تعدد الزوجات



علاء رحم
2017 / 3 / 18

أن الإنسانية مع تطورها التاريخي، تتجه من التعددية الزوجية إلى الواحدية الزوجية…
الحقيقة التاريخية هي أن التعددية الزوجية كانت شائعة، وهي الأساس في العلاقات الجنسية والاجتماعية، ابتداء من الشعوب البدائية، حيث أنها ظاهرة انتقلت من الحالة البهيمية إلى الإنسان. وقد بدأت الأنسنة الجنسية بظهور محارم النكاح، حيث عند البهائم لا يوجد محارم نكاح، فقد بدأت محارم النكاح بالأم ثم مع مرور الزمن أضيفت البنت ثم الأخت، حتى بلغت (14) محرمة في التنزيل الحكيم. وكلما كبر عدد محارم النكاح زاد الإنسان بعداً عن المملكة الحيوانية.

وقد بدأ المجتمع الإنساني أول ما بدأ بحرمة نكاح الأم، فكان هناك مجتمع الأمومة، أي أن الأولاد يعرفون أمهاتهم ولا ينكحوهن بعد النضج الجنسي، أي أن الأم هي المعروفة في العائلة، وهي رأس هذه العائلة بغض النظر عن عدد الرجال الذين ينكحونها. وقد بقيت آثار هذه الظاهرة التي تجذرت من مجتمع الأمومة في المجتمع العربي إبان البعثة النبوية بظاهرة نكاح السفاح، حيث تعاشر المرأة أكثر من رجل وتحمل وتضع وليدها، وهي تحدد الأب. هذه بقايا قديمة جداً لمجتمع غارق في القدم. وألغيت تماماً بالبعثة النبوية.

وبعد زيادة عدد محارم النكاح، وظهور مفهوم الزنا، انقلبت الآية وأصبح الأولاد ينسبون إلى أبيهم لتبيان إلغاء كامل لمجتمع الأمومة. فالبهائم تنسب إلى أمهاتها، والإنسان ينسب إلى أبيه. وفاقد الأم من البهائم هو اليتيم، وفاقد الأب في الإنسان هو اليتيم.

هذه الظاهرة هي ارتقاء إنساني، وبُعد عن المملكة الحيوانية، حتى أنه في ثقافات أخرى تنسب الزوجة إلى زوجها والأولاد إلى أبيهم. أما في ثقافتنا فالأولاد ينسبون إلى أبيهم، والزوجة لا تنسب إلى زوجها، وهذه من تأثيرات مجتمع الأمومة.

ومن الانتقال إلى مجتمع الأبوة الذكوري، ظهرت التعددية الزوجية عند الذكور، وأصبحت الأسرة ذكورية، وهذه الظاهرة عامة خلال التطور التاريخي الإنساني بعد مرحلة مجتمع الأمومة.
وتشاهد هذه الظاهرة بشكل جلي في المجتمع العربي عند البعثة النبوية وقبلها وبعدها. فعدد زوجات العشرة المبشرين بالجنة خلال حياتهم هو تسعون زوجة أي بمعدل تسع زوجات للواحد وكانت التعددية الزوجية أمراً طبيعياً جداً ومقبولة اجتماعياً في عهد الصحابة، أما حين اكتفي بأربعة فيعتبر هذا تقدماً تاريخياً ..
وعلى ذلك كلما وجدت مجتمع يحاول البقاء على ثقافة المجتمع الذكوري ، هو اقرب لمملكة الحيوانية
وكلما كبر عدد محارم النكاح زاد الإنسان بعداً عن المملكة الحيوانية.