراء. الذين يملكون السّلطة والمال . يكتبون الشّعر حول الحبّ، ويعطون لأنفسهم مساحات مختلفة فالقانون لا يطالهم ، والمجتمع يسامحهم.
إذا كان القانون قد سمح للزوج أن يتزوّج بأربعة نساء، فإنّ العرف يمنع المرأة من الدّفاع عن حقّها، أو حتّى طلب الطّلاق . من حقها أن ترفع دعوى تطليق وتنتظر قرار المحكمة ، وبشكل عام لا تفكر المرأة بالطّلاق من أجل الأطفال. أغلب العائلات تطلب من المرأة أن تترك أطفالها للزوج، ولا تطالب بحضانتهم لأنّه ليس لديها مصدر دخل ، وأحياناً تكون مرغمة على فعل ذلك. هل هناك أقسى من أن ترمي أمّ أولادها بحجّة أنّهم أولاده فقط ؟
الطّلاق، والتّطليق
تنتقل المرأة من بيت عائلتها وهي تحلم بالحبّ، وإنشاء أسرة، وأن تعوّض بعض معاناتها مع الأب والأخ، قد توجد بعض الحالات التي تحقق للنساء الحد الأدنى من الطّموح لو كان الوضع الاقتصادي لا بأس به، لكن، وفي أغلب الحالات تعيش المرأة في سجن انفرادي مفروض عليها بحكم الواقع. لا أحد يناقشها كيف سجنت. مسؤوليّة الأطفال، والاهتمام بأمور الأسرة تأخذ كلّ وقتها. الكثير من النساء لا يجدن فرصة عمل، ويكون مصيرهنّ الجلوس في الزّاوية المظلمة، ومحاربة طواحين الهواء.
الزوجة مخطئة في نظر الزّوج ، والمجتمع إلى أن يثبت العكس، والمجتمع يتعاطف مع ذلك الزّوج لأنّه رجل، وقد لا يكون رجلاً بالمعنى المتعارف عليه، قد لا يكون أباً يحنّ على أولاده، ولا زوجاً يناقش زوجته في حاجاتها. هو رجل" ذكر" والمجتمع الذّكوري لا يعني أنّ الرجال فقط هم الذين يفرضون ذكورته. الأفكار الذكورية تحميها النّساء، وتحملها معها من جيل إلى جيل. يحتاج الأمر إلى ثورة فكريّة ضد المفاهيم المعادية للنّساء.
يغادر الزّوج أحياناً القفص الزّوجي بعد أن يحاول وضع الملامة على الزّوجة ، ولو استطاع لحوّلها إلى مستشفى أمراض عقلية كي يثبت صحّة موقفه. تلك الزّوجة التي يتّهمها بالجنون، والفشل لا تعرف تفسيراً لما يجري. إلا بعد أن يعلن لها أنّه سوف يتخلى عن الأسرة مبتهجاً غير عابئ بأمر الأطفال الإنساني. تراجع حياتها السّابقة معه. تجد الأذى الذي تسبّبه لها، يكون قد سرق عمرها، وطموحها، وأحياناً مالها، وقد ذكرت بعض الصّحف أنّ نسبة الطلاق داخل سورية تبلغ حوالي ثلاثين بالمئة، وتبلغ في دول اللجوء خمسون في المئة. أغلب الطلاق الذي يتم داخل سورية هو من قبل الرّجل.
آثار الطلاق التي يولي لها الشّرع أهميّة هي العدّة، والحضانة، والنّفقة، وكما نعلم بأنّ الحضانة لها عمر محدد ، وبعدها تكون الولاية. الحضانة من حق الأم فأم الأمّ وفق الشّرع، والولاية من حق الأب، وأب الأب، لكن أمر المحكمة شيء، والواقع شيئاً آخر . فقد يقرّر أهل المرأة، وبخاصة إن لم تكن عاملة إعطاء الأطفال للزوج، وقد يستطيع الزّوج الحصول على قرار محكمة في أن تكون الحضانة له لو أثبت أنّ المرأة لا تصلح للحضانة، وهو أمر سهل إن كان يملك المال، والنفوذ، وكما نعرف فإن كل شيء جائز في سورية، وقد يتخلى الأب عن الأولاد بطريقة ما، ويلتفت لحياته الجديدة .
يدخل الطلاق تغييرا في حياة الأطفال حيث يفقدون الشّعور بالحبّ بعد تحطم الزّواج ، وتقول دراسة غربية أنّ الطلاق يهزّ الثقة بالاعتماد على الآباء، ويكون سؤال الأطفال لأنفسهم بعد فقدانهم الأمان: ما هو القادم الأسوأ ؟ هذا بالنّسبة للغرب، أما بالنّسبة للمجتمع السّوري حيث العنف الأسري سيد الموقف، فإن الأطفال يتوقعون أي شيء، ويدخلون هم في لبّ الصّراع أيضاً.
جنسية المرأة
تنصّ الفقرة 1 من المادة 3 من قانون الجنسية على أنّه يعتبر عربياً سورياً حكماً: " من ولد في القطر أو خارجه من والد عربي سوري".
النّص واضح لا يحتاج إلى تفسير. حتى تكون جنسيتك سوريّة يجب أن يكون والدك سوري، وليس أمّك.
الأمّ السّورية المتزوّجة من أجنبي سواء كانت خارج سوريّة، أو داخلها لا يحق لها إعطاء الجنسية لأولادها، فهم أجانب بنظر القانون، وربما يكون هذا الأجنبي سوري كردي مصنّفاً كأجنبي.
المرأة الأجنبية المتزوجة من سوري تستطيع الحصول على الجنسية السورية إذا أعلنت رغبتها بذلك، أما المرأة السورية المتزوجة من أجنبي فلا تستطيع منح الجنسية السورية لزوجها. تنص المادة 9 من القانون على أنّ: "المرأة الأجنبية التي تتزوج من شخص يتمتع بالجنسية السّورية تكسبها ضمن الشروط والأحكام المنصوص عليها في القانون. أما المرأة السّورية المتزوّجة من أجنبي فلا يستطيع زوجها الحصول على الجنسية السّورية

نعود إلى اتفاقية سيداو التي أكدت في الفقرة الثانية من المادة 9 على : " تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها" وقد صادقت سوريا على هذه الاتفاقية وتحفّظت على هذه الفقرة، كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكّد على أن:" جميع الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق وأن لكل فرد حق التمتع بكل الحقوق والحريات الواردة فيه دون أي تمييز بما في ذلك التمييز على أساس الجنس" وقد أقرَّته سوريا عام 1948 دون أن تطبّقه طبعاً، كما لم تطبّق مواد العهد الدولي الذي أكد في المادة الثالثة"
تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد " وتمت المصادقة عليه في عام 1977
الخاتمة
حقوق المرأة ليست منفصلة عن حقوق الرّجل، هو حق الإنسان في الحياة الكريمة بغض النظر عن كونه امرأة أو رجلاً، والحياة سواء كانت حياة زوجية، أو مدنية تحتاج إلى الذكورة، والأنوثة كي تتوازن، لكنّ الموروث العالمي الذي كان للرجل دور هام فيه سواء في الحرب، أو العمل جعل السّلطة بيده، ومن ثمّ تناقصت حقوق المرأة، لكن ثورات التّحرّر في الغرب قادتها نساء خرجن إلى الحياة الثقافيّة، وكانت الثورة الفرنسية هي التي جعلت أوروبا تقرّ بمبادئ الحرّية، والمساواة. كانت أولى محاولات التّحرر في فرنسا عندما نشرت الكاتبة الفرنسية أوليمب دو خوج في عام 1791 بعد عامين من الثورة الفرنسية مقال “حقوق المرأة” الذي أودى بحياتها فوق منصة المقصلة في عام 1793 بتهمة مناهضة الثورة.
وبالرغم من أننا نستطيع أن نرى أن أول محاولات التحرر كانت في فرنسا إلا أنّ الإنكليزيّة ماري وولستونيكريفين ألّفت كتاب ”الدفاع عن حقوق المرأة” في سنة 1792 و الذي أعتبر فيما بعد أصلا للحركة النسائية العالمية.
لا شكّ أن الثورة الفرنسيّة سهلت الطريق أمام الحركات النّسوية لأنّ هناك من دافعن عن حقوق المرأة حتى الموت، ومع هذا لم تحصل المرأة الفرنسية على حقّ التعليم حتى 1805

الحركات النّسائية في سورية لا تستوعب النّساء الطموحات ، الكثير من الشّابات اللواتي يحاولن التّغيير يصدمهنّ واقع الحركات النّسائية التي هي حركات تابعة للتيارات السّياسية، أغلبها يقوده رؤساء الأحزاب من الرّجال، وهي مؤمنة بالفرد حيث لا يجري تغيير على قيادتها، ولا تسمح للشّابات بالتّطور أو طرح الآراء من خلالها. ولا تملك حركة تنويرية بالمفهوم العلمي للحركة. لازالت المرأة الثورية ثائرة في داخلها، وخانعة في خارجها، فهي خائفة، مقيّدة بهذا الكمّ الهائل من التقاليد التي تعيق تقدّمها، لكنه ليس عذراً. يمكن تشكيل حركة لدعم المرأة من الجنسين. تضع قواعد عامة، ورؤيا للمستقبل، وتعمل على خطّ عام هدفه حماية الإنسان بشكل عام وحماية المرأة بشكل خاص، وجميع التّجارب تبدأ بفكرة.
بعد " الثورة السّورية" بعدّة سنوات. تراجعت الحقوق على جميع المستويات، وبعد التّهجير ، والقتل، والدّمار الهائل. بقي هاجس رغيف الخبز، والدّواء. لم يعد هناك حقوق بالمعنى السّليم للكلمة، لكنّ الأجيال القادمة سوف تغربل الأفكار، وسوف يأتي جيل مؤمن بحقوق الإنسان، ومنها حقوق المرأة، فالتغيير يأتي بين عشيّة وضحاها. يحتاج إلى إيمان بالفكرة، والمضي حتى تحقيقها من جيل إلى جيل.
المراجع
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948
الدستور السوري 1973
آيات قرآنية تتعلّق بموقف النّص القرآني من المرأة
اتفاقية سيداو 1979
اجتهادات محكمة النّقض السّورية
قانون الجنسية السّوري



.
.