تقرير عن عرض قطف القاصرات ليس استعراضى وإنما تمثيل صامت



إيرينى سمير حكيم
2017 / 2 / 20

رغبة فى توثيق ماهية العرض المسرحى قطف القاصرات، والتكنيك الفنى الخاص به، نظرا إلى الالتباس الذى حدث فى تناول بعض الصحفيين للتعريف به كعرض فنى صامت، وادراجه ضمن عروض البانتومايم او الاستعراض، وبالرغم من التأكيد بتوضيح مباشر على طبيعة التصميم الفنى لهذا العمل كعرض "تمثيل صامت" فى التصريحات الدعائية الخاصة بالفريق ومخرجة العمل، الا انه مازال هناك تخبط لدى البعض فى توصيفه، نظرا لكونه حالة فنية جديدة يتم تقديمها، لذا لزم التنوية والتوثيق لهذه النقطة بالتحديد، والتى اتضح انها تستحق ان تُوَّضَح فى مقال خاص بها، يتحدث عن هذا التكنيك الجديد ويُعرَّف به وبالعمل، وعن اسباب ارتباط استخدام هذا التكنيك مع فكرة هذا العرض بالتحديد.

عرض يقوم فقط على التمثيل الصامت
***********************

فى تصميمى لعرض يتحدث عن حياة فتاة قاصر تتعرض هى وعائلتها وحبها البرئ الى الظلم، من قبل احد كبار القرية سنا وغِنى، فقد لجأت لحيلة تعبيرية جديدة فى خصوصيتها فى المسرح الصامت، وهى التمثيل على الموسيقى بأداء تعبيرى تمثيلى فقط طوال العرض، ولتبسيط التعريف التخيلى لمن لم يشاهد العمل، فأشبهه بالعمل السينمائى المُحوَّل إلى مقتطفات ومُقدَّم فى حالة درامية كتلك التى تكون فى فيديو كليب، وهذا التشبية للمقاربة فقط لا للمطابقة على الاطلاق، فهذا العمل كتنيك حركة ليس له اى علاقة بفن البانتومايم او الاستعراضات، فقد صُمم كتمثيل صامت عن كلام الممثل، بينما صارخ فى تعبيراته، سواء تلك التى فى وجهه او فى التحركات العادية لجسمه فى التمثيل.

ويكمن اختلافه عن التمثيل العادى فى أن كل حركة وتعبير محسوب بدقة على كل نغمة تحملها الموسيقى المُصاحِبة للمشهد، ولقد تعمدت البعد تماما عن التعبير بالرقص او الاستعراضات او البانتومايم، نظرا لبساطة وسهولة توظيف تلك التكنيكات الفنية فى التعبير الصامت على خشبة المسرح، اما الاكثر تعقيدا وتميزا هو ان الجأ الى حالة جديدة من الصمت، اوظِّف فيها امكانيات جديدة فى قدرات الممثل، بعيدة عن الإبهار المعتاد فى خلطة المسرح الصامت، مستغلة مبدأ السهل الممتنَع دراميا، حيث اخذت ألملم تعبيرات ملامح وتحركات جسد، لاجعلها تئن وتصرخ وتتحدث عن كل معانى المقاصد الكلامية المراد شرحها فى هذا العمل عن تلك القضية، لتتحدث بلا كلمة واحدة، وذلك بالوضوح السردى والتوجيه الرمزى كذلك، حتى أمزج بين موسيقى وتمثيل على خشبة تقدم التمثيل الصامت، إنما بوجهة نظر فنية جديدة تحمل تحدى لإعتيادية التقديم.

التعبير الموسيقى الجسدى ليس حكرا على الرقص
******************************

هذا ولكى اثبت أن بإمكان الموسيقى ان تمتزج بالتمثيل للتعبير الصامت، لا خلف كاميرا فقط انما امام المشاهد مباشرة فى المسرح.

ولأبرهن ثقتى بأن الموسيقى لا يصادقها الراقص فقط ليتعرف على ادق تفاصيلها، ويكشف خبايا مشاعرها بالامتزاج مع مشاعر جسده وحركات تعابيرها، انما يستطيع الممثل ايضا!.

فصرخة الجسد بالموسيقى فى وجه الصمت ليتحرر من كتمان الكلمات ليُعبِّر عن نفسه، لا تتوقف على الرقص فقط، بل على التمثيل كذلك، وبلا كلمة واحدة!، فقناعتى وسعيي هو اثبات ان كل عضلات الجسد بدءا من الوجه حتى باقى الجسم، بإمكانها ان تصادق كل نغمة فى الموسيقى للتعبير عما تبوح به تلك النغمة، فيخرج المتلقى بكلام كثير يقبع فى مرمى عميق دفين فى نفس روحه.

لماذا التمثيل الصامت للتعبير عن تلك القضية؟
****************************

اما عن اختيارى للتعبير الفنى هذا عن تلك القضية بالذات، فذلك لتعمدى التعبير المسرحى عن اشخاص هم عاجزين عن التعبير عن مشاكلهم فى الاساس ولا ينصت لأنينهم احد، وذلك بطريقة فنية تُهمش الكلام، ولا تُعبِّر عن دواخلها برقص ولا بايماءات بانتومايم، بل بتمثيل صريح يصرخ بتعابير وجه وجسد قوية لما بين سطور تلك النفوس المُتعَبة، والتى تحتاج الى انصاتنا لما تعجز عن البوح به او التصريح عنه، فتوَّجت العجز عن الكلام بعرض لا يبوح عنهن بالكلام، ولا يرقص ولا يشير بالحركات، بل نؤدى افعالهن ونعبر عن احاسيسهن فى يومياتهن، وليس هن فقط بل نجسد تفاصيل امثلة اخرى عن كل مظلوم قاصر عن حماية حقوقه، صائمين عن الكلام مثلهم جميعا، فلابد ان نكون على ذات الشبه إن كنا نريد أن ندافع عن احدهم.

فالخَرَس ليس فقط ما يصاحب الصم والبكم فى الجسد، انما يصاحب ايضا كل من لا يستطيع التعبير عن دواخله، وتماشيا مع هذا وذاك اعمل منذ تأسيس فريقي YouSPEAK على تجهيز العروض التى اقدمها بتكنيك صامت عموما سواء مثل هذا او فى صورة تعبير حركى او راقص، أن تكون مؤهلة لمخاطبة الصم والبكم من المشاهدين، واستهدفهم بشكل رئيسي جنبا إلى جنب ممن هم مستهدفين فى القضية التى اتناولها فى العمل ذاته.


التغيير يبدأ من مخاطبة العقل الباطن
**********************

اننى على قناعة كبيرة من ان التغيير يبدأ فى المجتمع من خلال المسرح عن طريق مخاطبة العقل الباطن للمُشاهد بطريقة كبيرة وموجهة بدقة الى جانب مخاطبة العقل الواعى، لذا فى تصميمى وتنفيذى للعروض الصامتة بمختلف انواعها، اتقصد العقل الباطن الذى يقوم بالنصيب الأكبر من عملية التفكير، وهذا ما يتفق عليه الخبراء النفسيون، وهو الجانب من العقل الذى يتعامل بالصور والعواطف، وهذا ما اركز عليه فى التكوينات الشكلية فى ذلك النوع من الاعمال الفنية الصامتة التى اقدمها، حيث توفير انطباعات خاصة برمزيات وتفاعلات انفعالية خاصة بين المُشاهد والممثل، وذلك بهدف مواجهة الخزين السلبي المتراكم فى ذهن المشاهد بداخل عقله الباطن لعادات وسلوكيات وانطباعات نفسية خاطئة تخص الانطباع والتفكير والتعامل مع ظواهر تلك القضية التى اناقشها، وذلك ليتم احلال هذا الخزين النفسي بسلبياته بتاثير نفسي جديد ايجابي يخص خدمة تلك القضية اجتماعيا، حتى ينظر لها المشاهد ويتعامل معها بما تأثر به فى العمل الذى قدم له، وانا احاول ان اتطرق لها بحلول ايجابية فنيا، لها مذاقها الابداعى الخاص، بالعمل على تعديل فكر وسلوك المتفرج.

قُدِّم هذا العرض مع رؤية موسيقية فى مزيج من الحان الموسيقار بليغ حمدى والموسيقار ياسر عبد الرحمن، ومعهما ابداعات لفنانين جدُد من بينهم الفنانة دينا الوديدى، للتعبير عن تلك القضية بروح الصعيد فى مزج فنى جديد يصل مشاعر فن قديم بحديث، ليعطى للمشاهد انطباعا جديدا فى التأثير يتناسب مع الجديد من الاسلوب المستخدم فى تصميم العمل.

العمل قصة وتصميم واخراج إيرينى سمير، قدمه فريق YouSpeak فى 2 ابريل و29 يوليو 2016 على مسرح مكتبة الجديدة.

تنبية هام
*****
هذا التقرير تم تحويله لتقرير مقرؤ ومرئي بمشاهد مصورة من العرض.

للمشاهدة على الفيسبوك
https://www.facebook.com/ARES4EROS/videos/vb.676897835779586/1018302198305813/?type=2&theater

وللمشاهدة بكواليتى افضل على اليوتيوب
https://www.youtube.com/watch?v=x82KuRi7AT0

*****************
لينك ايفنت العرض على الفيسبوك للتواصل
https://www.facebook.com/events/201225130275849/

وصفحتى الخاصة بكتاباتى وأعمالى الفنية على الفيسبوك
Ereiny Samir Writings and Artworks Page
https://www.facebook.com/Ereiny-Samir-Writings-and-Artworks-Page-676897835779586/?fref=ts

وصفحة الفريق
YouSpeak Team
https://www.facebook.com/YouSpeak-Team-1051194524908666/