اعدام الشرف



فراس عوض
2017 / 4 / 16


ليس لاحد الحق بسلب حياة انسان آخر ،مهما كانت علاقته به ومهما كانت دوافعه، القتل من اجل ما يسمى الشرف هو قتل الشرف ذاته، لا شرف بالقتل، يكفينا ادانات فارغة لا تغير شيئ في واقعنا المعاش بعسر مع هذه الجرائم التي عادة ما يكون 90 % من ضحاياها بريئات اصلا مما اتهمن به ، وثلثهن طفلات قاصرات ايضا، بل قتلهن كان لمجرد اعتقاد او شك في نفس الجاني تجاه سلوك المقتولة، وغالبا ما تكون اعتقادات غير صحيحة وغير مثبتة، لمجرد رسالة او مكالمة هاتفية.
اي شرف هذا الذي يختزل بجسد الانثى دون الرجل، واين الشرف من الرجل ! الشرف قيم سامية عند الجنسين رجلا كان ام امرأة ولا يختزل بجسد الانثى فقط، الانثى ليست شرف الرجل ولا شرف انثى اخرى، شرفها ملكها وهي مسؤولة عنه وشيئ يخصهأ وحدها، كونها انسان بالغ راشد عاقل ناضج مستقل، فكيف تقتل ومن اعطى الحق لاي ذكر بقتلها ومن قرر هذا القتل سوى تقاليد لا دينية ولا انسانية ولا شرعية ولا منطقية ولا علمية، فقط جهل وتخلف..قتل باسم ايديولوجيا مشوهة مهترئة وبالية، الدين والانسانية بريئة منها، هكذا ، اعدامات ميدانية، باسم الشرف وباسم الله، يرتكبها مواطن ضد آخر في وضح النهار بتواطئ ومباركة مجتمع متآمر على المرأة وعلى جسد المرأة، مجتمع يطالب بالحرية، لكن هذه الحرية لطرف واحد، كالحب من طرف واحد، حب مشوه بلأ قيمة، حرية للرجل وحده، وديموقراطية للرجل وحده، مجتمع يطالب بعدالة، وفي الآن ذاته يرى المرأة شيئ آخر، تابعة للرجل ، اقل وادنى مكانة، وناقصة عقل ، ويبارك قتلها من اخيها وابيها وزوجها ، فقط لانها امرأة، مختلفة بيولوجيا بتركيبة اعضائها الجسدية، لم يعترف بعد انهأ انسانة كاملة لها ما لها وعليها ما عليها، انسانة بالغة عاقلة ناضجة ليست تابع ولا تحت وصاية ذكر ،هكذا يظلم القانون والمجتمع على حد سواء المرأة، فيجعل من كلمة شرف رخصة للقتل، وهكذا، المقتولة هي الجاني والمجني عليه، حتى لو كانت طفلة،و حتى لو تم اغتصابها وحتى لو كانت بريئة، وحتى لو قتلت لسبب لا علاقة له بالشرف كالميراث، فالقاتل يفلت من العقاب ، فقط لانه ذكر، انحازت القوانين له في مجتمع ذكوري يرى شرفه في اغشية وزوائد لحمية لا وظيفة بيولوجية لها ، واسقط عليها معاني العفة والطهارة والصقها بجسد المرأة وجعل هذا الجسد امتدادا لجسده وجسد العائلة وجسد العشيره لينصب كل واحد منهم نفسه وصيا على هذا الجسد يمنحه حق الحياة متى شاء ويسلب منه هذا الحق متى شاء، اما جسد وعهر الرجل يتم الاحتفاء به في مجتمع المساواة والعدالة المتناقض قولا وفعلا وتفكيرا، يحتفى بغزواته وانتصارته الجنسية، واما المرأة فتقتل وتصلب وتلعن.
ان الشرف يسلب بالقتل، يسلب بازدراء الانثى، يسلب بالنظر اليها فقط ‎كقطعة لحم جاهزة للنهم، الشرف يسلب باللحظة التي يظن الذكر بها نفسه اعلى واجل مكانة من الانثى، يسلب الشرف عندما نحرم المرأة من ان تملك قرارها وجسدها وعقلها وحياتها وان تقرر مصيرها، بنفسها، تماما كالرجل.
لا شرف لقاتل، والعار لا يمحى بالقتل، بالقتل يبقى العار ويموت الشرف. هكذا حال الانثى في وطني، و هكذا لسان حالها يقول للذكورة للبائسة: "ذبحتونا بشرفكم" ..يقول :" انا مش شرفك" ..يقول: "شرفي في عقلي وليس بين ساقاي" ..ولسان حال ثقافتنا البالية يقول: لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ..حتى يراق على جوانبه الدم..ولسان حال المرأة يقول: انا انسانة، انا لست انت، ولا نصفك الآخر، ولا امتدادك ، انا، هو انا في مكان آخر.