ملاحظات حول الدعارة في ظل النظام الاستبدادي



محسين الشهباني
2017 / 4 / 13

ملاحظات حول الدعارة في ظل النظام الاستبدادي
بقلم: محسين الشهباني
يبقى عدم احراز المراة لحريتها الاقتصاديية وتعرضها للاضطهاد الاجتماعي الذي يسعى الى التجهيل والامية داخل العائلة البرجوازي-الاقطاعي مع سيادة تقاليد رجعية اكبر مساعد على انتشار الدعارة .فالداعرة والمومس وبائعة الهوى وبائعة الجنس وبائعة الجسد كلها تدل على المراة التي تبيع جسدها بالمقابل سواء في الماخورات او دور الدعارة او بالحانات او في الشارع العام وهي اقدم مهنة في التاريخ وتقوم توكل اليهم مهام التجسس او العمل مع جهات معينة باعتبارهن يمتلكن قاعدة بيانات لمعطيات ومعلومات يتم استقائها من الزبائن خاصة اثناء السكر (اغلب العصابات التي يتم الامساك بها تكون عن طريق تعاون العاهرات مع الاجهزة القمعية باعتبارها زبونة دائمة ويتم الاستعانة بهن للايقاع بالمبحوث عنهم او مراقبتهم عبر مدهم بالتقارير ) لان التي تبيع جسدها قابلة لان تبيع اي شيء بالمقابل . كما ساهمت هذه المهنة في اعمار المناطق النائية اثناء تعميرها دون اغفال تمركزهم في الغالب بالقرب من التكنات العسكرية او المناجم وتجمعات العمال .واضيف ان سياسة النظام تقوم بزرع هذه الفئات بالمناطق التي عرفت انتفاضات ومعرضة قوية حتى يرتبط اسم تلك المنطقة بالدعارة يصبح الانتساب اليها وصمة عار من جهة وتكسير ما يسمى بالشرف والانفة لدى تلك المناطق .ناهيك عن المداخيل الهامة التي تدرها ولا يمكن ضبطها وتساهم في الاقتصاد بشكل مهم الا انهم يغلفونها بمداخيل السياحة والخدمات في حين الاقتصاد مبني على السياحة الجنسية وعلى الدعارة بترودولار .
الا ان هذا المفهوم اصبح ملتبسا في زمننا هذا حتى العاملة الموظفة الطالبة المياومة تسعى الى اضافة مدخول اضافي الى راتبها عبر امتهان الدعارة بطريقة غير مباشرة تحت عدة مبررات من قبيل ربط العلاقات في الحين المحدد الاساسي هو المقابل المادي يتجاوز ممارسة حقها الطبيعي لهذه الفئة وهذا ينطبق على منادلات اخر الزمن الذي اصبح التحرر مدخلا للداعرة وهنا لا يمكن ان نستثنى انصار حجابي عفتي بدورهن من الامر مدام ان القماش فوق الراس كفيل لجعلها تتحرك بليونة اكثر مدامت تخضع ظاهريا لقوانين والاعراف المجتمعية وما خفي اعظم مدام ذاك القماش مقرون بالعفة والطهرانية غير ان هذا لايعني ان هناك علاقات مبنية على اسس متينة بعيدة عن الاستغلال المزدوج او استحضار ماهو مادي فيها .
الملاحظة الاساسية ان هذه الظاهرة اقتران التحرر بالدعارة هي سياسة جديدة قديمة لتمييع المشهد السياسي والنضالي كما فعل النظام مع المناطق هاهو يعيدها بطريقة اخرى مع المجموعات والفئات المناضلة لتشويههم وهو في كل مرة يلعب نفس الورقة الشرف والنظرة الاحتقارية لعمل العاهرة واستثمارها في كل هذا .
وقد استغلتها بعض التنظيمات اليسراوية للاستقطاب من خلال نشر افكار من قبيل مشاعة الجنس والتحرر واختزال الانتماء الى اليسار في شرب الخمر والجنس وهو ماتجده في كل المناسبات والتظاهرات التي يقومون بها للاستقطاب الشباب وتربيتهم في هذا المستوى بعيد عن الفكر مدام الكم والولاء هو المحدد للانتماء لتلك التنظيمات والحصول بعدها على بطاقة العضوية والدفاع عن اي منخرط على هذه الشاكلة وهم بدالك يعيدون انتاج الدعارة بشكل اخر وبرؤية تبريرية الغرض منها ايجاد اتباع واستعمالهن في الاستقطاب مدام المجتمع يعاني نقص من هذه الناحية ليتم توظيفهم في الادرع والحركات الموازية .
ولا يمكن فهم كل هذا بعيدا عن انتشار البطالة وقلة فرص الشغل وانخفاض الدخل الذي لايساير ارتفاع الاسعار وانشار العزوبة بشكل مهول لما قامت به مدونة الاسرة من رفع نسبة الطلاق لعدم انسجام القوانين الرجعية مع بنيات المجتمع وخصوصياته الاجتماعية والاقتصادية وعدم مسايرة التطورات
"...فمن بين هؤلاء النسوة يجند الرأسمال عاملات في المنازل مستعدات للقيام باعمال (( اضافية )) باجور فاحشة الانخفاض لكي يتمكن من الحصول على قطعة خبز لهن ولعائلاتهن. ومن بين هؤلاء النسوة يحصل الراسماليون في كافة البلاد ( وهم يشبهون في ذلك اسياد العبيد في العصور القديمة واقطاعيي القرون الوسطى ) على العدد الذي يشاؤونه من السراري بابخس ثمن . ان اي ( استنكار اخلاقي ) للدعارة ( وهو نفاق في 99% من الحالات ) لايمكن ان يعمل شيئا ضد المتاجرة بجسم المرأة : فما دامت العبودية المأجورة موجودة فان الدعارة تبقى بشكل لا محيد عنه . ان الطبقات المضطهدة والمظلومة في تاريخ المجتمعات البشرية كانت دائما مجبرة ( وهنا يكمن الاستثمار ) على تقديم العمل غير المأجور للمضطهدين اولا وتقديم نسائهم ليكن سراري (( للاسياد ))
ان الرق والاقطاع ، والراسمالية متشابهة في هذا المضمار ، لا يتبدل منها الا شكل الاستثمار ، اما الاستثمار نفسه فيبقى..."
مقتطفات من كتاب : لينين ، حول تحرير المرأة ، تعريب زينب نبوة ، اصدار دار الجماهير ، 1970