الانثي تولد انسان ثم تصنع امرأه (سيمون دي بوفوار)



شيرين عادل
2017 / 2 / 8

نتيجه لتربيتنا علي ان نكون نساء قدامي ، حتي وان تحررن من نير العبوديه والخضوع ، لا يكون صراعنا القيود الخارجيه فقط التي تعرقل استقلاليتنا ولكن ايضا نصارع الميول الداخليه بنا الموروثه عن امهاتنا وجداتنا انه ليس بالهين ان نتغلب علي ذلك ؛ فالمجتمع لا يربي فينا انسان يتميز بذكاؤه او اي من خواصه النفسيه ولكن يقدر قيمتنا بمخزون الفضائل الجنسيه من براءه جنسيه وغيرها ، يعلي من قيمتنا كلما زهدنا بأجسادنا وتخفينا وراء قناع الطهاره الزائفه .
المرأه الجديده والمرأه القديمه ليسا سمه لعصر ما او فتره معينه من فترات التاريخ ، فكم من نساء يعشن في القرن الواحد والعشرين وما هم الا مسوخ لصورة المرأه القديمه التي تري في الرجل ليس فقط دعامتها الماديه ولكن ركيزتها المعنويه ايضا وكاسر وحدتها اي تتخذ منه درعا يواجه الحياه بدلا عنها ؛ نجدهن مخلوقات ضعيفات مخدوعاتت ونفوسا مسلوبه الاراده والاختيار وصناعه القرار ؛ وعلي النقيض المرأه المستقله تؤكد دائما علي شخصيتها وترفض العبوديه من الاسرة والمجتمع والدوله ، ولا تعترف بسلطه للرجل عليها ، وليست كالمرأه القديمه تبحث عن الحب فقط في الحياه ولكنها تري الهدف من الحب كما يراه الرجال مصدر للراحه والنور ، ولكنه ليس هدفها ولا غايتها الساميه .
تجد الكثيرات منا بسبب ترسبات الماضي يصححن انفسهن لا لانفسهن ولكن لتتوافق مع متطلبات الرجل الذي تحب وكأن شخصيتها تتحدد فقط من خلال موقف رجلها منها ، وتتغني امامه وامام المجتمع ليل نهار بالفضيله وتقلل من عالمها ونظرتها الي نفسها وتعزز فكره عدم الاكتراث بما تشعر به او تفكر فيه ؛ اما المرأه الجديده تخشي الاسر الغرامي والقيود التي تفرضها عليها علاقتها بالرجل ، فنجدها لا تقبل الا بعلاقه تجمع بين الروح الرفاقيه والاستقلال المتبادل ، ان يكونا رفقاء درب تربطهما العلاقه الروحيه لا يقيد اي منهما حريه الاخر ، نجدها امرأه لا تخشي ان تكون متطلبه ، تتطلب احترام شخصيتها ذاتها أناها ، مستعده ان تغفر له كل شئ وقد تصل ان تغفر له خيانتها ، لكنها لن تغفر له عدم اكتراثه بذاتها ، لا تغفر له التغيير الذي يمرض به معظم الرجال ، يعجب بانطلاقها وجرئتها واستقلاليتها وما ان يمتلك قلبها يسعي لاطفاء نارها المقدسه في البحث عن الحياه والحريه .
وإن المنظومه الاجتماعيه الاقتصاديه قد شوهت علاقه الرجل بالمرأه ، فالقواعد الاجتماعيه المحافظه حصرت العلاقه في الزواج الشرعي ونزعت الطهر عمن سواها ، والنظام الاقتصادي الذي طحن الفقراء بين رحيه اتي بالبغاء الينا وما كانت النتيجه الا ان شوه الحب الحر .
وإن الزواج الشرعي : القائم علي عدم الفسخ في معظم الديانات ولا سيما المسيحيه ، ايا منا تكوينها النفسي يتمتع بالقدر الهائل هذا من الثبات ليظل راضيا ؟
يعتمد الزواج الشرعي علي اثننين ليسوا فقط يجهلوا نفسيه كل منهما الاخر بل ايضا يجهلون الي اي مدي يكون التناغم الجسدي بينهما ؛ اي شر هذا ؟
تعتمد تلك المنظومه علي تملك كل من الزوجين للاخر مما يحول الحب الي نفور من القيود التي جلبتها تلك العلاقه ؛ اما البغاء كيف نعدد ما جلبه من شرور ؟ الام جسديه ونفسيه امراض وبائيه ولكن ليس هذا ما اناقشه الان ولكن لك ان تتخيل شكل القلوب التي تبيع المداعبات قسرا او تشتريها أمرا .
الامر سيظل ثابتا لا حل جذري له الا بعد استقلال المراه الاقتصادي وحمايه للأمومه والطفوله والغاء فكره الاطفال الشرعيين والغير شرعيين ، والاهم النضال ضد البغاء علي قاعده اقتصاديه والدفاع عن فكره الزواج المدني .

أما بالنسبة للحركات النسوية
لقد نجح بعضنا في التحرر من صفات المرأه القديمه ، ولكن هذا يعد انتصارا فرديا لن يفيد قضيه تحرر النساء ؛ لذا تظهر الحاجه الي الحركات النسويه التي تضم من هن تحررن من نفسيه المرأه القديمه ويؤمن ببعث المرأه الجديده ؛ ولكن عندما تتحدث النسويات من الطبقه البرجوازيه أو الطبقه المتوسطه الي النساء العاملات الكادحات من الطبقه الفقيره فانهن يرفضن الانضمام اليهن للدفاع عن حقوقهن .
ولكني أري هذا رد فعل طبيعي منهن وأوافقهن عليه ، فطالما لم يتحدثن هؤلاء النسويات عن الهيكل الاقتصادي للدوله وتبعاته علي توفير حاجاتهن الاساسيه التي لا تعي هؤلاء النسويات بؤس الحرمان منها .
السؤال هنا لماذا يتهم النسويات من الطبقه الرجوازيه ان نضالهن هذا من أجل امتيازات طبقيه ؟؟
فمهما ظهرت مطالبهن جذريه ، فانهن سيظلون موالوون لطبقتهن ولن يكون محل ثقه الطبقه الفقيره ؛ وأري ان هذا صحيح بعض الشئ فمفهوم المساواه مختلف بالنسبه لنساء الطبقه البرجوازيه ونساء الطبقه الفقيره العامله ، فاذا تحققت مساواه المرأه البرجوازيه مع رجل طبقتها فان هذا يعد انتصار لانه يفتح امامها الباب للمساواه الكامله معه انسانيا ، ولكن اذا تحققت تلك المساواه للمرأه الفقيره مع رجل طبقتها فانه لا يعني اي شئ سوي الحصول علي حصه مساويه في الظلم ، فلذلك يعد انتصار النسويات هذا علي رجال طبقتهن ليس سوي بناء علي انقاض لن يصمد طويلا ؛ اذن لا تلومن النساء الفقيرات علي عدم التحالف معكن طالما لم تطالبن انتن باعاده هيكله النظام الاقتصادي للدوله الذي ظلم كل منكن بشكل او بأخر ، فنساء الطبقه الفقيره لا يعين محتوي خطبكن الرنانه كل ما تعرفه هي انها كل يوم تصارع من اجل احتياجاتها الاساسيه (اطعام نفسها واطعام صغارها) .
لذا في البدايه لابد ان نعترف بان اي حركه نسويه لا تحارب الطبقيه كجزء من حربها لتحرر النساء لن تحقق سوي امتيازات طبقيه لا فائده منها ؛ لاننا لا ننادي بالتحرر لنساء طبقه معينه بل لجميع النساء ، وكيف سننادي بالتحرر لجمع النساء وهن منقسمات الي معسكرين كما هو عالم الرجال ، منقسمين اغنياء وفقراء ، طبقه برجوازيه وطبقه كادحه فقيره ، ولكل طبقه احتياجاتها ومتطلباتها وينعكس هذا علي رؤيه كل فريق من النساء ، فنجد النساء البرجوزيات تتخذ من الرجل عدوها اللدود الذي حاز علي كل الحقوق وترك لها كل الواجبات ، ويعدوا الحصول علي امتياز سابق كان منحصرا علي الذكور انتصارا كبيرا ؛ اما نساء الطبقه الفقيره لا يعتبرون الرجل عدوا ولا ظالما ولكنه شريكهم في العمل الشاق ويناضلون معه من اجل الحصول علي احتياجاتهم الاساسيه ، لذلك لا يوجد قضيه لا يقف الجميع منها علي ارض مشتركه للدفاع عنها .
إن الدعوة لتحرر المراه في ظل طبقيه المجتمع يعتبر شئ هزلي لن يحدث ، وهذا ما حدث في منتصف القرن التاسع عشر عندما حققت الرأسماليه ارباحها ومدت ايديها في كل مكان فلم يكن امام الطبقه الوسطي سوي العمل أو الفقر فبدأت النساء من هذه الطبقه يطرقن كل باب للعمل في الجامعات والمكاتب وتكاتفن من أجل تحقيق ذلك ، واعتبرن أنفسهن طليعات الحركه النسويه في حين أن العاملات من الطبقه الفقيره كن يملأن المصانع قبل منتصف القرن فما فعلوه نساء الطبقه المتوسطه كان علي خطي شقيقاتهن من الطبقه الفقيره .
فلا يمكننا ان ندمر شكل تنظيمي معين دون وضع قوانين جديده لتنظم الشكل الجديد للحياه ، فنحن نطالب بتحرر النساء ، كل النساء وليس ابناء طبقه معينه .